منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 08 - 2023, 10:16 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

مزمور 104 | امتلاء الأرض بغناه


امتلاء الأرض بغناه [24-30]

الرب هو سيد الحياة والموت، عليه تعتمد الدورة من حياة إلى موت ثم حياة جديدة. ما أعجب حكمته المُعْلَنة في كل خليقته وأعماله. ليس من صدفة عمياء كما يظن الإنسان في ظلمة فكره البشري. كل الخليقة تحمل لمسات خالقٍ قديرٍ مُحبٍ ومُدَبِّر الأمور. فالأرض ملآنة من غناه، تحمل غنى نعمته الفائقة وتكشف عن عظمة مجده. أما عن الإنسان فلماذا يخاف من الشيطان وقد جعله ألعوبة يسخر به، وقد تمتع البشر بروح الله الذي يجدد وجه الأرض .


مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ!
كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ.
مَلآنَةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ [24].
* ما أعظم أعمالك يا رب! بحق عظيمة وسامية...! "كلها بحكمة صنعت"؛ لقد صنعتَ هذه كلها في المسيح.
القديس أغسطينوس

* يفيض قلب النبي بالامتنان. إذ لا يجد كلمات كافية يُسَبِّح بها الرب يصرخ: "ما أعظم أعمالك يا رب! أعمالك تفوق كل فهمٍ بشري. كلها بحكمةٍ صنعت"؛ في ربنا يسوع المسيح إذ هو حكمة الله. وذلك كقول الرسول، لأن به كل الأشياء خُلقتْ (كو 1: 16). "ملآنة الأرض من خليقتك". بالحقيقة حقًا كل أعمال الرب ترتبط بالحكمة. عندما ندرك أن النملة تعرف أن الشتاء قادم فتخزن طعامها، والناموسة وهي مخلوق تافه لها عينان وبطن وبقية الأعضاء مثلنا، وأيضًا البرغوث وكل المخلوقات الأخرى. وعندما نرى الفيل أيضًا، الحيوان الضخم هكذا بالمثل كما نحن... والنحلة تصنع عسلًا وشمعًا. ألا تستحق هذه العجائب الدهشة، أليست هذه مملوءة حكمة؟
القديس جيروم

* الله هو الينبوع السرمدي لحكمته اللائقة به، إن كان الينبوع سرمديًا، فالحكمة أيضًا يلزم أن تكون سرمدية. فإنه بها خُلقتْ كل الأشياء، كما يقول داود في المزمور بالحكمة صنعت الكل. ويقول سليمان: بالحكمة كوَّن الرب الأرض، وبالفهم له الكلمة. وكما يقول يوحنا: "كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان".
القديس أثناسيوس الرسولي

* الحكمة الحقيقية والمشورة - في نظري - ليست إلا الحكمة التي تدرك أنها قبل المسكونة. إنها الحكمة التي بها خلق الله (الآب) كل شيء، كقول النبي: "كلها بحكمةٍ صُنعت" (مز 104: 24)، و"المسيح هو قوة الله وحكمة الله" (1 كو 1: 24)، به صار كل شيء، ووُضع في تدبير.
* من هو باني المعبد، الذي وضع أساساته على الجبل المقدس، أي على الأنبياء والرسل؟ هو بناه كما يقول الرسول (أف 2: 20) على أساس الرسل والأنبياء، وهم حجارته الحية. وينسجم محيط الحجارة الدائري مع الجدران حسب ما يقوله النبي زكريا (زك 9: 16). وتوضع بترتيب خاص يجعلها وحدة كوحدة الإيمان وبنموهم في رابطة السلام قد يكوِّنوا معبدًا مقدسًا، مسكنًا للرب في الروح. يشير سليمان في حكمته إلى الحكمة الحقيقية ولا يعارض أي شخص يدرس التاريخ والحق هذه حقيقة. يشهد التاريخ أن سليمان فاق حدود الحكمة البشرية. حيث حفظ المعرفة لكل الأشياء في قلبه. فسبق جميع من عاشوا قبله ولم يماثله أي واحد ممن عاشوا بعده. إلا أن الله هو أصل القوة والحق والحكمة ويقول داود: "ما أعظم أعمالك يا رب. كلها بحكمة صنعت" (مز 104: 24). ويُفَسِّر الرسول المزمور السابق قائلًا: "الكل به وله قد خُلق" (كو 1: 16) أي أنها خُلِقَتْ من خلال حكمة الله .
* ذاك الذي جوهره يفوق كل طبيعة، غير المنظور ولا مُدرَك، يمكن رؤيته وإدراكه بالحكمة التي تنعكس في الكون... وحينما نتأمل نظام الخلق لا نُكوِّن صورة عن الجوهر، بل عن حكمة ذاك الذي صنع كل شيء بالحكمة .
القديس غريغوريوس النيسي

