رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ابراهيم عيسى يكتب عن جريمة قتل السفير الامريكى الأفلام المسيئة فى عرض مستمر ما يجرى حول السفارة الأمريكية فى مصر عنف مجنون. ستقول لى إنه غضب فى سبيل الله، وإنه دفاع عن سيدنا النبى صلى الله عليه وآله وسلم؟ وسأرد عليك: ومن قال إن أمريكا مسؤولة عن هذا الفيلم التافه كى نغضب ضدها؟ أمريكا فى الحقيقة ترتكب أشياء كثيرة تستحق غضبًا عاتيا فهى حليف إسرائيل وقاتلة الفلسطينيين وهى أيضاً تمول وتدعم وتنظم الحرب الأهلية فى سوريا مؤخرًا، ولكن الإخوة الذين يتظاهرون ضدها من أجل الفيلم لا يعارضون تمويلها ودعمها من أجل المجاهدين المسلمين فى سوريا ضد ديكتاتور دمشق!! ومع ذلك فإن أمريكا لا دخل لها بالفيلم المسىء، هى تملك أفلامًا أخرى فى السياسة والتجسس والاقتصاد أكثر إساءة، لكنها لا تتعامل مع أفلام الهواة الملاحيس!! وإذا كان الأمر أن مواطنين فى أمريكا عملوا هذه الجريمة العنصرية الكريهة، فيصبح من حق المصريين والعرب حصار وحرق وقتل سفراء أمريكا، فإن هذا يعنى ببساطة منح شرعية للأمريكان بضرب أفغانستان والحرب ضد العراق، على اعتبار أن عربا مسلمين هم الذين نفذوا تفجيرات 11 سبتمبر الإرهابية فى أمريكا. إذا كان الموضوع كده يعنى، فمن حق أمريكا أن تحاصر السفارة المصرية فى واشنطن وتشعل الشماريخ فيها وتُسقط علمنا هناك، لأن مواطنا مصريا اسمه محمد عطا شارك فى تخطيط وتنفيذ عملية قتل أكثر من ثلاثة آلاف أمريكى! أى جنون تقودنا إليه هذه التصرفات المدعية زورا وبهتانا أنها تدافع عن النبى، فقد أعطى المتنطعون والغلاة والمتطرفون أكبر سلاح لضرب سمعة وسماحة الإسلام التى يلح عليها شيوخه ودعاته فى مواجهة التطرف الغربى، فكيف يمكن إقناع مواطن أمريكى الآن بأن الإسلام دين السماحة والنبى نبى الرحمة، بينما يتم قتل سفير أمريكى وموظفين أمريكان لأن مواطنين عربا أمريكان أنتجوا فيلمًا رخيصًا وتافهًا يتهجمون فيه على نبى الإسلام؟ طيب ومال أم المواطن الأمريكى من الـ313 مليون أمريكى التانيين بالموضوع ده، لم يأت هؤلاء ناحيتنا ولم يمسونا بسوء فى هذا الموضوع، طبعا سوف تصرخ عقيرتك وتقول يا سلام، والذين قتلوهم فى العراق وأفغانستان وفلسطين، أقولك ساعتها وما دخل هذا بذلك؟ أنت تقف الآن تضرب وترمى قوات الشرطة المصرية بالنار والحجارة لأنها تمنعك عن الوصول إلى السفارة الأمريكية من أجل النبى وليس من أجل فلسطين؟ وانت فاكر حضرتك الآن ح تعمل إيه للنبى بهذا الانفعال العبثى؟ هل سترتعد فرائص أمريكا خوفًا؟ هل ستتوقف مئات الأفلام المسيئة عن الإنتاج والبث على اليوتيوب؟ هل ستعلن الخلافة فى واشنطن؟ هذا عبث لا يرضى عنه النبى لأنه لا يرضى عن المغفلين الذين يتم سوقهم كالأنعام فى معارك خاسرة مبددة للطاقة وللجهد. النبى يريد أن نكفيه المستهزئين، ليس بالصراخ والهتاف وتحطيم وتكسير ما تطوله أيادينا، بل بالعمل حتى نأكل مما نزرع، بالعلم حتى ننتج ما يقوينا ويكفينا، بالعقل حتى ننير العالم بمنجزاتنا، وبالعبادة الحقة والإيمان الصادق، وليس بالتنطع والتدين المغشوش، بالحجة والمنطق وبالقانون وبالمرافعة والمناظرة وبالإقناع للخصوم وللمتربصين وللمتفرجين! إن مما يؤسَف له أن المصريين هم أكثر الذين شاهدوا الفيلم المسىء على الإنترنت، ووصلت معدلات تحميله إلى نصف مليون مرة، بينما لم يشاهده مئة واحد فى أمريكا، ومع ذلك فقد وفر له حماسنا الغافل مشاهدات بالملايين، وبعدين هو فيه إيه أصلا إلا تفاهة وسفاهة لا تؤثر على طفل فى ابتدائى. لا يمكن أن يحولنا بعض المتطرفين من المزايدين من الإخوان المسلمين ومن المتشددين من السلفيين، ومن المتربصين من الإرهابيين ومن السذج من المواطنين العاديين إلى ما يشبه الرجل الأهوج الذى يستفزه العيال بالشتيمة وقذف الطوب فى الحارة، فيجرى وراءهم خارجًا عن وقاره واحترامه ويبادلهم البذاءات وقذف الطوب. المسلم عاقل يعرف كيف يعبر عن غضبه بقوة وبحدة من غير إرهاب ولا تطرف ويوجهه فى الطريق الصحيح. المسلم لا يلطش فى أى حد وأى حاجة كى يخفف من غضبه. إن ما يجرى من هوس باسم الدين، ومن عنف باسم الدفاع عن النبى، هو أسوأ كثيرا من الفيلم المسىء، على الأقل يتم عرضه على مئات الملايين على شاشات تليفزيونات العالم، بينما الفيلم المسىء كان مجهولا ومحدودا ومهجورا..! أما حكومة مصر ورئيسها فى هذا المشهد المسىء، فقد أظهروا أنهم فى منتهى الحيرة والارتباك والضعف، لا أرضوا جمهورهم المتحمس المتطرف الذى يعتمدون عليه فى الانتخابات وأوصلهم إلى الحكم، ولا أرضوا سادة البيت الأبيض الذين عقدوا معهم صفقات الوصول إلى الحكم والوصول إلى صندوق النقد، فقد نسى البعض أن اللعب على الحبال مخصص للسيرك فقط |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|