رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
للقديس مار يعقوب السروجي تصوير غريب عن يوم الدينونة، ولعله إذ يرى أن الرب كلي الحب لذلك لا يُسمح للأشرار أن يلتقوا به حتى لا يطلبوا رحمته، بل يُسمح لهم برؤية الرسل الممجدين مما يزيدهم مرارة، ويقوم الرسل بإبلاغ الحكم على الأشرار. * مخيف هو اليوم الذي تصير فيه الدينونة الأخيرة، وفيه يشرق ابن الله بمجدٍ عظيمٍ (يوئيل 2: 1-11)، من يمينه ومن يساره بروق النار... يستقيم عرش الدينونة ببرٍّ، ويجلس عليه البكر بمجدٍ عظيمٍ ليدين الشعوب، ويلقي بغضبٍ وُيبعد بحنق الشعب الملعون الذي صرخ في المحكمة: اصلبه، اصلبه (متى 27: 22-23)، يقف حجاب النار بينه وبينهم لئلا ينظروا إليه لئلا تصير عليهم المراحم، ولا يتركونهم ينظرون إلى العلا، لئلا يروا ضياءه وينالوا منه الرجاء، كل إنسانٍ يستوجب حكم الموت لو رأى وجه الملك لن يموت، الشعوب الذين أحبوه، واعترفوا باسمه يدخلون إلى خاصته،... يُهيأ اثنا عشر كرسيًا ويجلس الرسل ليدينوا الشعب الملعون الذين لم يؤمنوا به (لو 22: 28-30)، وإذ رأوا كم أنه أهانه واحتقره وحطه لأنه كفر به بحيث لم يؤهله ليدخل إلى المحكمة مثل الشعوب، حكمُ البشر قاس على البشر، لذا اسلم حكمهم للبشر، لأنهم يستحقون هكذا (2 صم 24: 14). * لما كان ربنا يُعَلِمْ قال: من بيتٍ واحدٍ سيؤخذ واحد، وسيُترك آخر (مت 24: 40)، لو لم تجرّ الأعمال الإنسان إلى الكرامة، لا يفيده ربوات الأبرار الذين يسكنون معه. الابن البار لا ينفع أباه الذي أثم، والابن الخاطئ لا يحتمي بالأب البار. البتول الطاهرة لا تخلص الأم التي زنت، والأخ الكامل لا يفيد أخاه المتراخي. من هذه الأمور التي علمها ربنا تعلم بأن واحدًا يأخذونه والآخر يتركونه بتمييز (مت 24: 40). الخوف يرعب الأختين في بيت واحد، ولا تقدران أن تستفسرا سوية عن السبب. العلا يخطف تلك الكاملة لتطير في الهواء، واللجة تسحب الأثيمة لتتعذب فيها. الواحدة تؤخذ للقاء العريس كما قيل، وتُترك الأخرى لتعود إلى الهاوية كما كُتب (مت 24: 40). الصوت يُرجف البنت وأمها المطمئنتين، فتخافان وترتجفان لما تُفصلان لتنتقلا، يُفصل الإخوة كالأعضاء من بعضها بعضًا، ويلقي الانقسام في وحدتهم ويبعثرها. يُسقط ويؤخذ الأبناء كالأمعاء، ولا مجال لبطن الأم لكي يحبهم. تُقطع محبة النساء من رجالهن، ولن يعرف الشريك (شريكه) بسبب الخوف. المرأة تُعتبر مثل غريبة من قبل رجلها، وإذ كانت خاصته لم تعد خاصته لأنها فُصلت عنه. المتزوجون لن يعودوا إلى الزواج، والأبوّة لن تحب أحباءها. ومحبة الإخوة لن تثبت كما كانت لأن تلك المساواة تُفصل من الاختلاط. الخوف يقطع الخبر الوارد بين الأختين، ولن تنتهي تلك القصة التي تابعتاها. ولو كانتا مربوطتين سوية في رحى واحد، ستُفصلان من وحدتهما كما هو مكتوب (مت 24: 41). ولن تكتمل كلمة المحبة عندهما، لأن الخوف المرعب يبطل كلماتهما. يقطع حديث البنت الحبيبة مع أمها، ويبطل كلام الملافنة (المعلمين) والباحثين. ينكسر القلم في يد المعلم بصورة غير اعتيادية ولن تُسجل به كتابة إلى الأبد، يترك الصبيان المدرسة المجتمعين فيها، ولن يُقدموا أيضًا في صباح آخر حتى يتعلموا. تغيب وتزول الحكَم من الحكماء، ولن يعرف أحد سوى الخوف من الانبعاث. تهجم الحيرة على الفلاسفة في أفكارهم ولن يتذكروا إلا أن يقولوا فقط: الويل لنا. تنقطع قصة النظريات والاستفسارات ولن يُفسر هناك شيء ماعدا الويل. تتعثر الكلمة وتسقط من اللسان، ويرعد فقط صوت النحيب من جهنم. لن يتسلى أحد ولا يُسلى رفيقه لأن كل واحدٍ سيشرب المرارة وهو يتعذب. الشاب لن يسند الشيخ وهو يتألم، والأب لن يشجع ابنه لئلا يكتئب. ينفصل كل واحدٍ عن رفيقه بخوف عظيم، ويقع الرعب حتى ينتقل الواحد عن رفيقه. هوذا ربنا قد تكلم عن الدينونة الأخيرة: يأخذون الواحد ويتركون الآخر كما قلنا (مت 24: 41). القديس مار يعقوب السروجي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|