* "ما أعظم أعمالك يا رب! وأعمق جدًا أفكارك!" هذه هي مشاعر الرسول الذي يعلن: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه" (رو 11: 33). لأن أفكارك لا يُسبر غورها، ليس من تأمل بشري، ولا فكر إنساني يقدر أن يدرك عملك. يقول مزمور آخر: "كل أعمالك موثوق فيها" (راجع مز 32: 4). لاحظوا جيدًا: "كل أعمالك موثوق فيها". إن كانت معرفتنا للمخلوق تعتمد بالأكثر على الإيمان أكثر من العقل، كم بالأكثر هذه المعرفة الحقيقية التي لنا من جهة الخالق وصانع كل الأشياء؟ إذ يقول الكتاب المقدس: "كل أعماله موثوق فيها" إذن، أنا أيضًا الذي أتكلم موثوق فيه، مادمت أنا جزءًا من أعماله. أنا أيضًا موضوع إيمان وليس عقل، فإنني لا أستطيع أن أعرف الأساس الذي به أسير وأتكلم في أخذ القرارات. لماذا إرادتي تأمر؛ لماذا جسدي يطيع إرادتي، كيف يمكن للنفس الخالدة إن تتحد بجسم قابل للموت، لماذا تجول نفسي هنا وهناك، ولا يُمكن أن تُحد بواسطة نطاق العالم، ومع هذا تُحد في جسم.
القديس جيروم