الإيمان الأرثوذكسي في طبيعة السيد المسيح
من كلمة ألقيت في المؤتمر العالمي في القدس القديمة في أبريل 1959
للمتنيح الأنبا غريغوريوس
إن الإيمان الأرثوذكسي كما نعترف به في كنيستنا هو أن ربنا يسوع المسيح كامل في لاهوته, وكامل في ناسوته, ومع ذلك لانجرؤ علي القول إنه إله وإنسان معا. لأن هذا التعبير ينطوي علي معني الانفصال بين اللاهوت والناسوت.وإنما نقول بالحري أنهالإله المتجسدفاللاهوت والناسوت متحدان فيه اتحادا تاما في الجوهر,وفي الأقنوم , وفي الطبيعة. ليس هناك انفصال أو افتراق بين اللاهوت والناسوت في ربنا يسوع المسيح. بل أنه منذ اللحظة التي حل كلمة الله في رحم السيدة العذراء, اتخذ الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس, من دمها, أي من دم العذراء,جسدا بشريا ذا نفس إنسانية ناطقة عاقلة, واتحد بالناسوت الذي أخذه من القديسة مريم العذراء.فالمولود من القديسة مريم, إذن, هو الإله المتجسد, جوهر واحد, شخص واحد, أقنوم واحد, طبيعة واحدة, أو قل هو طبيعة واحدة من طبيعتين, وبعبارة أخري يمكن أن نتكلم عن طبيعتين من قبل أن يتم الاتحاد, أما بعد الاتحاد فهناك طبيعة واحدة لها صفات وخصائص الطبيعتين.
وعلي ذلك فالاتحاد الذي تقول به الكنائس الأرثوذكسية التي لا تعترف بمجمع خلقيدونية يختلف اختلافا حوهريا وأساسيا عن نوع الاتحاد الذي يقول به يوطيخا.
يقول يوطيخا إن ربنا يسوع المسيح طبيعة واحدة, ولكن علي أساس أن ناموس المسيح قد تلاشي تماما في لاهوته,اختلط به وانعدم فيه,مثله مثل نقطة الخل عندما تختلط بالمحيط فيوطيخا ينكر في الحقيقة ناسوت السيد المسيح إنكارا تاما.
وتقول الكنائس الأرثوذكسية التي لا تعترف بمجمع خلقيدونية, بأن السيد المسيح طبيعة واحدة تجتمع فيها الصفات والخصائص الإنسانية أو الناسوتية وجميع الصفات والخصائص اللاهوتية, بدون اختلاط, وبدون تغيير.وهذا هو الإيمان الذي يجهر به الكاهن في القداس القبطي عندما يتلو الاعتراف الأخير وهو يحمل الصينية المقدسة علي يديه, قائلا:آمين, آمين, آمين. أؤمن. أؤمن, وأعترف إلي النفس الأخير أن هذا هو الجسد المحيي الذي أخذه ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح,(أخذه)من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الإله القديسة مريم, وجعله واحدا مع لاهوته بغير اختلاط, ولا امتزاج, ولاتغيير....
بالحقيقة أؤمن أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة أو طرفة عين.
وعلي ذلك فصفات اللاهوت باقية, وصفات الناسوت باقية, ولكن في طبيعة واحدة.
المسيح إذن من طبيعتين, ليس هو طبيعتين بعد الاتحاد, كما يقول البابا ديوسقورس.فلا اللاهوت امتزج بالناسوت ولا اختلط به, ولا استحال أحدهما إلي الآخر. إنما اللاهوت والناسوت قد اتحدا. ليس من قبيل الاجتماع أو المصاحبة, ولكنه اتحاد بالمعني الحقيقي لكلمة اتحاد, وإذا كان اللاهوت والناسوت قد اتحدا فقد صارا واحدا, ولا مجال للقول بعد ذلك إن هناك طبيعتين, وإلا فلا يكون الاتحاد صحيحا أو حقيقيا.
