رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نرى الآن نعمان ينصاع لنصيحة النبي ويغطس سبع مرات في نهر الأردن. على أنه لم يمكث في هذا ”القبر“ بل بالحري خرج منه شخصًا جديدًا. إنه مثال عظيم لنا نحن المسيحيين، ذلك لأننا اختبرنا تجديدًا تامًا بعد أن لبسنا الإنسان الجديد. اذهب واغتسل في الأردن: لم يجد أليشع ضرورة لأن يتكلم إلى نعمان شخصيًا، وكانت لديه المبررات الكافية ليتصرف هكذا ـ كما سيتضح بعد قليل ـ ذلك لأن نعمان كان عليه أن يضع نفسه. كان ينبغي أن تنكسر كبرياؤه. لذلك، فإن النبي لم يخرج من منزله ليقابله، بل أرسل إليه رسولاً يحمل أمرًا محددًا: «اذهب واغتسل سبع مرات في الأردن» (ع 10). وأضاف الرسول الوعد في نفس الوقت: «فيرجع لحمك إليك وتطهر» نعم .. فقد كان البرص يسبب تآكل جسم الشخص المريض، ولذلك يقول: «فيرجع لحمك إليك». لم يقبل قائد جيش أرام القوي، الأمر، وفسّره على أنه إهانة شخصية له. لقد كان يتوقع علاجًا مختلفًا تمامًا، وصْفَة معقدة أو شيء من هذا القبيل. قد يكون بعض سحرة بلده قد وصف له مثلها (ع 11). كان نعمان بالتأكيد – من وجهة نظره على الأقل - يستحق معاملة وعلاجًا كريمين. فهو على أي حال لم يكن شخصًا عاديًا، فضلاً عن ذلك، فقد كان بمقدوره أن يكافئ أليشع بسخاء. أما الأمر: «اذهب واغتسل سبع مرات في الأردن»، فهو ليس أمرًا كريمًا. أ لم يكن نهرا دمشق الصافيين المتدفقين أبانه (أو أمانة) وفرفر، أفضل من نهر الأردن الضيق العكر؟ أ لم يكن بمقدوره أن يأخذ حمامًا في منزله؟ هكذا فكَّر نعمان في نفسه. إنه لم يكن يريد أن يخلع ثقته في أنهار دمشق ولا في آلهتها. فهو لم يدرك إلا متأخرًا بأنه لا يوجد إله في كل الأرض إلا في إسرائيل (ع15). كان على نعمان أن ينزل من مركبته العالية ويخلع ثيابه ويغطس في الأردن. وهكذا تخلى عن كبريائه، ثم أنه، بفعل هذا، لم يستمع فقط لالتماس عبيده، بل أيضًا صادق على أقوال رجل الله .. وهكذا .. أطاع الله غضب نعمان وشعر بالمهانة العميقة، حيث سُمع صوته يأمر قادة المركبات: للخلف دُر! عودوا من حيث أتينا! وهكذا تحركت القافلة إلى الشمال وانحدرت نزولاً على جبال السامرة. وربما في مكان راحة ليس بالبعيد عن نهر الأردن استجمع عبيد نعمان شجاعتهم وتقدموا إليه بنصيحة (ع 13) وبالإكرام والاحترام اللازمين دَعوه يا أبانا. ثم تقدموا إليه بنصيحة صائبة ومفيدة. لو أن نعمان قد أُمر أن يفعل شيئًا صعبًا، أ لم يكن ليعمله؟ أ لم يكن ليسخّر كل وسيلة ممكنة ليرجع إليه لحمه؟ ثم إن النبي على أي حال لم يُعطهِ سوى أمرًا بسيطًا: «اغتسل واطهر». لماذا إذًا لا يستمع إلى كلمات رجل الله البسيطة هذه؟ |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|