منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
قديم 05 - 06 - 2023, 04:54 PM   رقم المشاركة : ( 31 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس


الوصول إلى جزيرة مالطة:

+ وفي نصف الليل صار صراخ. هوذا أرض قريبة! إنهم يسمعون صوت الأمواج ويرون رغاوتها الغاضبة. فيدركون اقترابهم من شاطئ. فقاسوا ووجدوا العمق عشرين قامة. وبعد قليل قاسوا فوجدوه خمس عشرة قامة. ومن المعروف على مدى التاريخ أن ساعة الخطر تبرز الخائن كما تبرز الشجاع الصريح. لهذا نجد أن البحارة أرادوا الهرب. فحاولوا إنزال قارب للنجاة. وهمس بولس في أذن قائد المائة بما ينوون. وفي ومضة قطع السيف الروماني حبل القارب.
+ وما كاد يوليوس يتخلص من هذا الخطر حتى داهمه خطر آخر. فقد جاء ضابطه يسأله: "أنقتل الأسرى لئلا يهربوا؟!" ولكن هذا القائد الوفي يفكر في بولس الذي يدين له الجميع بالتهدئة النفسية. فليس من المنفعة ولا من اللائق قتله، لذلك أخذ على عاتقه مسئولية منع القتل.
+ أخيرًا بزغ الفجر وأبصروا خليجًا فاتجهوا نحوه. ولكن الريح العاتية دفعت بالسفينة بعنف فانغرس مقدمها في الأرض. ثم أخذ يطوّح بها يمنة ويسرة فتكسرت ووسط المعمعة أمسك كل رجل بخشبة وعام على الرغم مما أصابه من تخبيط وتجريح وهكذا وصل الجميع إلى البر.
+ كان الله ساهرًا على سلامتهم كما سلامتنا - سواء أكان بيننا بولس أو لم يكن. وقد يعترض من يقول: إنه يتركنا أحيانًا لنغرق! فليكن لأنه حتى إذا تركنا نغرق، ودفعت بنا الأمواج إلى العالم الآخر فهو يعتني بنا وهو واقف ينتظرنا على الناحية الأخرى.
 
قديم 13 - 06 - 2023, 02:42 PM   رقم المشاركة : ( 32 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس





كرازة بولس في جزيرة مالطا



كرازة بولس فيها: + وهؤلاء الرجال الذين نجوا من السفينة التي كسرّتها الأمواج وجدوا أنهم وصلوا إلى جزيرة - هي جزيرة مالطة. وليس من شك في أنهم وصلوها عند الخليج المسمَّى الآن "خليج القديس بولس". فأبدى "البرابرة"إحسانًا غير المعتاد، وتجاوبًا مع هذا الإحسان شفى بولس مرضاهم وعلمهم إنجيل الأمل البهيج. وفي إمكاننا أن نتصور ما غمر قلوبهم من فرحة وسلام.

