”مَملوءة نِعمَةً“! مِلء النِّعمَة! نِعمَة فوق نِعمَة! وما أبدع ما أُعلن عن تلك النعمة في حياة سيدنا بين الناس! لقد انسكبت النعمة على شفتيه، ولقَّبوه يومئذٍ صَديق الخطاة لأنه أكل مع العشارين والخطاة وشرب. أظهر عطفه وحنانه للضالين والهالكين والمساكين والمتألمين، أما أصحاب البر الذاتي فلم يَنَلهم من شفتيه سوى كلمات الدينونة القاسية. في حين أغدق نعمة فوق نعمة للخاطئ التائب والمتألم الباكي! كم طمأنهم وخفف من لوعتهم بالقول: «ثِق يا بُني. مغفورة لكَ خطاياك»، «ثقي يا ابنة، إيمانكِ قد شفاكِ، اذهبي بسلام»؟ وفي حادث تلك المرأة التي «أُمسكت وهي تزني في ذات الفعل»، ما كان أشفقه له المجد، وما كان أرحب قلبه حينما وجدت نفسها وجهًا لوجه قدامه وقد هرب المُشتَكون عليها، وقال لها: «ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا».