التوبة هي تغيير في الوجهة وتبديل في المسيرة التي نحدّدها لحياتنا غداً، بناء على رفض ما كان فيها بالأمس. التائب إذن هو الإنسان المتحرّك نحو الأفضل. التائب هو المتقدّم، في المعرفة في الحقّ في الحرّية وفي المثال الإلهي. هكذا تغدو التوبة عذبة، لأنّها تقودنا إلى الحقّ، والحقّ يحرّرنا، والإنسان عاشق الحرّية ومتمرّدٌ على العبودية.
الصوم إذن هو ممارسة لتحقيق هذه التوبة. لذلك يبدأ الصوم من "تبديل المعايير" لحياتنا. عمل الصوم هو تدريبنا على اختيار العفة، العفة في كل شيء: في الرغبات في المصالح في العلاقات… الصوم إذن هو العفة في "خيارنا" لكل حاجات حياتنا.
"تبديل المعايير" يعني تماماً "التوبة" = Metanoia = تبديل الذهنية. هذا التبديل يعني أن نجعل مثال الله مثالنا بعد أن كنّا ربّما قد جعلنا بشريتنا ورغباتها وجهتَنا! الصوم يمتحن فينا مقدار تعلّقنا بالطعام بدل كلمة الله ولحدّ ربّما مفرط! الصوم يمتحن تقديرنا للمجد الدنيوي، وتقديرنا للإحسان، وتقديرنا للمحبة وتقديرنا للاستهلاك. الصوم حركة تسليط نور قوي على حنايا نفسنا في داخلها العميق يكشف الرغبات الداخلية التي تحرّكنا.