ولكن كيف صار هذا الاتحاد, أو كيف يكون لطبيعة السيد المسيح الواحدة صفات اللاهوت وصفات الناسوت معا بدون اختلاص وبدون امتزاج وبدون تغيير؟أو كيف يكون للسيد المسيح صفات الطبيعتين ولا تكون له الطبيعتان؟هذا ما لا نعرف.إنه من الأسرار الإلهية, لا يمكن أن نفهمه أو نعيه أو نحتويه في عقولنا.من هنا سمي في الاصطلاح الكنسي بسر التجسد الإلهي فنحن نؤمن بنوع من الاتحاد يفوق كل فهم بشري وكل تصور.
قد تكون فيها ما يتعارض مع قوانين العقل والمنطق والحس والمادة والمصطلحات الفلسفية.كل عذا قد يكون صحيحا,ولكننا هنا في الشرق لا نسأل كيف؟ولماذا؟ ولكننا نصدق ونؤمن بتجربة باطنية روحية صوفية عالية علي كل منطق وعقل أن هذا أمر ممكن, ذلك لأن الله أراده, وإذا أراد الله شيئا فهو ممكن, وحتي لو كان هذا غير معقول للعقل المادي فإنه معقول للعقل الروحاني الذي لا يعرف لقدرة الله حدودا وهذا هو الإيمان الذي بلا فحص الذي يصرخ من أجله الكاهن القبطي في خدمة القداس الإلهي.
قد نتكلم أحيانا عن الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية, لكن هذه التفرقة تفرقة ذهنية بحتة لا وجود لها في الواقع بالنسبة للسيد المسيح, الإله المتأنس. ذلك أنه لم يحدث بتاتا أن الناسوت واللاهوت كانا منفصلين أو مفترقين في الخارج ثم اتحد معا بعد ذلك.إن ما حدث هو هذا:أن الأقنوم الثاني من اللاهوت القدوس نزل وحل في أحشاء البتول مريم, وأخذ من لحمها ودمها جسدا ذا نفس إنسانية ناطقة عاقلة.
ولهذا أشار القديس يوحنا الإنجيلي بصريح العبارة والكلمة اتخذ جسدا(يوحنا1:14).
وليست هناك لفظة أقوي دلالة علي الاتحاد الحقيقي الكامل من كلمة اتخذ. أليست هذه الآية وحدها تدل دلالة قاطعة علي أن المولود من مريم طبيعة واحدة, هي طبيعة الإله المتجسد؟ ولو كان هناك معني آخر, لما استعمل الوحي الإلهي كلمة اتخذ.فليست هناك إذن ثنائية في طبيعة السيد المسيح, بل طبيعة واحدة وهذا برهان واضح علي صحة التعبير الذي تتمسك به الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية:أن هناك طبيعة واحدة للكلمة المتجسد أو للكلمة متجسدة.
والاتحاد بين اللاهوت والناسوت في السيد المسيح يمكن تشبيهه بالاتحاد القائم بين النفس والبدن.فعلي الرغم من أن للنفس طبيعة مغايرة في صفاتها وميزاتها لطبيعة الجسم, لكننا نري أن الإنسان طبيعة واحدة هي التي نسميها بالطبيعة البشرية التي تجمع بين صفات روحانية وصفات مادية معا.
ومع ذلك فهذا التشبيه ناقص لأن النفس تنفصل عن البدن بالموت. أما اللاتحاد القائم بين اللاهوت والناسوت فغير قابل للانفصال أو المفارقة لحظة واحدة أو طرفة عين. وقد يشبه الاتحاد بين اللاهوت والناسوت بالاتحاد القائم بين الفحم والنار, في جمرة الفحم.ففي الجمرة صفات الإضاءة والإحراق, وفيها صفات المادية من كتلة ووزن وحجم...إلخ.
ومع ذلك فهذه المشابهات جميعها ناقصة ومعيبة. ولا يمكن مقارنتها بالاتحاد القائم بين اللاهوت والناسوت. إنه سر لا يعبر عنه, يفوق العقول والأفهام البشرية.
ومرة أخري نكرر القول إننا نؤمن بطبيعة واحدة. هذه الطبيعة ليست هي اللاهوت وحده, وليست هي الناسوت وحده. إنها طبيعة واحدة لها صفات وخصائص الطبيعتين معا, وبدون اختلاط وبدون امتزاج وبدون تغيير.
