ومن يدقِّق في قصة هجرة إبراهيم السابقة، سيكتشف أنه ربما كان الجوع ستارًا يخفي سببًا آخر للهجرة؛ الانبهار بالحضارة الفرعونية والخيرات المتعددة، ولهذا قال لزوجته سارة: «قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي، لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ» (تكوين١٢: ١٣).
وانتهت مشكلة الجوع، التي هاجر بسببها إبراهيم، «فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا، وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ» (تكوين١٢: ١٦)، لكن للأسف ظهرت مشاكل أكبر وأعوص؛ حين أُخذت منه زوجته وحبيبته سارة، ليتزوجها فرعون، وقضى إبراهيم ليلته في حضن البقر والغنم والحمير، فيما تقترب شريكة حياته من حضن رجل آخر!!
وتعلَّم إبراهيم الدرس الصعب، الذي ليتنا نتعلمه، وهو أن العالم لا يقدِّم شيئًا مجانًا، فإن أعطى بأصبع فسيأخذ بكلتا يديه. وأن الهجرة بدون مشيئة الله قد تحلّ مشكلة، لكنها ستخلق عشرات المشاكل، فهي package لا يمكن انتقاء الصالح فقط، وتجنب الرديء منها.