+ ولقد قضوا ثلاث شهور بتلك الجزيرة انتظارًا لسفينة تحملهم إلى إيطاليا، وبذلك انتهى الشتاء وهم فيها: وبعدها أقلّتهم سفينة إسكندرية أيضًا، ووصلت بهم إلى ميناء الجميل - ميناء بوطيولي Puteoli. وقد دخلت الميناء مرفوعة الشراع، وكأنها في شيء من الاعتزاز لأن هذا الشراع المرفوع كان ميزة للسفن الإسكندرية الحاملة للقمح. أليست حاملة للغذاء الأساسي اللازم للجسد؟ وهذه المرة كانت تحمل -على غير علم منهم- خبز الحياة الأبدية.
ويا لعجب عمل الله الخفي! فقد شاء أن السفينة الحاملة للقمح تحمل أيضًا الكاروز الحامل لبشرى الفداء! ومن عجبه أيضًا أن هذه السفينة تأتي إليهم من عاصمة مارمرقس الكارز العظيم الذي هو أيضًا نادى بكلمة الخلاص في مختلف البلاد، والذي شهد له بولس نفسه قائلًا أن " مَرْقُسَ ... نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ " (2 تيموثيئوس 4: 11). وهذه شهادة ذات قيمة مزدوجة: إنها تأتي من خادم أمين يعرف قيمة الخدمة؛ وهي تأتي من بولس الذي رفض مشورة برنابا باستصحاب مرقس بعد أن انفض المجمع الرسولي الأول (أعمال 15: 36-41). وهكذا نرى طيف مصر في هذه اللحظة من تحركات رسول الأمم إلى عاصمة الأمم.
+ ووقف بولس على ظهر هذه السفينة الإسكندرية وتأمل جمال المنظر أمامه: منظر الحدائق البديعة تتخللها فيلات أنيقة. ولكن يالبؤس الإنسان! فهذا الجمال وهذه الأناقة يعيش فيها قوم بلغوا قاع الهاوية من الشر: وفي إحداها يعيش الحاكم المطلق الذي يعتبره رعاياه إلهًا! وهذا الإله قد قتل أمه قبل ذلك بسنة. وفي هذه السنة قطع رأس زوجته الشابة وأرسلها هدية إلى خليلته! فما كان أحوج هذا المجتمع الروماني حاجة ماسة إلى السيد المسيح،ولم يكن أحد من الرسل قد وصل حتى تلك الساعة إلى العاصمة الرومانية الفائضة بالفجور والفساد .
+ وسار يوليوس بجنوده وأسراه من شارع إلى آخر، ومن زقاق إلى زقاق. وأخيرًا وصلوا إلى مقر "الحرس البرتيوري" . ولقد أبدى عناية فائقة ببولس إلى النهاية إذ أوصى به خيرًا لقائد هذا الحرس. ونتيجة لتوصيته لم يُطرح بولس في زنزانة مزعجة بل سمحوا له بأن يستأجر بيتًا يعيش فيه، كما سمحوا لمن يريد زيارته والسؤال عنه أن يأتي إليه. ولكنهم قيّدوا يديه بالسلاسل ووضعوا جنديًا إلى جانبه لحراسته. وعلى الرغم من هذا فقد استطاع أن يشعر بالراحة والهدوء.

 
قديم 13 - 06 - 2023, 02:51 PM   رقم المشاركة : ( 33 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس





بولس في رومية


في رومية: + وبعد استقراره في ذلك البيت بثلاثة أيام استدعى بولس الذين كانوا وجوه اليهود وفسرّ لهم موقفه بالضبط. فقالوا: "نَحْنُ لَمْ نَقْبَلْ كِتَابَاتٍ فِيكَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ، وَلاَ أَحَدٌ مِنَ الإِخْوَةِ جَاءَ فَأَخْبَرَنَا أَوْ تَكَلَّمَ عَنْكَ بِشَيْءٍ رَدِيٍّ. وَلكِنَّنَا نَسْتَحْسِنُ أَنْ نَسْمَعَ مِنْكَ مَاذَا تَرَى، لأَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَنَا مِنْ جِهَةِ هذَا الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَاوَمُ فِي كُلِّ مَكَانٍ " (أعمال 28: 17-22).
+ وواضح من أقوالهم أنه لم يكن قد وصل إليهم أحد من الرسل. إذن فبولس أول من دخل رومية وعلّم فيها، وهو الذي قال: "حرصت أن لا أبشر حيث بشّر غيري" (رومية 15: 20). بل إنه قالها في رسالته للرومانيين بالذات وقد استكمل بقوله: "لئلا أبني على أساس لآخر".
+ وهنا يجدر بنا أن نقف لنوازن بين موقف رسول الأمم وبين موقف من جاءوا إلى مصرنا على زعم أنهم مبشرون. إنه يرفض أن يقيم بناءه على حساب غيره؛ أما هم فلم يركّزوا بناءهم إلا على أساس غيرهم؛ إنهم أخذوا أولئك الذين سرت المسيحية في قلوبهم تسعة عشر قرنًا وحوّلوهم عن كنيستهم العريقة التي جالدت الزمن إلى كنائسهم الخاصة. ومما يوجع النفس أنهم حين كانوا يرسلون تقاريرهم السنوية إلى مقر رياستهم، كانوا يسجّلون فيها أنهم اكتسبوا كذا شخص للسيد المسيح! فمتى يحترم الإنسان كرامة أخيه الإنسان؟!
+ وكان حراس بولس يتبادلون الحراسة مرتين يوميًا، ولم يسعهم إلا الإعجاب بهذا الأسير الممتلئ فرحًا على الرغم من قيوده. وليس من شك في أن البعض منهم تعلق به، وأن مجموعات صغيرة منهم كانت تأتي لزيارته في الأمسيات. وبالطبع لم يكن من حديث غير الرب يسوع المسيح. ومن المعقول أيضًا أنهم كانوا يتحدثون عنه وهم في معسكرهم ويتحدثون عن دينه العجيب. فهو بنفسه يقول: "إن وُثقي صارت ظاهرة في المسيح في كل دار الولاية" (فيلبي 1: 13). ولو تخيّلنا عدد الجنود الذين تعاقبوا عليه خلال السنتين لأدركنا عمق الأثر الذي أحدثه في هذه "الفرقة البريتورية". لأن بولس حتى في سجنه أدرك الضرورة الموضوعة عليه: الاهتمام بجميع الكنائس. وهو لم يحمل الكرازة في رومية وإلى معقل المهيمنين عليها فقط، بل تطلع ببصيرته نحو أحبائه البعيدين عنه، فكان يرسل إليهم من حين إلى حين رفقاءه المحيطين به والذين حمّلهم رسائله.


 
قديم 13 - 06 - 2023, 02:56 PM   رقم المشاركة : ( 34 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس





تبرئة بولس:



+ أخيرًا وبعد تباطؤ تنفيذ القانون، وفي ربيع سنة 63 م.، وقف بولس أمام محكمة نيرون الاستئنافية. ومن العجب أن الحكم صدر لصالحه! فيبدو أن اليهود سئموا مطاردته فسكتوا كما أن تقارير فستوس وأغريباس وكلوديوس ليسياس كانت كلها تعاطفًا معه. وانضم إلى هؤلاء يوليوس قائد المائة الذي أوصله إلى رومية. ومن المعقول أن الضباط البريتوريين الذين تعاقبوا على حراسته قد ضموا -هم أيضًا- شهادتهم. وفوق هذه كله فالقضاة الرومان لا يهمهم في قليل أو كثير أمورًا خاصة بالشكليات اليهودية. لهذا كله، ومع أن لوقا لا يخبرنا عن المحاكمة ونتيجتها إلا أن الكنيسة الأولى أعلنت عن اقتناع بأنهم فكوا قيوده وأطلقوا سراحه. فذهب مرة أخرى ليستكمل رسالته العظمى التي ناداه إليها الرب وهو في الطريق إلى دمشق.
+ ولا نجد غير إشارات في رسائله نستنتج منها أنه ذهب إلى كولوسي ومكث في بيت فليمون حيث قابل أنسيمس للمرة الثانية. ومن هناك نجح في القيام بزيارة رعوية لجميع الكنائس التي أسسها. فثبتها على الإيمان ورسّخها لتستمر بعد انتقاله من هذا العالم. بل نستطيع أن نستنتج أيضًا أنه سافر بحرًا على سفينة مرسيلية ووصل إلى أسبانيا فأسس فيها كنيسة. كل هذا مجرد استنتاج لأنه ليس بين أيدينا سجل كالذي أعطاه لنا لوقا.
+ وفي فترة ما خلال سفرياته، كتب رسالته الأولى إلى تيموثيئوس الذي كان قد أقامه أسقفًا على أفسس. وبالمثل أرسل إلى تيطس الذي كان قد رسمه أسقفًا على كريت. وهكذا ظل يتنقل من كنيسة إلى أخرى مرتبًا أمورها ومودّعًا شعوبها.
 
قديم 03 - 11 - 2023, 12:24 PM   رقم المشاركة : ( 35 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس




الخطر يتزايد:

+ وكان الخطر يتزايد يومًا بعد يوم. فقد أشعل نيرون النار في رومية ليتفرّج عليها من قصره وهو يعزف قيثارته! ثم أصابه الذعر أمام فعلته الشنعاء. وبدافع هذا الذعر الصق التهمة بالمسيحيين. وهكذا قام اضطهاد عنيف ضدهم في العاصمة الإمبراطورية لم يلبث أن امتدّ منها إلى أطرافها. ولا ندري على وجه التحقيق ما الذي حدث. ولكننا نعرف أن بولس سبق إلى رومية لمحاكمته مرة ثانية.

