رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مثل حفظ الخَمر (مرقس 2: 22) حوّل السَّيد المسيح أنظار الفِرّيسيِّين والكتبة من ممارسة الصَّوم إلى التَّغير الكامل الذي يليق بتلاميذه أن ينعموا به، إذ قال " ما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ الخَمْرَة الجَديدَةَ في زِقَاق عَتيقة، لِئَلاَّ تَشُقَّ الخَمرُ الزِّقَاق، فَتتلَفَ الخَمرُ والزِّقَاق معًا. ولكِن لِلخَمرَةِ الجَديدة زِقَاق جَديدة" (مرقس 21-22). يقصد يسوع بذاك أنَّه لا يتقبل تلاميذه الصَّوم في مفهومه الجديد -كخمر جديدة-في زِقَاق قديم، إنَّما ليتجدد زِقَاق حياتهم الدَّاخليَّة فيتقبلوا الخمر الجديد. ويُعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس " هذه الزِّقَاق تُمثّل المسيحيّين. وحده صوم المسيح سوف يطهّر هذه الزِّقَاق من كلّ قذارة بحيث تحفظ طعم الخَمْرَة الجديدة سليمًا. وهكذا يُصبح المسيحي زِقَاقا جديدةً جاهزةً لاحتواءِ الخَمْرَة الجديدة، خَمْرَة عرس الابن التي عُصِرت في معصرة الصَّليب (عظة عن القدّيس مرقس). ويقول البابا بِندِكتُس السادس "الخمرة الجيدة" تشير إلى سرّ دمّ الرّبِّ يسوع المسيح" عظة بمناسبة ختام الشّهر المريميّ، الفاتيكان 30/05/2009). لا يمكن لمن عاش ومارس أصوامه بمظهريَّة طوال حياته، أن يحتمل أو يفهم متطلبات الصَّوم الرُّوحي. ويُعلق القديس كيرلس الكبير "كانت قلوب اليهود زِقَاقا قديمة لا تسع خمرًا جديدة، أمَّا القلب المسيحي فقد وهبه المسيح بركات روحيَّة فائقة، فتح الباب على مصراعيه للتحلي بمختلف الفضائل السَّلميَّة والسَّجايا العالية". فالعمل لأجل ملكوت يسوع والدُّخول فيه يتطلّب منطقًا جديدًا. ولا يمكن العمل لأجل الملكوت مع صور قديمة لله البعيد عن النَّاس، فتلميذ المسيح لا يصوم كفرض عليه، وإنَّما حبًا في عَريسها، وسموًا بالنَّفس إلى مجال الرُّوح حتى تنتعش وتتخلص من رباط المادة. لقد صار الصَّوم في المسيحيَّة تحريرًا للنفس من الأرضيات لتلتقي بعَريسها في علاقة سريَّة سواء في الصَّوم والتَّقشف والنَّوح أو في الفرح والتَّعزية. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|