رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
توبيخ القادة في صراحة: اِسْمَعُوا هَذَا يَا رُؤَسَاءَ بَيْتِ يَعْقُوبَ وَقُضَاةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ يَكْرَهُونَ الْحَقَّ، وَيُعَوِّجُونَ كُلَّ مُسْتَقِيمٍ. [9] إذ ينعم ميخا النبي بروح الرب القدير لن تعوزه الإمكانية للحديث الجريء ضد الرؤساء والقضاة الذين يبغضون الحق ويعوِّجون المستقيم. لعله يقصد بتعويج كل مستقيم إساءة تفسير كلمة الرب، فيحولونها لصالحهم الخاص. هذا أيضًا ما يفعله الهراطقة حين يسيئون استخدام بعض العبارات الكتابية لخدمة هرطقاتهم. في رسالته [19: 8] كتب القديس كيرلس الكبير عن الذين يفسدون الحق بإساءة استخدام بعض العبارات من الكتاب المقدس. كما بعث مع الرسالة نسخة من خطاب القديس أثناسيوس الرسولي لابيكتيتوس Epicetetus التي شوهها الهراطقة. الَّذِينَ يَبْنُونَ صِهْيَوْنَ بِالدِّمَاءِ وَأُورُشَلِيمَ بِالظُّلْمِ. [10] سعى قادة الأمة أن يبنوا مدينة مزدهرة، فانشغلوا بالإنشاءات الفخمة والمظاهر الخارجية على حساب طبقة الشعب الفقيرة. يهتمون بمظهر المدينة وجمالها كمن يسعون نحو المصلحة العامة، بينما يكسرون الناموس ويظلمون المساكين. * "الذين يبنون صهيون بالدماء" (مي 3: 10). لم يتعلموا ضبط النفس، مع أنهم تسلموا هذه الوصية أولًا: "لا تقتل"، وأمروا أن يكفوا عن أمورٍ أخرى لا حصر لها بسبب هذا، وبطرقِ كثيرة متنوعة كانوا يُحثون على حفظ هذه الوصية. ومع هذا لم يتوقفوا عن هذه العادة الشريرة، وإنما ماذا قالوا عندما رأوه؟ هلم نقتله. وما هو الدافع؟ وما هو السبب؟ أي اتهام كان كبيرًا أو صغيرًا يوجهونه ضده؟ هل لأنه يكرمكم، ولأنه وهو الله صار إنسانًا لأجلكم، وصنع عجائب لا حصر لها؟ أو لأنه غفر خطاياكم؟ أو لأنه دعاكم للملكوت؟ لتروا شرهم العظيم مع غباوتهم، وعلة قتله هو جنونهم المطبق. القديس يوحنا الذهبي الفم رُؤَسَاؤُهَا يَقْضُونَ بِالرَّشْوَةِ، وَكَهَنَتُهَا يُعَلِّمُونَ بِالأُجْرَةِ، وَأَنْبِيَاؤُهَا يَعْرِفُونَ بِالْفِضَّةِ، وَهُمْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى الرَّبِّ قَائِلِينَ: أَلَيْسَ الرَّبُّ فِي وَسَطِنَا؟ لاَ يَأْتِي عَلَيْنَا شَرٌّ! [11] يُدين النبي القادة الدينيين الذين يعملون كأجراء، فتغويهم الرشوة، وينحرفون بسب محبة المال. كما يُحذر الأغنياء وأصحاب السلطة من استخدام إمكانياتهم للتأثير على خدام الله، هذه تُحسب رشوة! تحوَّل الأنبياء الكذبة إلى مرتزقة يتنبأون حسبما يُقدم لهم من فضة، فلا يشغلهم إعلان إرادة الله إنما كيف يكسبون المال. لقد تمثلوا ببلعام الذي "أحب أجرة الإثم" (2 بط 2: 15). * لقد سُمح لك أيها الكاهن أن تعيش من المذبح لا أن تحيا في ترفٍ. لا يُكم فم الثور الذي يدرس الحنطة. فالرسول لم يسيء إلى الحرية، بل إذ كان له طعام ولباس كان مكتفيًا، يعمل ليلًا ونهارًا، حتى لا يكون مدينًا لأحدٍ (1 تس 2: 6؛ 2 تس 3: 8). وفي رسالة أشهد الله أنه عاش بوقارٍ (1 تس 2: 10)، في غير طمعٍ في إنجيل المسيح. أكَّد هذا أيضًا، لا بخصوص نفسه وحده، بل وبخصوص تلاميذه، أنه لم يرسل أحدًا يسأل أو يأخذ شيئًا من الكنائس. ولكن إن كان في بعض الرسائل عبَّر عن مسرته ودعا