رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حضرة الله إله يعقوب مَا لَكَ أَيُّهَا الْبَحْرُ قَدْ هَرَبْتَ، وَمَا لَكَ أَيُّهَا الأُرْدُنُّ قَدْ رَجَعْتَ إِلَى خَلْفٍ [5]. يعود المرتل فيكرر موقف البحر الأحمر ونهر الأردن والجبال والتلال أمام عمل الله لخلاص شعبه.لعله بالتكرار أراد تأكيد خضوع الطبيعة الجامدة للخالق والمخلص في طاعة كاملة لخدمة خالقها. وأيضًا أراد أن يشخص الطبيعة، فتتحرك كما بمشاعر معينة. يقف المرتل في دهشة، يتحدث مع البحر والنهر كشخصين يقفان في مهابة، لا من أجل حدث تحقق في الماضي وانتهى، وإنما عن موقف الله محب البشر في الماضي كما في الحاضر والمستقبل. الطبيعة تترقب على الدوام أي أمر إلهي فهو كلي الصلاح محب البشر، خاصة المؤمنين. تتغنى الكنيسة القبطية بهذه العبارة والعبارة التالية في عيد عماد السيد المسيح (عيد الغطاس) وطقس اللقان بكونهما تسبحة خاصة بفاعلية عماد حمل الله في حياة المؤمنين. وَمَا لَكُنَّ أَيَّتُهَا الْجِبَالُ قَدْ قَفَزْتُنَّ مِثْلَ الْكِبَاشِ، وَأَيَّتُهَا التِّلاَلُ مِثْلَ حُمْلاَنِ الْغَنَمِ؟ [6] إن كان البحر والنهر قد تحركا في مهابة أمام الرب العامل لأجل الإنسان، فالجبال والتلال تتحرك في فرح وتهليل، تثب كما في عيد من أجل تدبير الله وعمله لخلاص الإنسان. * غالبًا ما يُشَخْصِنُ الكاتب المقدس أمورًا كثيرة حتى تلك التي هي فاقدة الحياة. كمثال: "البحر يقول كذا وكذا"، وأيضًا يصدر أمرًا للسيف، وتُسأل الجبال والتلال عن سبب قفزها (مز 19: 1؛ زك 13: 7؛ مز 114: 6). القديس غريغوريوس النزينزي أَيَّتُهَا الأَرْضُ تَزَلْزَلِي مِنْ قُدَّامِ الرَّب، مِنْ قُدَّامِ إِلَهِ يَعْقُوبَ! [7] تشير زلزلة الأرض إلى صلْبِ الإنسان القديم الترابي، ليتقبل المؤمن الخليقة الجديدة، عربون السماويات. وكأن أرضه تتحول إلى سماءٍ جديدةٍ! إذ يرتبط الإنسان بالزمنيات يصير أرضًا لا سماءً، لكن إذ يقف قدام الرب تتزلزل محبة الأرض والزمنيات في أعماقه ليطلب السماء والأبديات. يقف القديس يوحنا الذهبي الفم في دهشة، إذ ينسب الرب نفسه لعبده، فيُدعَى إله يعقوب، قائلًا: [ما هذا؟ فإن الرب ينسب نفسه للعبيد. لهذا قيل: "لذلك لا يستحي بهم الله أن يُدعَى إلههم" (عب 11: 16). ولكن كيف يُدعَى إلههم؟ بقوله: "أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب" (راجع خر 3: 6).] الْمُحَوِّلِ الصَّخْرَةَ إِلَى غُدْرَانِ مِيَاهٍ، الصَّوَّانَ إِلَى يَنَابِيعِ مِيَاهٍ [8]. ما هي الصخرة التي تفيض مياه حيَّة في أعماق المؤمن، إلا السيد المسيح، الذي يدعو العطاش إليه، ليُفَجِّر في داخلهم ينابيع مياه حية. من يؤمن بالسيد المسيح صخر الدهور يسكن فيه، ويُحَوِّل أعماقه إلى ينبوع يفيض بالمياه الحية. * "الذي حوّل الصخرة إلى بحيرات مياه، والصوان إلى ينابيع مياه". أي عذر لنا، أخبروني، لماذا نحن قساة وغير خاضعين؟ بينما الصخرة والصوان، مع صلابتهما وجمودهما خضعا لأمر الله، إذا بالكائن البشري مع ما وُهب من عقل ورُقِي أكثر من كل مخلوق آخر غير متجاوب أكثر من الكل؟ القديس يوحنا الذهبي الفم * بما أن طبيعتنا تحوَّلتْ إلى حجارة بواسطة عبادة الأصنام، وأصبحت جامدة في الوثنية الباردة وغير قادرة على التقدُّم، بزغت شمس البرّ (ملا 4: 2) في هذا الشتاء القارس، وحفزت ظهور الربيع. وأزالت رياح الجنوب الدافئة آثار البرد، وأدخلت أشعة الشمس المشرقة الدافئة في كل الأرض. لذلك، فالجنس البشري الذي كان قد تحوَّل إلى حجارة بواسطة البرد، قد يشمله الدفء بواسطة الروح القدس، أشعة كلمة الله. وهكذا يصبح مرة أخرى مثل المياه التي تمنح الحياة الأبدية (يو 4: 14). "المُحوِّل الصخرةَ إلى غدران مياه، الصَوَّان إلى ينابيع مياه" (مز 114: 8) . القديس غريغوريوس النيسي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|