* قيل عن أنبا مقار إنه بينما كان مرةً ذاهبًا إلى مصر مع الإخوة، سمع واحدًا ينوح قائلًا: "إذا سقط عليَّ مبنى من حجارة لا أموت، ولكن إذا سقط عليَّ كوخٌ من بوص، فإني أموت."
تعجّب الشيخ من هذا الحديث، ولما رآه الإخوة متعجِّبًا ألقوا بأنفسهم على قدميه متوسلين إليه قائلين: "قُلْ لنا، يا أبانا، معنى هذا القول."
فقال لهم: "يوجد سرٌّ عظيمٌ في هذا القول يا أولادي، هنا الحجر يُشبَّه بربنا يسوع المسيح كما هو مكتوبٌ بخصوصه: "الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية، من قِبَل الرب كان هذا، وهو عجيبٌ في أعيننا" (مز 118: 22-23؛ مت 21: 42).
هذا هو أيضًا الحجر الحقيقي الكثير الثمن الذي لأجله باع التاجر كل مشتهيات قلبه واشتراه (مت13: 45-46)، ووضعه في خفايا قلبه، وقد وجده أحلى من العسل والشهد (مز 19: 10).
هذا هو ربنا يسوع المسيح، لأنّ الإنسان الذي يحفظ هذا الحجر في قلبه سيأخذ أجرًا في مجد ربنا يسوع المسيح في ملكوت السماوات الأبدي.
في الحقيقة إنّ ربنا يسوع المسيح قد جعل وجهه مثل حجر صلب، حسب قول الرسول: "الصخرة كانت هي المسيح" (1 كو 10: 4). وقد "بذل ظهره للضاربين، وخدّيه للناتفين، ووجهه لم يستر عن العار والبصق" (إش 50: 6) لأجل خلاصنا نحن البشر. وإذ ضغط ربنا يسوع المسيح علينا بواسطة الأمراض بسبب عظم محبته لنا تبقى النفس في عدم الموت بسبب نقاوة القلب من الأوجاع.
والشيطان من ناحيته عاجزٌ مثل البوص، فإذا سقط على إنسان وسيطر عليه بطغيانه، ولم ينتبه إليه الإنسان، ولم يصرخ إلى صلاح الله، فعندما يسقط في أوجاع إبليس ينسحب روح الله من هذا الإنسان، وهكذا تموت النفس بالرغم من أنها تكون أيضًا في الجسد بسبب السُّكْر بالأوجاع ونتانتها.
فردوس الآباء