* كل واحدٍ من الحكماء يشارك في المسيح، قدر ما له القدرة على الحكمة، مادام المسيح هو الحكمة. ذلك كما أن كل واحدٍ له قوة يقتني قوة أعظم قدر ما يشارك المسيح، مادام المسيح هو القوة.
العلامة أوريجينوس

* إذ نحني رُكَبنا بوقار صالح أمام صانع العوالم، أقصد عالم الحس والفكر، ما يُرَى وما لا يُرَى، فإنك تُمَجِّد الله بلسان مقدس، يلهج بالمعروف، وشفتيْن لا تسكتان، وقلبٍ لا يَمِّل، قائلًا: "ما أعظم أعمالك يا رب. كلها بحكمة صَنَعْتَ" (مز 104: 24)، يليق بك الإكرام والمجد والجلال من الآن خلال كل الدهور. آمين .
القديس كيرلس الأورشليمي

* ما من عمل من أعماله يتم إلا وقد صنعه بالحكمة، لأنه يسوس كل الأمور النافعة، كل في حينه اللائق وبطريقة مناسبة .
القديس كيرلس الكبير

* ما هو اللسان الذي يمكنه أن يُرَنِّم بتسابيح الخالق كما يليق؟ أي حديث يمكن بالحق أن يفي وصف خالقنا؟ أي كلمات يمكنها أن تصف بدقة أعضاء النطق؟ من تبلغ به الحكمة أن يدرك بالكامل حكمة الخالق؟
ثيؤدورت أسقف كورش
* أي لغة تليق بالحديث عن عجائب الخالق؟ أي أذنٍ تقوى على سماعها؟ أي وقتٍ يكفي لإدراكها؟ لنَقُلْ إذن مع النبي: "ما أعظم أعمالك يا رب، كلها بحكمةٍ صنعت! "
* هل عبر اليوم؟ أشكر ذاك الذي قدَّم لنا الشمس لخدمة عملنا النهاري، ويهبنا نارًا لكي تنير الليل وتخدم احتياجاتنا الأخرى في الحياة. ليت الليل أيضًا يوحي لنا بما يدفعنا للصلاة.
عندما تتطلع إلى السماء وترى جمال النجوم صلِّ إلى رب كل الأشياء المنظورة، خالق المسكونة الذي بحكمة صنع الكل (مز 104 :24).
وعندما ترى كل الطبيعة تغُط في النوم، مرة أخرى أسجد لذاك الذي حتى بغير إرادتنا يعتقنا من ضغط العمل المستمر، وبفترة راحة صغيرة يردنا مرة أخرى إلي نشاط قوتنا.
لا تسمح لليل بأكمله أن يكون للنومِ لا تسمح لنصف عمرك أن ينقضي بلا فائدة في نوم ببلادة وسباتٍ. بل قسم وقت الليل بين النوم والصلاة. وليكن نومك الخفيف ذاته تداريب للتقوى. فإن أحلامنا أثناء النوم غالبًا ما تكون انعكاسات لأفكارنا في النهار .
القديس باسيليوس الكبير