أما بعد فيبدو أن الخلاف بين الكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية والكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية, مجرد خلاف في التعبير, ذلك لأن كل فريق يقر بالاتحاد بين اللاهوت والناسوت. وإني أري أن هذا صحيح إلي حد بعيد, وأن الخلاف بين الفريقين هو خلاف في الحقيقة علي التعبير الصحيح الذي ينبغي أن يعبر به المسيحيون عن إيمانهم بحقيقة الاتحاد القائم بين اللاهوت والناسوت.
ومع ذلك فلكنيستنا المرقسية الأرثوذكسية وللكنائس الأرثوذكسية الأخري التي لا تقر بقانونية مجمع خلقيدونية أسباب تحدوها إلي أن تتمسك بالتعبيرطبيعة واحدة للكلمة المتجسد.
أوطبيعة واحدة من طبيعتين أوطبيعة واحدة لها صفات وخصائص الطبيعتين بدون اختلاط لا امتزاج ولا تغيير وهي الأسباب عينها التي ترفض من أجلها الإقرار بتعبير الغربيينطبيعتان متحدتان.
هذه الأسباب يمكن تلخيصها في النقاط الآتية:
أولا- ليس هناك نص إنجيلي واحد يدل بوضوح علي أن للسيد المسيح طبيعتين بعد الاتحاد علي العكس تماما فإن هذه النصوص المقدسة تساند التعبيرطبيعة واحدة لها صفات وخواص الطبيعتين ونحن هنا نكتفي بإيراد بعض هذه النصوص علي سبيل المثال فقط:
قال يوحنا الإنجيلي والكلمة اتخذ جسدا وهو تعبير كما رأينا يدل علي الوحدة ولا يدل علي الاثنينية في طبيعة السيد المسيح.
جاء في سفر الرؤيا قول السيد عن نفسه أنا هو الأول والآخر, والحي قد كنت ميتا, وها أنا حي إلي دهر الدهور, ولي مفاتيح الموت والجحيم (الرؤيا1:17, 18). وهنا نلاحظ أن الضمير أنا في هذه الفقرة لا يدل أبدا علي الاثنينية, وإنما يدل بالحري علي الاتحاد الحقيقي, والطبيعة الواحدة فالسيد المسيح هو بعينه الأول والآخر, وهو بعينه الحي. الذي كان ميتا.
وهذا المعني عينه يتضح أيضا من قول السيد المسيح نفسه في إنجيل يوحنا ولم يصعد أحد إلي السماء إلا ذاك الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء(يوحنا3:13).
فهو إذن بعينه في السماء, وهو بعينه علي الأرض, وهو ابن الله وابن الإنسان. هنا إذن هوية ووحدانية, وليست هنا رائحة الاثنينية, وإنما هو جوهر واحد, وأقنوم واحد, وطبيعة واحدة.
ويقول القديس بولس في حديثه إلي الكهنة الذين اجتمعوا إليه في مدينة أفسساحترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه(أعمال20:28).
فكيف أمكن للقديس بولس الرسول أن يقول عن الدم الذي افتديت به الكنيسة أنه دم الله نفسه إذا كانت هناك ثنائية في طبيعة السيد المسيح بأي معني من المعاني؟
والرسول بولس نفسه يقرر أيضا في رسالته الأولي إلي كنيسة الله التي في كورنثوس قائلا:لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد (1كورنثوس 2:8).
وعلي ذلك فالمخلص المصلوب هو رب المجد نفسه.مرة أخري ليس هنا ثنائية في الطبيعتين. وليست هنا طبيعتان, وإنما هي طبيعة واحدة هي طبيعة الله المتجسد.
وهذه الحقيقة عينها تتضح من نصوص أخري كثيرة, منها ماورد في رسالة القديس بولس الأولي إلي تلميذه الأسقف تيموثيئوسعظيم هو سر التقوي الله ظهر في الجسد (1تيموثيئوس 3:16). المسيح يسوع...الذي إذ هو الكائن في صورة الله لم يحسب مساواته لله خلسة أو غنيمة له. لكنه تخلي عن مجده واتخذ صورة العبد وصار في شبه البشر, وظهر بهيئة إنسان, وضع نفسه وأطاع حتي الموت, الموت علي الصليب (فيلبي2:6-8).
