رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" لئلا يخرج كنار غيظي، فيحرق وليس من يطفئ بسبب شر أعمالكم" [4]. يقول العلامة أوريجينوس: [يشتعل غضب الله مثل النار بالنسبة للذين لم يختتنوا له، هؤلاء الذين لم ينزعوا عنهم غُرل قلوبهم. "وليس من يطفئ بسبب شر أعمالكم". طعام هذه النار هي الأعمال الشريرة التي نمارسها، فإن لم توجد أعمال شريرة لا تجد النار لها مأكلًا!]. من لا يقبل عمل الروح الناري فيه يسقط في نار الغضب الإلهي، أي يسقط في مرارة تجلبها أعماله الشريرة عليه، كما جلبت خطايا يهوذا السبي بكل مذلته، هذا الذي يصفه إرميا النبي بصورة قاسية حتى لم يعد يقدر أن يحتمل المنظر [10]... كان صوت التحذير مستمرًا حتى لحظات السبي، إذ يقول: "اخبروا في يهوذا وسمعوا في أورشليم وقولوا، اضربوا بالبوق (shophar) في الأرض، نادوا بصوتٍ عالٍ وقولوا: اجتمعوا فلندخل المدن الحصينة. ارفعوا الراية نحو صهيون. احتموا. لا تقفوا. لأني آتي بشرٍ من الشمال وكسرٍ عظيم. قد صعد الأسد من غابته وزحف مهلك الأمم. خرج من مكانه ليجعل أرضك خرابًا، تخرب مُدنك فلا ساكن، من أجل ذلك تنطقوا بمُسُوح، الطموا ولولوا، لأنه لم يرتد حمو غضب الرب عنا. ويكون في ذلك اليوم يقول الرب، إن قلب الملك يُعدم وقلوب الرؤساء، وتتحير الكهنة وتتعجب الأنبياء" [5-9]. الله القدوس الذي يطلب عروسه مزينة بالقداسة، إذ يراها تمارس الشر الذي يدفعها إلى السبي ينذرها، ويبقى ينذرها حتى اللحظات الأخيرة، فإنه يشتاق ألا تسقط في مرارة السبي... لقد أرسل من يخبرها، ويضربوا بأبواق كلمته، وينادوا بصوتٍ عالٍ، لعلهم يتركون القرى غير الحصينة ويدخلون إلى المدن الحصينة ويرفعون راية صهيون؛أي يدخلون بالتوبة إلى حصنٍ إلهي ويحملون راية الكنيسة، راية الحب الإلهي، فيحتمون من الخطر. يسألهم: "لا تقفوا".... إذ يليق بالعروس أن تتحرك تجاه عريسها، تعلن حبها له عمليًا، كما تحرك هو أولًا نحوها، باذلًا حياته لأجلها. إنه يكرر لها الدعوة بالتوبة حتى لا تسقط تحت التأديب القاسي. يقول العلامة أوريجينوس: [كلمة الله تيقظ السامع، وتُعِده للحرب ضد الشهوات، وضد القوات الشريرة، وتهيئه أيضًا للولائم السمائية. إنها هنا بمثابة بوق. "نادوا بصوتٍ عالٍ، وقولوا: اجتمعوا فلندخل المدن الحصينة" [5]. لا يريدنا الله أن ندخل إلى مدينة غير محصنة، بل إلى مدينة محصنة. فقد تحصنت كنيسة الله بالحق الذي في المسيح يسوع؛ هو نفسه حصنها، كما يقول داود النبي في المزمور: "الرب صخرتي وحصني ومنقذي" (مز 18: 2). أنتم جميعًا الذين كنتم خارج صهيون "ارفعوا الراية نحو صهيون (اهربوا إلى صهيون)؛ احتموا؛ لا تقفوا" [6]. أنتم الذين كنتم في تقدمٍ ونموٍ احتموا في صهيون. "لأني آتي بشرٍ من الشمال وكسر عظيم". عند مجيء هذا الشر، من لا يحتمي ويدخل المدن الحصينة،أي كنائس الله، يبقى خارجًا، يمسكه الأعداء ويقتلونه. من هو هذا العدو؟ لننظر إلى تكملة الحديث: "قد صعد الأسد من غابته وزحف مهلك الأمم" [7]. هذا هو العدو الذي يجب أن نهرب منه. من هو هذا الأسد الذي يتتبعنا؟ ينبهنا إليه القديس بطرس، قائلًا: "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو، فقاوموه راسخين في الإيمان" (1 بط 5: 8-9). يوجد أسد قد صعد من غابته؛ أين هي هذه الغابة؟ إنه سقط إلى أسفل. نزل إلى أسفل الأرض، إلى أعماقها. أنت إنسان، أعلى من الشيطان، لأنك أفضل منه على أي الأحوال، أما هو فهبط إلى أسفل بسبب فساده... إنه يريد أن يدخل إلى أرضك، يريد أن يفترس كل واحدٍ منا... بما أن الأسد قد صعد إليك ليهددك ويخرِّب أرضك، البس المسوح وابكِ وتنهد وتضرع إلى الله بالصلوات، فيهلك هذا الأسد، وتتخلص أنت منه، ولا تقع بين أنيابه. يحاول هذا الأسد أن يصطادك عن طريق آذانك، إذ يلقي إليك كلمات كاذبة محببة إلى نفسك، فيجعلك تحيد عن طريق الحق. يريد أن يلتهم قدميك، وينزعها من فوق أرض الحق. تمنطق بمسوح، واقرع صدرك، ابكِ، واصرخ صرخات الحرب حينما ترى العدو يهددك، فيرتد حمو غضب الرب عنك، عندئذ تستطيع بكل هدوء وطمأنينة أن تتصدى لكل هجمات الأسد، لأنك قد دخلت المدينة الحصينة]. في وسط الخطر يفتح الله باب الخلاص، معلنًا أن غضبه لا يدوم إلى الأبد. إنه يغضب لأنه يرى العدو قادمًا كأسدٍ ليفترسنا ونحن في تهاوننا لا ندخل إليه كمدينة حصينة، ولا نقبله ملجأ لنا. يضرب كما ببوقٍ لكي نرجع إليه فيرجع هو إلينا. ختان القلب يُكسب النفس جمالًا في عيني عريسها السماوي، مما يثير عدو الخير ضدها، فتدخل في حرب روحية، متسلحة بروح التوبة والاتضاع مع الاتكال على إمكانيات عريسها... ومع كل موقعة تتمتع بنصرة جديدة، فيزداد جمالها بهاءً. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|