* هل هناك جمال يفوق روعة السماء، إذ تتلألأ بأشعة الشمس، كأنها قد تلألأت بقطرة حب ملتهبة، تنير الأرض بعدد لا يُحصَى من النجوم، تقود الربابنة والمسافرين، كأنها تمسك بيدهم ...
أيّ شيء يفوق جمال السماء، وقد امتدت فوق رأسك تارة كغطاء طاهر شفاف، وأخرى كسهلٍ منبسطٍ تزينه الورود!
المتعة بجمال الورود نهارًا لا يفوق تأمل جمال السماء ليلًا وقد تلألأتْ بآلاف زهور النجوم التي لا تذبل!
إن كنتَ لا تسأم التأمل تستطيع أن تتطلع إلى عناية الله في شهود كثيرين: السحاب فصول السنة، البحار وما فيها، الأرض وما عليها...
هل يوجد أصغر من الفراشة وأحقر منها؟ أو مثل النمل أو النحل؟ ومع هذا فهذه جميعها تتحدث عن عناية الله وقدرته وحكمته!
من أجل هذا إذ تأهل النبي بالروح للتأمل في الخليقة في كليتها صرخ قائلًا: "ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت!" (مز 104: 24)
حقًا إن أهوية السماء خُلِقَتْ من أجلك... ترطب أجسامنا المُتعَبة وتُجَفِّف المناطق الوحلة، وتُخَفِّف حِدَّة الصيف، وتنمي الزروع، وتساعد على الإبحار الخ...
وإن أردت البحث في الليل فإنك تنظر فيه عناية الله القديرة، فإنه يُعِين جسدك المتعب، ويُهَدِّئ أعصابك المُجْهَدة... ينقذك من آلام النهار، واهتماماته المملوءة قلقًا... فمن يُحرَم من راحة الليل يخسر النهار، ومن لا يعطي لعقله هدوءًا واسترخاء يفسد عمله. هذا كله من أجلك يا إنسان ...
الآن وقد فهمتَ عناية الله أنها تفوق أشعتها ضياء نور الحياة، لا تفحصْ بفضول الأمور التي تعلو قامتك ولا تسلك فيما لا ينفعك... فوجودنا ذاته هو هبة معطاة لنا من قبيل حبه الفائق، إذ هو ليس محتاجًا إلى عبوديتنا .
القديس يوحنا الذهبي الفم



هَذَا الْبَحْرُ الْكَبِيرُ الْوَاسِعُ الأَطْرَافِ.
هُنَاكَ دَبَّابَاتٌ بِلاَ عَدَدٍ.
صِغَارُ حَيَوَانٍ مَعَ كِبَارٍ [25].
كلمة "حيوان" هنا معناها "كان حي". فإن كان البحر الكبير أو المحيطات تُرعب الإنسان، فيشعر كأنه مقبرة عن يقتحمه، لكنه يحتضن دبابات صغيرة وكائنات حيَّة كبيرة وصغيرة، لا تُحصَى لا تقدر أن تعيش إلا في مياه البحار والمحيطات.
* يتحدث عن البحر بكونه مرعبًا. الفخاخ تزحف في هذا العالم، وتفاجئ المُهمِلين، إذن من يُحصِي هذه التجارب التي تزحف؟ إنها تزحف، لكن لنحذر لئلا تصطادنا فجأة. لتتطلع إلى الخشبة (الصليب) أيضًا ونحن في المياه وسط الأمواج نحن في أمان. لا نَدَع المسيح ينام، لا نترك الإيمان ينعس، إن نام فلنوقظه. إنه سيأمر الرياح، ويُهَدِّئ البحر (مت 8: 24-26). فستنتهي الرحلة ونفرح في وطننا. لأنني أرى في هذا البحر المُرعِب لا يزال يوجد غير مؤمنين، فإنهم يعيشون في مياه قاحلة ومُرَّة، لكنهم صغار وعظماء. فإننا نعرف هذا، كثير من الصغار في هذا العالم لا يزالوا غير مؤمنين، وأيضًا كثير من العظماء هم هكذا. إنهم مخلوقات حيَّة صغيرة وعظيمة في هذا البحر. أنهم يبغضون الكنيسة، واسم المسيح ثقيل عليهم. أنهم ثائرون لأنه لم يُسمَحْ لهم أن يطلقوا القسوة في أعمالهم التي هي في قلوبهم... لا تخافوا من الخطر!
القديس أغسطينوس

* "البحر أيضًا ضخم ومتسع". أليس هذا عن حكمة مدهشة أن يوجد فيه دبابات (زحافات) لا يُحصَى عددها، وأسماك من كل نوعٍ، العظيمة والصغيرة. هذه توجد في الأعماق، وهناك تُجَدَّد حياتها، بينما لو سقط إنسان فيها يموت؛ وعلى العكس إن خرجت هذه إلى الأرض تموت؟
القديس جيروم