+ وكانت رحلته هذه المرة شاقة مضنية. فلم يكن معه من أصدقائه غير لوقا، ونلمح ومضة عابرة تهز قلوبنا في رسالته الثانية إلى تيموثيئوس. فهو في وحدته بالسجن منتظرًا الموت يريد أن يرى "ابنه" المحبوب ليعطيه وصيته الأخيرة، ومع ذلك فالرسالة تفيض بالرجاء وبالتشجيع وبالنصيحة الحكيمة.
 
قديم 03 - 11 - 2023, 12:53 PM   رقم المشاركة : ( 36 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس




وقفة ثانية أمام نيرون:

+ ووقف مرة ثانية أمام نيرون، وكم كانت تكون صورة رائعة لو أن لوقا كان حاضرًا معه ليسجِّلها لنا. فهنا وقف خير رجل وجهًا لوجه مع شر رجل، تلاقى الخير والشر مواجهة. وكان الخير مُقيدًا بالسلاسل والشر جالسًا على العرش! وكم من مرة حدث هذا في عالم انقلبت فيه الأوضاع! فما زال الشر يناصب الخير العداء. وما زال الخير يصارع لينقذ العالم. ولكن على الرغم من كل المظاهر فالخير هو المنتصر. وفي هذا الوضع حين بدا أن الشر غلب تراجع متقهقرًا أمام الخير في النهاية. ومن ذا الذي يشك فيمن كان الأسعد: الشيخ المصارع الباسل الذي عاش من أجل الله بل عاشه فعلًا، ولم يكن ليملك في النهاية غير ثوب عتيق وبعض الرقوق، أم ذلك الإمبراطور الشرير الفاسق الذي كان يملك المال الوفير ويملك أيضًا السلطة المطلقة؟

+ وانتهت المحاكمة بسرعة، فلم يقف إلى جانب بولس محامٍ ولا صديق. ولم يكن من المهم أن يقف أحد إلى جانبه. فما دام المسيحيون متهمين بإحراق رومية، وما دام بولس متهمًا بأنه زعيمهم - فأي دفاع مهما بلغ من الصدق والبلاغة يمكن أن يؤثر في ذلك الطاغية السافل الذي بيده الحكم؟ ولأنه مواطن روماني صدر الأمر بقطع رأسه.
 
قديم 03 - 11 - 2023, 01:03 PM   رقم المشاركة : ( 37 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس





استشهاده:

+ وإن الرجاء ليملأ قلوبنا في أن يكون الحراس الذين اقتادوه كانوا من البريتوريين الذين في إمكانهم أن يحموه من تهجّم الرعاع. وسار الموكب. ووصل إلى ساحة الإعدام. ولمع سيف عريض في نور الشمس. وسقطت رأسه كلها شيب على الأرض، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ولم يحظّ هذا المصارع المستميت في النهاية بمن يحمله في إعزاز ويبكي عليه ويدفنه بإكرام!

+ وليس في إمكاننا أن نرسم الصورة التالية: صورة هاتين العينين اللتين أغمضتهما ظلمة الموت لينفتحا على ذلك النور الذي يفوق بهاء الشمس. وهذه النفس المتواضعة الذي اعتبرها صاحبها كبيرة الخطاة وقفت أخيرًا وجهًا لوجه مع السيد المسيح الذي اقتنصها على الطريق إلى دمشق.

+ ويروي التقليد الروماني قصة لها جاذبية خاصة - وهي أنه بينما كان بولس في طريقه إلى الإعدام، التقت به أميرة نجح في اكتسابها إلى ربه. فبكت عند مرآه. قال لها: "لا تبكي بل بالحري هنئيني لأني سألاقي مخلصي وحبيبي، وأرجوك أن تعيريني طرحتك لكي أغطي بها وجهي من بهاء النور الذي سأواجهه"، فأعطته إياها. ولما انتهى السيّاف من مهمته وعاد الجند ليبلغوا الأمر إلى قيصر وجدوا الأميرة واقفة حيث تركوها. فسألت قائدها: "أين القديس بولس؟" أجابها: "إنه ملقّى حيث رمى به السيّاف". قالت: "ليس هذا بالصدق. فقد رأيته أنا صاعدًا إلى السماء وسط جمهور من الملائكة الفرحين المسبّحين. وهو قد رمى لي بطرحتي التي أعطيتها له في ذهابه - وها هي!"