وهناك فقرات أخري كثيرة تؤيد القول بالطبيعة الواحدة نذكر منها(متي3:17) ,(لوقا 1:44),(يوحنا 1:18), (يوحنا3:16), (يوحنا 8:58), (1كورنثوس8:6), (1كورنثوس10:4, 9), (غلاطية4:4), (أفسس4:8-11),(كولوسي 1:15, 16), (كولوسي2:9), (تيطس3:13), (عبرانيين 1:1-3), (عبرانيين 2:9, 10), (عبرانيين 13:8).
ثانيا-إن التعبير القائل بطبيعتين متحدين للسيد المسيح- وهو التعبير الذي تقول به الكنيسة الخلقيدونية-تعبير خطر لأنه يشتمل علي معان, أو علي الأقل علي احتمالات بمعان تتعارض مع حقائق ديانتنا المسيحية.
1-إنه يتضمن الثنائية في السيد المسيح. والثنائية نوع من الافتراق والانفصال بين لاهوت السيد المسيح وناسوته. وإلا فلماذا تصر الكنائس الخلقيدونية علي القول بطبيعتين متحدتين, ولا يقولون بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد؟!
2- إن تعبير الكنائس الخلقيدونية القائلبطبيعتين متحدتين يحمل التصريح أن هناك طبيعتين للسيد المسيح, كانتا مفترقتين ثم اجتمعتا معا. وهذا يفتح السبيل للمذهب النسطوري بعينه, وهو المذهب الذي ترفضه الكنائس الخلقيدونية, نفسها رفضا باتا, وتعتبره هرطقة فاسدة.
3-إن تعبير(الطبيعتين المتحدتين) تعبير هادم لقضية الفداء والخلاص الذي قام به السيد المسيح من أجل الجنس البشري.
لأنه إذا كانت للسيد المسيح طبيعتان بعد الاتحاد, فمن المنطقي أن عمل الفداء قام به جسد السيد المسيح, لأنه هو الذي وقع عليه الصلب. وعلي ذلك ففداء المسيح ليست له أي قوة علي خلاص الجنس البشري, إذ يكون الذي مات من أجل العالم هو إنسان فقط, مع أن الفداء يأخذ كل قيمته في أن الذي صلب عنا هو بعينه الكلمة المتجسد, حقا إن اللاهوت لم يتألم بآلام الصليب التي وقعت علي ناسوت المسيح, ولكن اللاهوت هو الذي أعطي فعل الصلب قيمته اللانهائية لفداء جميع أفراد النوع الإنساني.
إن التعبير طبيعة واحدة لها صفات وخصائص الطبيعتين تعبير سليم ينقذ قضية الفداء من الانهيار ,بينما أن القول بطبيعتين متحدتين يقبل الاحتمال بأن الصلب كان صلبا لجسد يسوع المسيح فقط, ولم يكن صلبا للمسيح باعتباره الإله المتجسد, وهذا يفقد الخلاص كل قيمته التي يتعلق عليها فداء الجنس البشري بأسره. وهو معني تعارضه كل نصوص الكتاب المقدس التي نتكلم عن الفداء.ولسنا في حاجة إلي أن نكرر مرة أخري ما قاله الرسول القديس بولس من أن الدم الذي سفك لافتداء البشرية هو دم الله عينه كنيسة الله التي افتداها بدمه(أعمال 20:28).
4- إن تعبير المتحدتين لا يستطيع أن يفسر اعتقاد الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية,في أن القديسة مريم والدة الإله.