* الحكمة التي خلق بها الله كافة الأشياء هي ابنه الوحيد الذي به كان كل شيءٍ. وهو كلمة الله وقوته، وبه خلق الأرض وكل ملئها وسائر المخلوقات. وقد ذكر الأرض، لأن ابن الله طأطأ السماوات ونزل إلى الأرض، وجعل الناس خليقة جديدة، وأعاد خلقتهم بالإيمان الحقيقي والمعمودية المقدسة.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* في هذا البحر العظيم المتسع تعيش كائنات بلا عدد (مز 104: 25)، من يقدر أن يصف روعة الأسماك التي تعيش فيه؟! من يقدر أن يتصور عظمة الحيتان وطبيعة الحيوانات البرمائية: كيف تعيش تارة على أرضٍ صماء وتارة أخرى وسط المياه؟!
من يستطيع أن يخبر عن أعماق البحار وسعتها وقوة أمواجها الهائلة؟! ومع هذا فهي تقف عند حدود مرسومة لها، إذ قيل: "إلى هنا تأتي ولا تتعدى، وهنا تتخم كبرياء لُججك" (أي 38: 11) فيُظهِر البحر الطاعة بوضوح، إذ يجري ليقف عند حدود الشاطئ في خطٍ واضح صنعته الأمواج، مُعلِنًا لناظريه أنه لا يتعدى الحدود المرسومة له .
القديس كيرلس الأورشليمي

* أضاف النبي كلماته: "هذا البحر الكبير الواسع الأطراف، هناك كائنات حيَّة (دبابات) بلا عدد". يُفهَم البحر بأنه العالم، المملوء بالعواصف والأمواج العاتية الخطرة، بل ومملوء مرارة وملوحة، وفيه أسماك كبيرة لا تكف عن التهام السمك الصغير. وفيه أيضًا العديد من الدبَّابات (التي تزحف على الأرض). لهذا فإن الشهوانيين المغُرَمين جدًا بالعالم، إذ يفكرون في الحياة الحاضرة وحدها، ويلتصقون دومًا بدروبها حبًا فيها، سمعوا عن الدبابات...
كذلك يقول: "هذا البحر الكبير الواسع الأطراف... هناك تجري السفن". لا يُفهَم منها السفن المصنوعة من الأخشاب التي تمخر عباب البحر بقوة الريح، لكنها تعني الكنيسة التي تريد بلوغ شاطئ الفردوس بالأعمال البارة المقدسة. فإن أمواجًا عاتية تلاطمها بالضيقات، ورياح العواصف المختلفة. وبالرغم من ارتطامها بتلك الرياح العاتية الهادرة، توجِّها مجاديف التداريب المُقَدَّسة، وتقودها أنفاس الروح القدس، فتحملها إلى الحياة الأبدية بنفس الخصوم الذين يقفون ضدها.
في هذا البحر أيضًا التنين الذي كُتِبَ عنه: "هذا التنين البحري (لوياثان) الذي خلقته ليلعب فيه". هذا التنين هو الشيطان، يلعب بطريقة ما في الأشرار، لا لكي يخطئوا فحسب، بل ويستخدمهم خدامًا له يضطهدون القديسين والأبرار على الدوام. هذا الوحش كان مخلوقًا كملاك صالح بيدي الله، لكنه حينما رفع ذاته ضد الله بالكبرياء، هوى من تلك الحالة الملائكية المطوَّبة. وإذ يخدع نفسه بالكبرياء يخدع بمكره المستهترين، بسماحٍ من الله وبواسطة قضائه العادل المخفي .
الأب قيصريوس أسقف آرل

