رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقابلة إحسانات الله لهم بجحود [9-12]: إن كان قد عدَّد صورًا لأمثلة مرَّة من رجاسات الإسرائيليِّين الممتزجة بالظلم والقسوة، فقد أراد تأكيد أنهم بلا عذر، إذ قدَّم الله لهم إحسانات كثيرة، وعِوض ردِّها بالحياة المقدَّسة اللطيفة، إذا بهم يسلكون في جحود. "وأنا قد أبَدْت من أمامهم الأموري الذي قامته مثل قامة الأرز، وهو قوي كالبلوط، أبَدْت ثمره من فوقه وأصوله من تحت. وأنا أَصعدتكم من أرض مصر، وسرتُ بكم في البرِّيَّة أربعين سنة، لترثوا أرض الأموري، وأقمت من بينكم أنبياء ومن فتيانكم نذيرين، أليس هكذا يا بني إسرائيل يقول الرب؟! لكنكم سقيْتم النذيرين خمرًا وأوصيتم الأنبياء قائلين: "لا تتنبَّأوا" [9-12]. إنها قصّة الإنسان الدائمة، فالله في كل جيل يُقدِّم خلاصًا معلنًا محبَّته الإلهيَّة الفائقة للإنسان، والإنسان في غباوة قلبه يقابل الحب بالجحود! فمن الجانب التاريخي أعدَّ الله الطريق لإسرائيل قديمًا، وإذ كان الأموريُّون عمالقة كالأرز وأقوياء كالبلّوط حطَّم الله ثمرهم واقتلع أصولهم من الأعماق، وانطلق بشعبه من أرض مصر محمولًا كما بجناحيّ محبَّته الفائقة، معتنيًا بهم طوال بقائهم في البريَّة أربعين عامًا، حتى سلَّمهم أرض الأموريِّين، وعلامة حبُّه لهم أنه جعل من بينهم أنبياء له، ومن فتيانهم نذيرين مكرَّسين باسمه! أمًا هم فقابلوا الحب بالكراهيَّة، وعطايا الله بالجحود والعصيان. علامة ذلك أنهم طلبوا من النذيرين أن يشربوا خمرًا، وأوصوا الأنبياء ألاَّ ينطقوا بكلمة الرب. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [اتَّهم الله الإسرائيليِّين مُظهرًا أنهم يستحقُّون تأديبًا أعظم لأنهم أخطأوا بعدما وهبهم كرامات عظيمة هكذا]. والعجيب أنه وضع سقْيْ النذيرين خمرًا قبل توصيتهم الأنبياء بألاَّ ينطقوا بكلمة الرب ونبوَّاته، لأن شرب الخمر إنما يُشير إلى فقدان الإنسان اتِّزانه وحكمته، فيخدم بيت الرب وهو في حالة سُكْر، ممَّا يفسد بيت الله ويحطِّم سلامه. وكما يقول القديس جيروم: [كان هرون وغيره من الكهنة يمتنعون عن شرب كل مسكر عند دخولهم الهيكل لئلاَّ يموتوا. وهذا يعلِّمنا أن الذين يخدمون في الكنيسة بلا وقار يموتون]، فإن كان إلزام الأنبياء أن يتوقَّفوا عن الشهادة لله بإعلان كلمة النبوَّة خطيَّة جسيمة، فبالأكثر من يدخل بيت الله لا يقف صامتًا عن الحق فحسب، وإنما في عدم وقار يشوِّش الحق ويفسد مقدِس الله ويعطِّل العمل الروحي. نعود مرَّة أخرى إلى عمل الله مع إسرائيل لنرى عمله مع كل أحد منَّا، فالأموري الذي حطَّمه أمامنا ما هو إلاَّ عدوّ الخير إبليس الذي سيطر على الأرض زمانًا، يبدو كعملاق كالأرز وقويًا كالبلُّوط، فكنَّا نخافه ونرهبه، لكن الرب بصليبه حطَّم سلطانه، وبالكرازة به رآه ساقطًا من السماء كالبرق (لو 10: 18). أصعدنا الرب كما من أرض العبوديَّة، حاملًا إيَّانا بَروحه القدُّوس لنرث الأرض التي ملكها الأموري زمانًا، فصرنا ملوكًا وكهنة للرب. ليتنا لا نصنع ما فعله الإسرائيليُّون فنشرب من خمر العالم ونتوقَّف عن روح النبوَّة أو الشهادة للرب. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إن تذكرنا إحسانات الله |
حدثني عن إحسانات الله |
حسب قانون العدل لا تجدني بارًا، بل تجدني ملومًا تحت ضربة اللعنة الموروثة |
تذكر إحسانات الله لك |
إحسانات الله لنا |