لست أدري كيف يستطيع الكاثوليك والأرثوذكس الخلقيدونيون, أن يتقذوا أو يبرروا اعتقادهم في أن السيدة العذراء هي والدة الإله, إذا كانوا يصرون علي القول بأن للسيد المسيح طبيعتين متحدتين؟
أما التعبير القائل بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد, فهو وحده الذي يمكن أن يفسر الاعتقاد في أن العذراء والدة الإله, من حيث أن الذي ولد من مريم هو الإله المتجسد. ولو كان في المسيح طبيعتان لكانت العذراء والدة الإنسان يسوع فقط, ولا يصح تلقيبها بوالدة الإله, لأنها ليست أصلا للاهوت,فالقول بطبيعتين في المسيح يسلم إلي الاعتقاد النسطوري الذي يؤيدي البروتستانت بكافة نحلهم ومذاهبهم, وهو أن العذراء ليست والدة الإله, وإنما هي والدة الإنسان يسوع!!!
وبالإجمال فإن هذه هي أهم الأسباب التي من أجلها تتمسك الكنائس الأثوذكسية غير الخلقيدونية( وهي الكنيسة المرقسية الإسكندرية في مصر وأثيوبيا وكل أفريقيا وفي الأردن وفلسطين, والكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية) بالتعبير التقليدي طبيعة واحدة للكلمة المتجسد الذي قال به آباء الكنيسة من أمثال أثناسيوس الرسولي, والبابا كيرلس الأول الملقب بعمود الدين,وترفض القول بطبيعتين متحدتين.وهي الأسباب عينها التي تحدو هذه الكنائس غير الخلقيدونية إلي رفض الاعتراف برسالة أو طوموس ليون أسقف روما, وبتحديدات مجمع خلقيدونية, لأن كلا من تلك الرسالة وهذه التحديدات تشتمل علي القول صريحا بأن للسيد المسيح طبيعتين متحدتين,وهو التعبير الذي ينطوي علي احتمالات خطيرة من الوجهة اللاهوتية كما أسلفنا.
هذا هو الوضع اليوم. الوضع الصحيح للمشكلة القائمة بين القائلين بالطبيعة الواحدة والقائلين بالطبيعتين, وهي مشكلة التعبير الصحيح الذي يجب أن يعبر به المسيحيون عن اعتقادهم في لاهوت السيد المسيح وناسوته في نفس الوثت.
ولاشك أن الكنائس الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية التي تقر بمجمع خلقيدونية ليست نسطورية علي الإطلاق.كما أن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية القديمة التي لا تقر بمجمع خلقيدونية ليست بأوطاخية علي الإطلاق.
لذلك فإننا لم نفقد الأمل في أنه سيأتي إن شأن الله اليوم السعيد الذي يوفق فيه المسيحيون إلي التعبير الواحد الذي يترجم عن عقيدتهم في طبيعة السيد المسيح.
ولاشك في أننا في حاجة ماسة إلي مجمع مسكوني عام يضع صيغة هذا التعبير الموحد ولكن إلي أن تتحقق هذه الأمنية السعيدة يجب أن نرحب بالمؤتمرات, فإنها السبيل الوحيد بين اللاهوتيين في الوقت الحاضر لتقريب وجوه النظر, وتصحيح الأفكار الخاطئة التي يحملها الغرب علي الخصوص عن عقيدة الكنيسة المرقسية الإسكندرية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية القديمة وإتهامها بالأوطاخية ذلك الاتهام الظالم الذي ليس له علي الاطلاق سند من واقع.
فلنصل إلي الله من أعماق قلوبنا من أجل وحدة كنيسة المسيح, حتي يمكنها أن تحمل مشعل الحق الإلهي, وتكرز بإنجيل المسيح بغير عثرة, وتهدم صروح الشر, وتقاوم الإلحاد والمادية.
إن وحدة الكنيسة الجامعة الرسولية ليست فقط تطابق إرادة الله المقدسة,ولكنها الشرط الذي اشترطه السيد المسيح من أجل نشر رسالته بين غير المسيحيين لأنه يقولولست أسال من أجل هؤلاء(التلاميذ) فقط, بل أيضا من أجل الذين يؤمنون بي عن كلامهم,ليكونوا بأجمعهم واحدا كما أنك أنت أيها الآب في وأنا فيك, ليكونوا هم أيضا واحدا فينا حتي يؤمن العالم أنك أنت أرسلتني(يوحنا17:20, 21)