هُنَاكَ تَجْرِي السُّفُنُ.
لَوِيَاثَانُ هَذَا خَلَقْتَهُ لِيَلْعَبَ فِيهِ [26].
يرى البعض في قصة فلك نوح أن الله هو الذي علَّم الإنسان أن يكون له أسطول بحري.
إن كان البحر بمخاطره كان يُنظَر إليه كمسكن للوياثان، أي للتنين البحري، رمز الشيطان، فإن الله يعطي المؤمنين سلطانًا على قوات الظلمة، فيصيرون أشبه بألعوبة يستخف بها حتى الصبيان الصغار.
البحر الذي يرعب الإنسان بهيجانه وأمواجه ودواماته هو حلقة الصلة بين البلدان خلال السفن أو الأسطول البحري التجاري.
في إحدى رسائل الفصح يُقَدَّم لنا القديس أثناسيوس الرسولي رجل الآلام صورة حيَّة للمؤمن المملوء رجاء في الرب والذي لا يخشى حتى لوياثان - الشيطان. إذ كتب لشعبه بأن العالم يُشبِه بحرًا، ونحن نسير كما في سفينة تحت قيادة الكلمة الإلهي، نسير بكامل حريتنا إلى الميناء بسلام ولا نهاب لويثان الذي خُلِقَ لنلهو به .
* هوذا السفن تطفو فوق ما يزعجكم، ولا تغرق. نفهم بالسفن الكنائس. فإنها تبحر وسط العواصف، وسط التجارب الهائجة، وسط أمواج العالم، وسط الوحوش، الصغيرة والكبيرة.
المسيح على خشبة صليبه هو الربان. "هناك تجري السفن". ليت السفن لا تخاف، ليتهم لا يرتكبون أين يبحرون، وإنما يهتمون مَنْ الذي يدير الدفة؟ "هناك تجري السفن". أية رحلة يجدونها مُمِلَّة متى شعروا أن المسيح هو ربانهم؟ إنهم يبحرون في أمان. ليبحروا باجتهاد، فيبلقون ميناءهم الموعود به، سيُقادون إلى أرض الراحة.
* هوذا المُجَرِّب يأتيني كجيشٍ قويٍ، لكنه لا يقدر أن يغلبني، لأنك كسرتَ مهابته، وأعطيتني شجاعة أمامه .
* يقول كثيرون: "لقد أخذ الشيطان سلطانًا عظيمًا هكذا، حتى يحكم في هذا العالم ويسود كثيرًا، فهل يقدر أن يفعل الكثير؟ إلى أي مدى يسود؟ ماذا يقدر أن يفعل، ما لم يُعطَ له سماح لا يقدر أن يفعل شيئًا. لتعملوا هكذا بحيث لا يُسمَح له أن يُجَرِّبكم، بل يهرب منهزمًا، ولا يقتنيكم. فإنه يُسمَح له أن يُجَرِّب بعض القديسين خدام الله، لكنهم يغلبون لأنهم لا يهربون من الطريق، هؤلاء الذين يلاحظون العقب فلا يسقطون...
يا إخوتي من يرغب أن يلاحظ رأس الحية يعبر هذا البحر في أمان...
إن كنتم تخافون جهنم، وتحبون ملكوت الله، فإنكم ستلاحظون رأس الحية "لأنه ليس سلطان إلا من الله" (رو 13: 1). فمما تخاف؟ ليبق التنين في المياه. ليبق في البحر، وأنتم تعبرون خلاله. لقد جُعِلَ هكذا تلعبون له، لقد دُبِّر له أن يسكن هذا المكان؛ لقد أُعطِيَ له هذا الموضع. أنتم تظنون إن هذا المسكن أمر عظيم بالنسبة له، ذلك لأنكم لا تعرفون أنه سُكنَى للملائكة عندما سقطوا. ما تظنون أنه مجد له، هو إدانة له.
* هذه الحية تريد أن تفترس، أما هو (الله) فلا يفترس من يرغب فيه...
* أتريدون ألا تكونوا طعامًا للحية؟ لا تكونوا ترابًا! تجيبون: كيف لا تكون ترابًا؟ إن لم يكن لديكم تذوق للأمور الأرضية. اسمعوا للرسول كي لا تكونوا ترابًا... "اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" (كو 3: 2) .
القديس أغسطينوس

* إن رآك الشيطان مرتبطًا بالسماء، ساهرًا، فإنه لن يجرؤ قط حتى أن يحدق فيك .
* السيرة الطاهرة تسد فم الشيطان نفسه وتبكمه .
القديس يوحنا الذهبي الفم

* قال القديس باسيليوس الكبير: إن سفنًا هي نفوس الصديقين الذين بقلوع الفضائل يرتفعون فوق بحر هذا العالم.
الأب أنسيمُس الأورشليمي


كُلُّهَا إِيَّاكَ تَتَرَجَّى لِتَرْزُقَهَا قُوتَهَا فِي حِينِهِ [27].
كل الخليقة السماوية والأرضية تنظر إلى الله بروح الرجاء،
فهو الذي خلق الكل، ويعتني بالكل،
ويُدَبِّر للكل أمورهم في حينه، أي في الوقت المناسب.


