رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ثمار خطاياها: 29 لِمَاذَا تُخَاصِمُونَنِي؟ كُلُّكُمْ عَصَيْتُمُونِي، يَقُولُ الرَّبُّ. 30 لِبَاطِل ضَرَبْتُ بَنِيكُمْ. لَمْ يَقْبَلُوا تَأْدِيبًا. أَكَلَ سَيْفُكُمْ أَنْبِيَاءَكُمْ كَأَسَدٍ مُهْلِكٍ. 31 «أَنْتُمْ أَيُّهَا الْجِيلُ، انْظُرُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ. هَلْ صِرْتُ بَرِّيَّةً لإِسْرَائِيلَ أَوْ أَرْضَ ظَلاَمٍ دَامِسٍ؟ لِمَاذَا قَالَ شَعْبِي: قَدْ شَرَدْنَا، لاَ نَجِيءُ إِلَيْكَ بَعْدُ؟ 32 هَلْ تَنْسَى عَذْرَاءُ زِينَتَهَا، أَوْ عَرُوسٌ مَنَاطِقَهَا؟ أَمَّا شَعْبِي فَقَدْ نَسِيَنِي أَيَّامًا بِلاَ عَدَدٍ. 33 لِمَاذَا تُحَسِّنِينَ طَرِيقَكِ لِتَطْلُبِي الْمَحَبَّةَ؟ لِذلِكَ عَلَّمْتِ الشِّرِّيرَاتِ أَيْضًا طُرُقَكِ. 34 أَيْضًا فِي أَذْيَالِكِ وُجِدَ دَمُ نُفُوسِ الْمَسَاكِينِ الأَزْكِيَاءِ. لاَ بِالنَّقْبِ وَجَدْتُهُ، بَلْ عَلَى كُلِّ هذِهِ. 35 وَتَقُولِينَ: لأَنِّي تَبَرَّأْتُ ارْتَدَّ غَضَبُهُ عَنِّي حَقًّا. هأَنَذَا أُحَاكِمُكِ لأَنَّكِ قُلْتِ: لَمْ أُخْطِئْ. 36 لِمَاذَا تَرْكُضِينَ لِتَبْدُلِي طَرِيقَكِ؟ مِنْ مِصْرَ أَيْضًا تَخْزَيْنَ كَمَا خَزِيتِ مِنْ أَشُّورَ. 37 مِنْ هُنَا أَيْضًا تَخْرُجِينَ وَيَدَاكِ عَلَى رَأْسِكِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ رَفَضَ ثِقَاتِكِ، فَلاَ تَنْجَحِينَ فِيهَا. إذ كشف لها عن جوانب من سّر ضعفها حدثها عن ثمار خطاياها، ألا وهي: أولًا: صار الله بالنسبة لها كبرية أو أرض ظلام: يقول الرب: "هل صرتِ برية لإسرائيل أو أرض ظلامٍ دامسٍ؟! لماذا قال شعبي: قد شردنا لا نجيء إليك؟" [31]. كأن الله يعاتب شعبه قائلًا: لماذا تهربون مني، هل رأيتموني برية تهربون منها، أو أرض ظلام تخافونها؟! يعلق العلامة أوريجينوسعلى هذه العبارة موضحًا أن الله يهب نوعين من العطايا، عطايا عامة وأخرى خاصة؛ فيهب نور الشمس والهواء وكل الخيرات الأرضية لكل العالم. إنه ليس بالبرية القاحلة بل صانع الخيرات الذي "يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين" (مت 5: 45). إنه ليس بأرض ظلام دامس، وإنما "الله نور وليس فيه ظلمة البته" (1 يو 1: 5) فبالنسبة للعطايا العامة يظهر الله بكونه واهب الخيرات للجميع والمشرق بنوره على الكل. أما بالنسبة للعطايا الخاصة مثل عطية الاستنارة والبنوة إلخ. فتُعطى للمؤمنين، أما غير المؤمنين يُحرمون منها فيصير الله بالنسبة لهم برية وأرض ظلام دامس. إذ رفض إسرائيل الإيمان بالسيد المسيح، صار الله بالنسبة له هكذا، وكما قال الرسول بولس: "لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون، لهؤلاء رائحة موتٍ لموتٍ ولأولئك رائحة حياة لحياة" (2 كو 2: 15-16). يقول العلامة أوريجينوس:["هل صرتُ برية لإسرائيل أو أرض ظلام دامس؟" [31]. في بداية هذا النص، يقول الرب أنه لم يكن برية لإسرائيل، ولا أرض ظلام دامس... فهل أصبح اليوم برية لإسرائيل، هل أصبح الآن أرض ظلام؟ أم ماذا؟ عندما لم يكن لإسرائيل كذلك، هل كان للأمم في ذلك الوقت برية وأرض ظلام؟ إذا كان الله لم ولن يكن للجميع برية أو أرض ظلام، فلماذا إذًا يقول هذا الكلام لإسرائيل؟ لنراجع أعمال الله الصالحة العامة والخاصة. لا يمكن أن يكون الله "برية" لأحدٍ وهو الذي "يشرق شمسه على الأشرار والصالحين". ولا يمكن أن يكون أرض ظلامٍ وهو الذي "يمطر على الأبرار والظالمين". كيف يمكن أن يكون أرض ظلامٍ وهو الذي عمل النهار، وأيضًا أعطانا الليل للراحة؟ كيف يكون برية وهو الذي يعطي الخصوبة للأرض؟ كيف يكون برية وهو الذي يعول كل نفسٍ، ويعطي للإنسان القدرة والحكمة والذكاء، ويعطيه أيضًا في جسده "الحواس المدربة" (عب 5: 14)؟ إذًا، من وجهة النظر العامة لا يمكن أن يكون الله برية لأحدٍ. أما من وجهة النظر الخاصة، فسوف أعود إلى موضوع إسرائيل وأقول: لم يكن الله لهم برية ولا أرض ظلامٍ عندما كانوا في مصر، فكان يصنع لهم العجائب ويعطيهم الآيات. لكن في كل مرة كانوا يتراخون فيها كانوا يجدون الله في نظرهم برية وأرض ظلام، مع أنه لا يمكن لله أن يكون كذلك. مع ذلك، عندما لم يكن الله برية ولا أرض ظلام لإسرائيل، كان للأمم برية وأرض ظلام، ثم عندما تحول الله عن إسرائيل وأصبح بالنسبة لهم برية وأرض ظلام في نظرهم، كثرت النعمة للأمم، وأصبح يسوع المسيح بالنسبة لنا ليس برية وإنما شبعًا وامتلاءً؛ ليس أرض ظلامٍ وإنما أرض خصبة. لأن "بني المستوحشة أكثر منبنيذات البعل" (إش 54: 1). يوجه الله الوعيد لهؤلاء الذين لم يكن لهم أبدًا في يوم من الأيام برية أو أرض ظلام، فيقول لهم: لم أكن لكم برية ولا أرض ظلام، ولكن أنتم الذين قلتم "قد شردنا (سوف لا يكون لنا إله) لا نجيء إليك بعد" [31].هل كان ذلك يأسًا من شعب إسرائيل عندما قالوا: "لا نجيء إليك بعد، سوف لا يكون لنا إله"؟]. يرى العلامة أوريجينوس أنه يلزم التفرقة بين أعمال الله الصالحة العامة وأعماله الصالحة الخاصة. فهناك خيرات يعطيها الله لكل الناس وإلى الأبد مثل شروق الشمس وسقوط الأمطار والأرض الخصبة. ومن وجهة النظر هذه لا نستطيع أن نقول أن الله يمكن أن يكون "برية". أما بالنسبة للخير الخاص الذي خص به شعب إسرائيل ثم سحبه منه، في هذه الحالة أصبح من وجهة نظرهم برية. لكنه لم يكن كذلك أبدًا لأن ما أخذه من إسرائيل أعطاه للمسيحيين. هذههي أبشع صورة لثمر الخطية أن الله مصدر الحياة والنور يتحول بالنسبة للشرير إلى برية قاحلة وأرض ظلامٍ دامسٍ، يهرب من الله كما من مصدر هلاكه! يصير الله بالنسبة له ثقلًا يريد الخلاص منه، كما يتخيله بعض الوجوديين المعاصرين الآن، يحسبونه كابوسًا لا بُد للإنسان أن يتحرر منه! وقد جاءت العبارة "قد شردنا" في بعض الترجمات "قد صرنا أحرارًا من الله" أو "قد صرنا سادة". يدهش الله كيف يريد شعبه أن يتحرر منه مع أنه هو سّر حياتهم واستنارتهم وشبعهم وزينتهم، لهذا يعاتبهم قائلًا: إن كانت العذراء تعتز بزينتها [التي هي عفتها فلا تحلها خلال الخداعات واللهو] (كما يقول الأب ميثوديوس)، والعروس لا تنسى ثياب عرسها، فكيف نسيني شعبي أيامًا بلا عدد [32]؟! يقدم لهم العذراء والعروس مثالين، لأنه يتطلع إلى شعبه كعذراء عفيفة مُقدمة له يليق بها ألا تفقد عفتها وبتوليتها بخداعات العدو ولهو العالم، وكعروسٍ مقدسة له تجد في الله عريسها سّر بهائها ومجدها المُعلن في ثياب عرسها! يقول: "لماذا ٌتحسنين (تهندم نفسها) طريقك لتطلبين المحبة، لذلك