سألوا أحد المتظاهرين الغاضبين أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة احتجاجاً على الفيلم المسىء إلى سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام فى قناة الجزيرة مباشر الآتى: المذيع: لماذا أنت هنا؟ المتظاهر الغاضب: علشان «الدين المصرى». المذيع: هو فيه حاجة اسمها الدين المصرى؟ المتظاهر: معلش أصل بقالى 3 أيام سهران ومتضايق علشان الفيلم. المذيع: إنت شفت الفيلم؟ المتظاهر: لأ. أنا ما أشفش الكلام ده. المذيع: طيب إنت عاوز إيه من الرئيس مرسى؟ المتظاهر: علشان يثبت إنه ريس بحق وحقيق «يدى الأمريكان بالجزمة» والسفيرة الأمريكانية دى تخرج دلوقتى حالاً بره مصر وإحنا موش عاوزين أى حاجة من الدنيا! إلى هنا انتهى كلام الأخ المتظاهر الغاضب جداً لكرامته ودينه ورسوله، ولكن شدة الغضب وفداحة الخطأ لا تعنى بالضرورة صحة رد الفعل. الخطأ بل الخطيئة جسيمة، ولكن لا بد أن نعرف كيفية «إدارة رد الفعل» وهى أزمة كبرى لدى العقل الجمعى المصرى بشكل مستمر. أسهل شىء هو الكلام الشعبوى واتخاذ مجموعة من المواقف وإصدار مجموعة من البيانات التى تدغدغ مشاعر عامة الناس، لكنها فى النهاية لن تؤدى إلى تحقيق رد الفعل المطلوب. رد الفعل فى مثل هذه الحالة: هو إيجاد صيغة إدانة تؤدى للعقاب والاعتذار للذين تورطوا فى هذا العمل من خلال أدوات مجتمع دولة القانون فى الولايات المتحدة الأمريكية. ورد الفعل فى شقه الثانى هو التفكير فى إيجاد تشريع دولى يتعامل مع مسألة ازدراء الأديان، التى يمكن أن تعيد أجواء الحروب الصليبية والحروب الدينية مرة أخرى. الذى يفوت على عقل الذين يتظاهرون فى القاهرة وصنعاء وتونس وبغداد وباكستان ومدن وعواصم أخرى، هو أن ما حدث ليس من وحى أو تحريض أو تمويل أو تشجيع أو تنفيذ الإدارة الأمريكية من قريب أو بعيد. وأيضاً لا بد من تفهم أن آخر شىء يحتاجه أوباما الآن، وهو على بعد 5 أسابيع من انتخابات الرئاسة الأمريكية، هو التعامل مع «كارثة سياسية دينية» مثل أزمة الفيلم المسىء. الدستور الأمريكى والقانون العام منذ أكثر من 200 عام يعطيان الحق لأى مواطن، فى بنود عديدة، حق الإبداع الفنى وحق الاحتجاج والاعتراض على أى شىء وكل شىء، بما فيه حرق الإنجيل والعلم الأمريكى والاعتراض على القديسين والأنبياء والرسل، بمن فيهم سيدنا عيسى عليه السلام. هذا هو ثمن الحريات فى الدول الديمقراطية التى تصل فيه حدة المغالاة إلى التعدى على الثوابت من القيم. ولعل الدعوة التى أطلقها الأستاذ عصام سلطان لتبنى تشريع أُممى يمنع ويعاقب على ازدراء الأديان هو أكثر رد فعل عملى سمعت عنه منذ بدء هذه الأحداث. أما منطق ضرب الجميع بالجزمة.. فلا محل له من الإعراب!