+ ولئن كان بولس لم يتمكن من الذهاب بالجسد إلى أقاصي الأرض فقد نابت عنه رسائله فأوصلت البشرى الذي كان مشتعلًا بها إلى كافة البقاع: إنها أوصلتها إلى بلاد لم تكن معروفة آنذاك. فالناس يقرأونها من القطب الجنوبي إلى القطب الشمالي، ومن مشارق الشمس إلى مغاربها. ولأن رسول الأمم نجح في معركته الحيوية بتوكيد حق الأمم في السيد المسيح بغير اضطرار إلى الخضوع لربقة الناموس، فالمسيحية الآن تعرفها شعوب افريقيا وأمريكا الجنوبية، كما يعرفها الاسكيمو في كندا والشعوب السكندينافية وأيسلاند. وليس من شك في أنه مازال منشغلًا بالاهتمام بجميع الكنائس مصليًا من أجل انتشار ملكوت الرب يسوع المسيح أكثر فأكثر، حتى وإن كان فرحًا بكونها الآن قد ملأت القلوب من أقاصي الأرض إلى أقاصيها.
 
قديم 03 - 11 - 2023, 01:14 PM   رقم المشاركة : ( 38 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس





رسائل الشهيد بولس الرسول

مقدمة:


+ إن الدارس لحياة القديس بولس الرسول ليزداد إعجابًا به كلما امتدت به الدراسة. فهو رجل هزيل الجسم، يشكو من شوكة في الجسد لا نعرف متى أصيب بها وإنما نعرف أنها لازمته إلى آخر حياته إذ لقد أجاب الرب على ضراعته في رفعها عنه بقوله: "تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ" (2 كورنثوس 12: 9). فتقبّل هذا الرد الإلهي بشكر.

+ والأعجب من ذلك أنه حين أراد أن يثبت حقه في الرسولية قدّم كشفًا رهيبًا بما قاسى من الضيقات والآلام! ومن البنيان لنفوسنا أن نتبصّر هذا الكشف: "... أَهُمْ خُدَّامُ الْمَسِيحِ؟ أَقُولُ كَمُخْتَلِّ الْعَقْلِ، فَأَنَا أَفْضَلُ: فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً. مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ضُرِبْتُ بِالْعِصِيِّ، مَرَّةً رُجِمْتُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ انْكَسَرَتْ بِيَ السَّفِينَةُ، لَيْلًا وَنَهَارًا قَضَيْتُ فِي الْعُمْقِ. بِأَسْفَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، بِأَخْطَارِ سُيُول، بِأَخْطَارِ لُصُوصٍ، بِأَخْطَارٍ مِنْ جِنْسِي، بِأَخْطَارٍ مِنَ الأُمَمِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْمَدِينَةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَرِّيَّةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَحْرِ، بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ. فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ، فِي أَسْهَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ، فِي أَصْوَامٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ..." (2كورنثوس 11: 22-33). هذه هي شهاداته العليا التي نالها من جامعة الرب المسيح. وقد تلقّاها الكورنثيون بخشوع لأنهم شهدوا بعيونهم بسالة الرجل الذي يقدمها لهم.


+ ثم أنه طورِ

د حتى من عائلتهّ! صحيح أننا لا نسمع شيئًا عن أمه فلا ندري إن كانت قد انتقلت من هذا العالم وهو طفل بعد. ولكن أباه غضب غضبة جامحة حين رآه قد سار وراء السيد المسيح - غضب إلى درجة حرمه من الميراث. ونحن نعرف أنه كانت له أخت تعيش في أورشليم، ولكننا لا نسمع عنها إلا حين ذهب ابنها إلى المعسكر الذي احتجزه فيه كلوديوس ليسياس لينذره بالمؤامرة التي تآمر بها اليهود لقتله.

+ وليس ذلك فحسب: فغالبية الرسل تباعدت عنه. تباعدوا أولًا لتشككهم في صدق مسيحيّته. وتباعدوا ثانيًا لإصراره على حرية الأمم وحقهم المتساوي مع اليهود في السيد المسيح!