تُعْطِيهَا فَتَلْتَقِطُ.
تَفْتَحُ يَدَكَ فَتَشْبَعُ خَيْرًا [28].
الله من جانبه يُقَدِّم بفيضٍ، ليُشبعنا، ونحن من جانبنا يلزم ألا نقف في سلبية، بل نلتقط مما يُقَدِّمه لننال ونشبع.
يُدعَى الربُ الصلاح ذاته أو الخير ذاته، وهو كلي الصلاح، لهذا إذ يبسط يديه لنا، خاصة على الصليب، يفيض علينا بالخيرات، فنصير به صالحين، وبدونه لن ننعم بالصلاح الحقيقي.
* المسيح هو يده. "لمن أُستعلنتْ ذراع الرب؟" (إش 53: 1). تُستعلَن لمن تُفتَح له، فإن الإعلان هو انفتاح. "تفتح يدك فتشبع خيرًا". عندما تعلن عن مسيحك، يشبعون جميعهم خيرًا. لكن ليس لهم خير من ذواتهم.
القديس أغسطينوس

* ما هو صالح من الله، وما هو من الله صالح.
القديس أمبروسيوس

* بقوله: تفتح يدك فيمتلئ الكل خيرًا، يدل على سهولة منحه الطعام لها. وأيضًا يشير إلى فتح يدي ربنا على الصليب وامتدادهما، لأن بصلبه امتلأتْ السماء والأرض وكافة الخلائق من خير الله ورحمته.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* لا تخف أيها القطيع الصغير. بقوله: "لا تخفْ" يعني أن أباهم السماوي يهب بكل يقين دون أدنى شك الحياة للذين يحبونه، فهو لن يهمل خاصته، بل بالحري يفتح لهم يده التي تملأ الكون أبدًا بالخير .
القديس كيرلس الكبير

تَحْجُبُ وَجْهَكَ فَتَرْتَاعُ.
تَنْزِعُ أَرْوَاحَهَا فَتَمُوتُ،
وَإِلَى تُرَابِهَا تَعُودُ [29].
كل حياة المخلوقات التي على الأرض هي عطية من الله، وتعتمد عليه. متى سُحِبتْ الروح يرجع الجسم إلى أصله، أي تراب.
إذا حجب الرب وجهه عن خليقته، أي نزع رعايته عنها، ترتعب.
* الإنسان الذي يتوب عن خطاياه يكشف نفسه، أنه ليس له قوة من ذاته، ويعترف لله قائلًا إنه تراب ورماد. أيها المتكبرون إنكم تعودون إلى ترابكم، تُنزَع أرواحكم، فلا تعودون تفعلون ما تفتخرون به. ها أنتم ترون أنكم مخلوقون من تراب، وعندما يحجب الرب وجهه، ترجعون إلى ترابكم. لذلك صلوا واعترفوا بترابكم وضعفكم.
القديس أغسطينوس

* يتحدث المغبوط داود في موضعٍ آخر من المزامير عن الذين على الأرض: "يأخذ روحهم فيموتون، ويعودون إلى ترابهم، ترسل روحك فيخُلقون، وتجدد وجه الأرض". يقصد بوجه الأرض جمالها، ويفهم من جمال الطبيعة البشرية عدم فسادها .
* أولئك الأموات الذين أحياهم المسيح أكبر شاهد على قيامة الأموات... وقد أشار الأنبياء المُقَدَّسون إلى هذه الحقيقة، إذ قيل: "تحيا أمواتك تقوم الجُثَث. استيقظوا ترنموا" (إش 19:26). يُراد بالاستيقاظ حياة المسيح التي يهبها بقوة الروح القدس. وأشار أيضًا المرتل إلى ذلك بعبارات خاطب بها الله مخلص العالم: "تحجب وجهك فترتاع، تنزع أرواحها فتموت وإلى ترابها تعود" (مز 29:104). كانت معصية آدم سببًا في إقصاء وجوهنا عن رؤية الله والتصاقها بتراب الأرض، لأن الله حكم على الطبيعة البشرية بالقول: "لأنك تراب وإلى تراب تعود" (تك 19:3). ولكن عند نهاية العالم يتجدد سطح الأرض، لأن الله الآب يهب بابنه حياة لجميع ما في الكون. الموت جلب على الناس الشيخوخة والفساد... أما المسيح فهو المحيي والمجدد لأنه هو الحياة .]
القديس كيرلس الكبير


تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ.
وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأَرْضِ [30].
كل الخليقة هي من عمل الله، فقد خلق العالم، وهو لا يزال يعتني به كمن يُجَدِّد وجه الأرض.
* ما ورد في الآية 29 يخص الحياة الخاصة بالحواس، أما العبارة 30 فتخص نفوس البشر التي تتمتع بالقيامة الأولى كعربون للتمتع بالقيامة الأخيرة. يقول ايسيشيوس إن الله أرسل الروح القدس، وخلق الأمم بكرازة الرسل القديسين.
الأب أنسيمُس الأورشليمي