علَّمتِ الشريرات أيضًا طرقك؟" [33]. عوض قبولكِ لي كسّر زينتك السمائية مددتى يدك للزينة الخارجية، وعوض قبولكِ حبى الإلهي تطلبين محبة الأشرار، وتُعلمين بناتكِ الشر! "أيضًا في أذيالك وُجد دم نفوس المساكين الأذكياء، لا بالنقبِ وجدته بل على كل هذه" [34]. فيما أنتِ تزينين نفسك بالزينة الخارجية لتطلبي محبين يصنعون الشر معكِ، إذا بالجريمة ملتصقة بأذيال ثيابكِ. ولما كانت الثياب رمزًا للجسد، فكأنه يقول إن علامات الجريمة قد التصقت بكل جسدك حتى أذياله. تدنس كل عضو فيه، وتلطخ بدم الفقراء الأبرياء الذين تظلمينهم. هذا الأمر لا يحتاج إلى بحث وتنقيب فهو مُعلن على أذيال ثيابك ومرتبط بجسدك، وواضح في حياة الجميع. (يفسر البعض عبارة "بل على كل هذه" بمعنى أن تلطيخ الدم قد بلغ إلى كل هؤلاء الرؤساء). ثانيًا: تبرير ذاتها: لا تقف آثار الخطية عند الهروب من الله كما من البرية وأرض ظلامٍ دامس لترتبط بالشر والخطية في زينة خارجية، وإنما فيما هي ملطخة بدم الشر تبرر ذاتها، ولا تدرك خطأها. "وتقولين لأني تبرأت ارتد غضبه عني حقًا، هأنذا أحاكمكِ لأنكِ قلتِ لم أخطئ" [35]. هذا هو أبشع ما يصل إليه الإنسان، يشرب الإثم كالماء ولا يدري، يرتكب الشر ولا يراه شرًا! بهذا يغلق الإنسان على نفسه داخل الخطية فلا تجد التوبة لها موضعًا فيه. ثالثًا: يحطم مكاسبها الشريرة: إذ يرتمي الإنسان على الشر يظن أنه ينال شيئًا لم ينله في طريق البر. فمن محبة الله لنا أنه يسمح بتحطيم ما نلناه لندرك أن الشر غير قادر على تقديم شيء. هكذا إذ اتكأ شعبه تارة على ملك بابل وأخرى على فرعون مصر، جعله يخزي في بابل كما في مصر ليتكئ على صدر الله الأبدي القادر أن يهب راحة. "لماذا تركضين لتبدلي طريقك؟! من مصر أيضًا تخزين كما خزيت من أشور؛ من هنا أيضًا تخرجين ويداكِ على رأسك، لأن الرب قد رفض ثقاتك فلا تنجحين فيها" [36-37]. لقد أبدلت ثقتها فأحلت مصر عوض أشور لكي تحميها، لكنها كمن هي في مأتم قد مات من يعولها، فتضع يديها على رأسها لتندب من اتكلت عليه، لقد تحطمت كل خطتها البشرية. كما يشير وضع اليدين على الرأس إلى السبي، حيث غالبًا ما يُقاد المسبيون إلى أرض السبي بهذه الصورة. ملخص الدعوى: يمكن تلخيص الدعوى الموجهة ضد شعبه في الآتي: 1. صاروا كالأصنام التي يتعبدون لها، أي "صاروا باطلًا" [5]. 2. جاحدون، ينكرون أعمال الله محررهم ومخلصهم [6-7]. 3. نجسوا ميراث الرب وأرضه [8]. 4. فاقوا الأمم في الشر، إذ أبدلوه بآلهة باطلة [10-11]. 5. تشهد الطبيعة ضدهم [12]. 6. تركوا الينبوع الحيّ وشربوا من ينابيع فرعون مصر وبابل [13-19]. 7. صاروا كحيوان جامح [20]. 8. صاروا كزانية وقحة [2]. 9. صاروا كرمة غير مثمرة [20]. 10. بررت مملكة يهوذا نفسها عوض الاعتراف بالخطأ [22]. 11. صاروا كناقة بلا قيادة، خفيفة في تحركاتها [23]. 12. صاروا كأنثى الحمار البرى أفقدتها شهوتها اتزانها [24]. 13. صارت كالسارق الذي ضُبط [26]. 14. فقدت المنطق فجعلت من الأنثى أبًا ومن الذكر أمًا [27]. 15. نسيت نفسها كعروسٍ مزينة [32]. 16. معلمة للشر [33]. 17. سافكة دماء المساكين [34]. 18. أخيرًا صارت مسبية، تضع يديها على رأسها [37]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|