+ وإلى جانب هذا كله فقد كان مضطرًا إلى العمل لكسب قوته، فهو قد أعلن: "أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي وَحَاجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ الْيَدَانِ" (أعمال 20: 34). فكان لذلك مضطرًا إلى السهر ليلًا للاشتغال بعمل الخيام.

+ ومع هذا كله، وعلى الرغم من هذا كله، فقد كرز في مدن هذا عددها وأسس بها كنائس مازالت باقية إلى الآن وكتب أربعة عشر رسالة هي: رومية، رسالتين إلى كورنثوس، غلاطية، أفسس، كولوسي، رسالتين إلى تسالونيكي، رسالتين إلى تيموثيئوس، رسالتين إلى تيطس، فليمون، العبرانيين.

+ ويظن بعض العصريين أن الرسالة إلى العبرانيين ليست له لأنه لا يبدأها بقوله: "بولس عبد يسوع المسيح" ولكن آباءنا وجميع الكنائس الشرقية التي نشأت منذ فجر المسيحية علمونا أنها ضمن ما كتب، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ويفسِّر ذهبي الفم بدايتها المختلفة بعنف مقاومة اليهود له في كل مكان. فلو أنه استهلها بإعلانه شخصيته على الفور لرفضوها وقاطعوها قبل أن يقرأوها لذلك يبدأ بتذكيرهم بما يعتزّون هم به اعتزازًا فيقول: "اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ،..". فهو بهذه البداية غير المعتادة يستثير رغبتهم في التقرب إلى السيد المسيح. ثم يُقدم لهم كشفًا جذّابًا بالعدد الوفير من الرجال المحببّين إليهم مبتدئًا من هابيل وممتدًا على مدى عصورهم المضيئة. وفي ختامه يقول: "وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ..." نرى إلى أي حد كان بولس بنَاءً حكيمًا، فهو، بعد تقديمه هذا الكشف، يهيب بهم: " لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا... وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ..) " (عبرانيين 12: 1-2) فهو يسير من إيمان آبائهم إلى الإيمان بالسيد المسيح.

+ ومع ذلك فهو يخوض المعركة عينها: معركة حق الأمم ولكن من وجهة نظر اليهود. إنه يخوضها خلال المقارنة بين الكهنوت اللاوي والكهنوت الجديد، معلنًا أنه لو كانت هناك كفاية في الكهنوت اليهودي لما قامت الحاجة إلى كهنوت "على طقس ملكيصادق" الذي قدّم له إبراهيم العشور علامةً على أن ملكي صادق أعلى مكانة من إبراهيم (عبرانيين 4: 14؛ 5؛ 7-10) فالمقارنة التفصيلية بين العهدين القديم والجديد، وأفضلية الجديد الذي حررنا من الحاجة إلى الناموس - هذا كله دليل على أن الرسالة للعبرانيين قد كتبها بولس إليهم، وعلى الأخص لأنه كان متلهّفًا إلى دخولهم الإيمان بالسيد المسيح بوصفه المسيا الذي نادى به الأنبياء. إنه منذ أن لاقاه السيد المسيح على الأرض في دمشق لم يهدأ ولم يسترح، بل إنه رُجم في لسترة ولم يتركه راجموه إلا حين زعموا بأنه مات، قام وباشر نشاطه الكرازي لفوره! وهو حين تفاخر بضيقاته انتهى إلى القول: "... الاهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ. مَنْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟ مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ؟" فقد أشعلته محبة السيد المسيح اشتعالًا فأشعل كل من استطاع أن يلهب قلبه. حتى السجن والسلاسل لم تمنعه من الكرازة. فعاش فاديه بحق. وبحق عاش في كرازته المبدأ المثالي الذي أصرّ عليه، وهو أنه في المسيح يسوع "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (غلاطية 3: 28).