* يقول الرسول: "لأننا نحن عمله، مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة" (أف 2: 10). ننال نعمة من روحه، كي نحيا في البرّ، لأنه هو الذي يُبَرِّر الفجّار (رو 4: 5)... عندما يأخذ أرواحنا نرجع إلى ترابنا، ونتطلع إلى ضعفنا لأجل بنياننا، وعندما نقبل روحه نتجدد.
القديس أغسطينوس

* إن كان الخلق هنا يعني إحياء الموتى ثانية، فكيف لا تكون أعمال الروح القدس قديرة، هذا الذي يُعَد بالنسبة لنا واهب الحياة التي بعد القيامة، والذي يناغم نفوسنا مع الحياة الروحية في الدهر الآتي؟ أو إن كان الخلق هنا يعني التغيُّر إلى حالة أفضل للذين سقطوا في الخطية في هذا العالم الحاضر (لأنه كان هكذا تُفهَم بحسب الكتاب المقدس كما جاء في كلمات بولس: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة"). والتغيُّر الذي يحدث في هذه الحياة، والتحوُّل من حالتنا الأرضية الحسية إلى السيرة السماوية، والذي يحدث فينا بالروح القدس، ومن ثم تُرفَع نفوسنا إلى أعلى حالات الإعجاب .
القديس باسيليوس الكبير

* إن كان الآب بالكلمة في الروح القدس يخلق كل الأشياء ويجددها، فأي شبه أو قرابة بين الخالق والمخلوقات؟ إن مثل هذا الكلام الرديء يقود إلى التجديف على الابن، حتى أن أولئك الذين يقولون إن الروح مخلوق، يقولون أيضًا إن الكلمة الذي خُلقتْ به كل الأشياء مخلوق .
البابا أثناسيوس الرسولي

* تحدَّث الرسول بولس عن هذا بكلماتٍ واضحةٍ: "إن كان الخارج يفنى، فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" (2 كو 4: 16). يُخبرنا بأن هذا التجديد يتحقق إذ ننمو في معرفة الله، بمعنى أن نتأمل ونُثَبِّت أفكارنا في شخص الله، الذي هو عادل وقدُّوس (2 كو 4: 17). بممارستنا هذا فإن كل ما هو باطل وزمني يفقد التصاقه بنا، وبالتالي نبدأ نقاوم كل ما يُفسِد صورة الله فينا، ونحتقر هذه الأمور.
هذا هو التغيير الداخلي لنفسك والتقدُّم المستمر نحو الأبدية. توقفْ عن ثقتك في أسس العالم المنظور أكثر من ثقتك في أسس العالم غير المنظور، هذا يكون له أثره على الفكر الروحي المتجدد.
التغيير الداخلي يعني توقُّف تبديد طاقتك والانشغال بالأمور التي تجلب ملذات جسدية، وذلك بالرجاء في أن تُشبِع أعماقك وتجد الفرح الحقيقي الدائم داخلك الصادر عن ينابيع الروح.
خلال الجهاد المستمر يمكننا أن نضبط ونقلل من رغبتنا في الحياة حسب شهوات جسدنا، حسب الأسس الأرضية. هذا يعني أن نرتبط بما هو روحي بحبنا لله، والتصميم على أن نتبعه بالروح.
أخيرًا، يعتمد نجاحنا في هذا كله على العون الإلهي. فإن كلمة الله هي التي تهب راحة وتعلمنا: "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5).
هذا يصف لنا العمل اليومي الذي يتحقق في الذين يتقدمون روحيًا كما ينبغي .
القديس أغسطينوس

* يليق بالروح القدس أن يرفرف على الأرض، ليجعلها تأتي بثمرٍ؛ لأنه بعون الروح تأتي ببذور الميلاد الجديد الذي يتجدد حسب كلمات النبي: "ترسل روحك فتخلق، وتجدد وجه الأرض" (مز 104: 30).
القديس أمبروسيوس



رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يشتهر عصير الليمون بغناه بفيتامين c
يذكر داود الله بغناه في الحب وكرمه
مزمور 94 | يتسم هذا المزمور بغناه في تقديم التعزيات
هل صحيح ان من باعنا بعناه حتى ولو كان غالي؟
هل صحيح من باعنا بعناه؟؟؟؟


الساعة الآن 09:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024