العطايا التي أرسلها البعض أنها نعمة الله (2 كو 12: 17-18) فإنه لم يجمعها لنفسه وإنما لقديسي أورشليم الفقراء، وهم اليهود الذين آمنوا أولًا بالمسيح وقد طردهم آباؤهم وأقرباؤهم وفقدوا ممتلكاتهم وكل مصالحهم، حيث خرَّبها كهنة الهيكل والشعب. ليقبل هؤلاء أن يأخذوا. ولكن تحت ستار الفقراء اغتنى قلة، فتأكل في أوانٍ ذهبية وزجاجية وصينية (خزفية ثمينة). ليتنا بغنانا نغير عادتنا أو لا نسمح للفقراء أن يكون علة لبلوغ غنى الأشراف... القديس چيروم اتفق القادة المدنيون والدينيون جميعًا من رؤساء وكهنة وأنبياء على أمرٍ واحدٍ وهو محبة المال. وخلال ممارستهم للعبادة في شكليتها بدون روح ظنوا أن الله في وسطهم يحميهم من كل شرٍ. يظنون أن تصرفاتهم الشريرة هذه لا تسبب ضررًا، لأنهم شعب الله اسمًا. إنه الإيمان غير العامل بالمحبة، فهو إيمان ميت، يقوم على الشكليات بلا روح وحياة."أليس الرب في وسطنا؟" ألسنا في مدينة أورشليم، مدينة الله؟ أليس هيكله وتابوت عهده وكتابه المقدس وكهنته وذبائحه اليومية بين أيدينا؟ هكذا أساءوا استخدام الامتيازات الإلهية المقدمة لهم لأجل تقديسهم، فتركوا القداسة وتمسكوا بالشكليات. تحولت عطايا الله لهم عن غايتها، فتوهموا أن الله في وسطهم مادامت لهم هذه العطايا، حتى وإن أصروا على محبة العالم والظلم والعنف. لِذَلِكَ بِسَبَبِكُمْ تُفْلَحُ صِهْيَوْنُ كَحَقْلٍ، وَتَصِيرُ أُورُشَلِيمُ خِرَبًا، وَجَبَلُ الْبَيْتِ شَوَامِخَ وَعْرٍ. [12] كان لهذه النبوة أثرها الفعال بعد أكثر من قرن حيث اقتبسها إرميا النبي (إر 26: 18)، وقد كان لها انطباعها العميق على إرميا. اقتباسها أدى إلى إنقاذ حياة إرميا عندما تعرض لخطر الموت قتلًا في أيام يهوياقيم. لقد ادعوا أنهم يبنون صهيون ويهتمون بإنشاءاتها ]10[، وهم لا يدرون أنهم فيما هم يهتمون بالشوارع والمباني الفخمة يعملون على خراب الأماكن المقدسة. إن كان القادة قد ظنوا أن الله في وسطهم فلن يحل بهم هلاك، فبسبب إصرارهم على اغتصاب الحقول يسمح الله بدمار صهيون، فتتبدد مبانيها، وتتحول إلى حقول وخرائب وقفرٍ! ما يحل بصهيون يكشف عما يحل بأعماق هؤلاء الأشرار، وما سيحل أيضًا كثمرة إصرارهم على الشر، متسترين بوجود صهيون وهيكل الرب كعلامة على سكنى الله في وسطهم. * هنا أيضًا ميخا الإلهي كان غير قادرٍ أن يطيق من صهيون من يجري فيه الدم، والذي يُفسر بأن أورشليم ملطخة بالظلم. بينما كان رؤساء بيت يعقوب يشمئزون من العدالة، كان الكهنة يعلمون من أجل الأجرة. كان الأنبياء يتنبأون من أجل المال! ماذا يقول ميخا عن نتيجة هذا؟ "تحرث صهيون كحقلٍ، وتصير أورشليم كمستودع ثمر (مدمر) وجبل البيت مثل بستان غابة". لقد انتحب أيضًا على انعدام الاستقامة، فيندر وجود ساق (نبات) أو أثر عنب، حيث أن الرئيس يسأل والقاضي يتملق (مي 7: 1-4). فقد جاءت لغته غالبًا ما تشبه قول داود القوي: "خلصني يا رب فإن البار قد فني" (مز 12: 1). فستنتهي خيراتهم، إذ "أفنيت مثل العث مشتهاة" (مز 12: 1). القديس غريغوريوس النزنيزي يرى البعض أن هذه النبوة قد تحققت حرفيًا على يد تيطس حين حرث الرومان الأرض التي كانت المدينة قائمة عليها حتى يتحقق الخراب التام. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|