![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() تَتْمِيمُ الشَّريعَةِ وَالأَنبِياءِ إِنَّ فِكرَةَ المَسيحِ المُتَأَلِّم لَم تَكُنْ مُناقِضَةً لِإِعلانِ العَهدِ القَديم، بَل مُطابِقَةً تَمامًا لِشَهادَةِ الشَّريعَةِ وَالأَنبِياءِ الَّذينَ مَثَّلَهُم موسى وَإيليّا. فالنَّاموسُ وَالأَنبِياءُ قَد تَنَبَّأوا بِآلامِ السَّيِّدِ المَسيح، كَما جَاءَ في الإِنجِيل: "وبَدَأَ يَسوعُ مِن مُوسى وَجَميعِ الأَنبِياءِ يُفَسِّرُ لَهما في جَميعِ الكُتُبِ ما يَختَصُّ بِه" (لوقا ٢٤: ٢٧). آلامُ يَسوعَ كانَت بِمَشيئَةِ الآب، كَما أَعلَنَ أَشعيا: " هُوَذا عَبدِيَ الَّذي أَعضُدُه، مُختاريَ الَّذي رَضِيَت عَنهُ نَفسي"(أشعيا ٤٢: ١). فَما حَدَثَ على جَبَلِ طابور هُوَ امتِدادٌ جَديدٌ لِما حَدَثَ على جَبَلِ سِيناء، لَكِنَّهُ يَختَلِفُ في أَنَّ اللهَ صارَ مَنظورًا فِي شَخصِ يَسوعَ. موسى وإيليّا شَاهِدان. إِنَّ ظُهورَ مُوسى وَإيليّا مَعَ يَسوعَ هُوَ تَأييدٌ لِرسالَتِهِ بصفَتِهِ المَسيحَ الَّذي يُتَمِّمُ شَريعَةَ اللهِ وَأَقولَ الأَنبِياءِ وَوُعودَهُم النُّبُوِيَّة. موسى يُمَثِّلُ الشَّريعَة، وَقَد تَنَبَّأَ عَن مَجيءِ نَبِيٍّ عَظيم: "يُقيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِن بَينِكَ، مِن إِخوَتِكَ مِثلِي، فلَهُ تَسمَعون" (تثنية ١٨: ١٥). إيليّا يُمَثِّلُ الأَنبِياءَ، وَقَد أَعلَنُوا مَجيءَ المَسيح: "هاءَنَذا أُرسِلُ إِلَيكم إيليّا النَّبِيّ قَبلَ أَن يَأتيَ يَومُ الرَّبِّ العَظيمُ الرَّهِيب" (ملاخي ٤: ٥). وهَكَذا جاءَ مُوسى وَإيليّا نِيابَةً عَن رِجالِ العَهدِ القَديم، يُشارِكانِ رِجالَ العَهدِ الجَديد فَرحَهُم بِالمَسيحِ المُخلِّص الَّذي طالَ انتِظارُه. ويُعلِّقُ القدِّيسُ مار أفرام السُّرياني قائِلًا: "لقدِ امتلأَ الأَنبِياءُ بَهجَة، وأَيضًا التَّلامِيذُ بِصُعودِهِم عَلَى الجَبَل. فَرِحَ الأَنبِياءُ لأَنَّهُم شاهَدوا تَأنُّسَه، وابتهَجَ التَّلامِيذُ لأَنَّهُم رَأوا مَجدَ لاهُوتِه الَّذي لَم يَكونوا بَعدُ قَد عَرَفوه". كَمَا أَعطى صَوتُ اللهِ مِنَ الغَمامِ على جَبَلِ سِيناء السُّلطانَ لِلشَّريعَة (خُروج ١٩: ٩)، هكَذا أَضفى صَوتُ اللهِ على جَبَلِ التَّجَلِّي سُلطانًا على أَقولِ يَسوعَ: "هٰذا هُوَ ابنِيَ الحَبيبُ الَّذي عَنهُ رَضِيت، فلَهُ اسمَعوا" (متى ١٧: ٥). فَقَد دَلَّ الصَّوتُ السَّماوِيّ عَلَى أَنَّ يَسوعَ هُوَ الكَلِمَةُ بَينَ موسى وَإيليّا، الَّذي يَجِبُ أَن يَسمَعَهُ الشَّعبُ. وهُوَ الَّذي جاءَ لِيُكمِلَ عَمَلَ الشَّريعَة (موسى) وَالنُّبُوءَات (إيليّا)، فَيُنشِئَ عَهدًا جَديدًا، عَهدَ المَلكوت. وهكَذا أَكَّدَ ظُهورُ مُوسى أَعظَمِ المُشَرِّعين، وَإيليّا أَعظَمِ الأَنبِياءِ، وَسَماعُ صَوتِ الآبِ في التَّجَلِّي، أَنَّ يَسوعَ المَسيحَ يُحَقِّقُ التَّاريخَ وَيَكتَمِلُ التَّاريخُ فيه. إذن، التجلّي لم يكن مجرّد رؤية سماوية، بل كان إعلانًا أن المسيح هو ملء الشريعة والأنبياء، وبدايتهما ونهايتهما في آنٍ واحد، فهو العهد الجديد الحيّ الذي يفتح باب الملكوت. |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|