 
قديم 06 - 11 - 2023, 08:56 AM   رقم المشاركة : ( 39 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس




وجوب النظرة الشاملة:
+ ولنحاول الآن أن نتبصّر بعض رسائله فهي ترسم لنا صورة صادقة قوية لكاتبها. إنها تعكس مزاجه وانفعالاته. إنها سامية فائضة بالأحاسيس والمشاعر فتهزّ النفس هزًا. وهي تعكس عقله الذي يتراكض بسرعة مذهلة تجعل القارئ يلهث وراءه في مناسبات كثيرة.
+ ولكن- لنصغ أولًا إلى ما قاله ذهبي الفم عن رسائل بولس جميعها: "إن بولس يكتب كتابه منطقية مسلسلة، فمن الخطأ أن يتناول إنسان تفسيرها آية آية". ويكفي للتدليل على هذه النصيحة تفسير بعض المسيحيين قول بولس الرسول: "لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا..." (رو 14: 17) بأنه يعني عدم ضرورة الصوم. ولكن الحديث عن الصوم كثير في الأسفار الإلهية. بل إن أول وصية إلهية هي وصية بالصوم: "وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ" (تكوين 2: 17). والسيد المسيح قد صام هو شخصيًا وعلمنا: "وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ... وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ..." (متى 6: 16-18) فهو له المجد قد أعطى هذه الوصية بصيغة التوكيد إذ لم يقل: "وأنت إن صمت"، إذن فلمن قال بولس هذا؟ لكي نتفهّم السبب الذي جعل رسول الأمم يقول هذه الجملة. فما أحرانا بالإصغاء إلى وصية ذهبي الفم. وما أحرانا باحترام كلمة الله فلا نفتتها تفتيتًا.
 
قديم 06 - 11 - 2023, 08:59 AM   رقم المشاركة : ( 40 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري


القديس بولس



رسالته إلى أهل رومية:


+ وأعظم انتاجاته هي رسالته ذات الجلال التي بعث بها إلى أهل رومية. وحين كتب الرسالة لم تكن بتلك كنيسة إذ لم يكن قد وصلها أي رسول. فلقد كان التلاميذ من أهالي اليهودية. وبالطبع لم يكن لديهم وسائل النقل السريعة بل إن معظمهم كان يتنقل على الأقدام، ومن الطبيعي أن يبدأ الإنسان بأهل بيته. فرب المجد نفسه حين أوصى تلاميذه بأن يتلمذوا جميع الأمم قال لهم: " ...وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ " (أعمال 1: 8) وهم قد نفذوا وصيته هذه فلم يبرحوا أورشليم للكرازة في غيرها إلا بعد أن تشتتوا نتيجة للاضطهاد (أعمال 8: 1). وهم لم يتشتتوا إلا إلى المدن التي يعيش فيها بنو جنسهم. بل إن الأممي الأول الذي آمن بالسيد المسيح كان في قيصرية (أعمال 10).



إلا أنه كان في العاصمة الإمبراطورية بعض الأفراد الذين جاءوها للعمل مؤقتًا أو للاستقرار فيها. هذا ما قرره اليهود لبولس حين استدعاهم بعد وصوله إلى رومية بثلاثة أيام(1). ومع عدم وجود كنيسة فقد دفع الاشتعال الروحي ببولس إلى أن يكتب لهؤلاء الأفراد القليلين. فرسالته هذه ليست نتيجة لاحتياج وجده كما هو الحال في رسائله الأخرى، إنما هي رسالة لاهوتية عظمى يعالج فيها موضوع التبرر بالإيمان بيسوع المسيح مقابل التبرر بأعمال الناموس. كان قد خاض هذه المعركة بعنف في رسالته إلى الكورنثيين؛ وحمى وطيسها في رسالته إلى الغلاطيين. أما هنا فيكتب بهدوء لأنه كسب المعركة. والواقع أنها أعمق ما كتب. ونتجنب عمقها العميق لنتبصر المبدأ الجذري الذي يقيم عليه صرحها. ويمكن تلخيصه فيما يلي: أنتم مدركون حاجتكم إلى مخلّص لأن الجميع -يهودًا وأمميين- قد كسروا ناموس الله. وقد يقول قائل إن الأمميين لم يكن لهم ناموس. نعم. كان لهم ناموس الله في ضمائرهم وبما أن الجميع أخطأوا فالجميع تحت الدينونة. وهنا تأتي الأخبار المفرحة من الله. فالآب محب البشر قد هيأ الدواء. ومن جانبه هي عطية مجانية كريمة؛ ومن جانبنا هي تقبّل من غير استحقاق. فلم يعد هناك مجال للمقايضة و لا للاكتفاء الذاتي ولا للكبرياء إذ لا يوجد من يستطيع أن يخلِّص نفسه: "وبأعمال الناموس لا يتبرر كل ذي جسد". والله لا يفرق بين الناس: اليهود واليونانيين، كبار الخطاة وصغارهم - جميعهم يرحّب بهم ويحتضنهم. ولكل نفس تائبة لا يمنح مغفرته عن الماضي فقط، بل يهبها قوة الروح القدس. ولنلحظ كيف يركز بتوكيد على قوة الروح القدس. ولكي نحظى بهذه المنحة العظمى مات السيد المسيح عنا ونحن خطاة. وليست هناك سلطة يمكنها أن تحول بيننا وبين محبته: "...لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رو 8: 38، 39) ثم تأتي بعد ذلك الأصحاحات الخاصة بالأسرار العميقة عن دعوة الله العليا التي كثيرًا ما أسيء فهمها. وهو -فيها- يقدّم الرجاء الخفي لشعب إسرائيل الذي فقد دعوته العليا آنذاك، والذي سيخلص يومًا ما.

+ أما الأصحاح الأخير فشهادة عظمى من ذاك الذي كان فريسيًا ابن فريسي لخدمة المرأة ففيه بعث بسلامه إلى سبعة وعشرين شخصًا تسعة منهم نسوة ويفتتحه بالتوصية على "... فِيبِي، الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا، كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ، وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ، لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضًا" (رو 16: 1، 2). وفي ختام الرسالة يعلن: "كُتب إلى أهل رومية من كورنثوس على يد فيبي خادمة كنيسة كنخريا".

وبعد هذه التوصية الفائضة بالإعزاز يسلِّم على "... بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي(2)، اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ، وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا" (رو 16: 3-5). وعلى الكنيسة التي في بيتهما وليس من شك في أن المؤمنين كانوا يجتمعون في هذه "الكنيسة"،ومن هذه الجملة نلمح عمل بريسكلا وزوجها في الكرازة. ويجب أن نذكر أيضًا أنهما أخذا أبلوس "وَشَرَحَا لَهُ طَرِيقَ الرَّبِّ بِأَكْثَرِ تَدْقِيق"(أعمال الرسل 18: 26). وكان هذا في أفسس على مرأى ومسمع من بولس الذي كان مقيمًا معهما. وجدير بنا أن نعتزّ بما عملاه مع أبلوس الذي وصفه لوقا البشير بأنه "إِسْكَنْدَرِيُّ الْجِنْسِ، رَجُلٌ فَصِيحٌ مُقْتَدِرٌ فِي الْكُتُبِ" (أعمال 18: 24). وإننا لنرى في سلام بولس تقديره لحاملي الكلمة.

+ وبعد ذلك يسلم على "مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا"(رو 16: 6) ، يليها السلام على "...تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. .. وعَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيرًا فِي الرَّبِّ" (رو 16: 12). ثم يسلِّم على أم "رُوفُسَ" التي يدعوها "أُمِّي" (رو 16: 13)... وعلى ".. جُولِيَا، وَنِيرِيُوسَ وَأُخْتِهِ، ..." (رو 16: 15). فالذين ذكرهم بالاسم ثمانية عشر رجلًا وتسع نساء ولسنا نعلم كم من النسوة يشملهم كل من بيت "أَرِسْتُوبُولُوسَ" و"أَهْلِ نَرْكِيسُّوسَ" (رو 16: 10، 11). ومن هذا السجل الناطق بعرفانه الكريم للذين "تعبوا من أجله ومن أجل الإنجيل". نرى أن المرأة كان لها نصيب محترم في حمل رسالة السيد المسيح، وهذا يشجعنا على استكمال السعي.
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب العذراء مريم والدة الإله - إيريس حبيب المصري
ان الله الذي غير شاول الى بولس
من كتاب : قصة الكنيسة القبطية / د. ايريس حبيب المصري ./ د. ايريس حبيب المصري .
كتاب قصة الكنيسة القبطية للمؤرخة إيريس حبيب المصري
يبحث عن دور (من كتاب خبرات في الحياة)


الساعة الآن 07:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024