رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قل لي من تعاشر.. أقول لك من أنت.. “قُل لي مَن تُعاشِر، أَقولُ لَكَ مَن أَنت”…. هُوَ قَولٌ شَهيرٌ ويَكادُ يَكونُ مَأثوراً، يَعرِفُهُ الجَميع ويُستَشهَد بِهِ في مَواقِف عَديدَة. يُعَبِّر هذا القَول عن واقِعٍ نَعيشُه، وهو تَأثير الأصدِقاء على نَفس الإنسان. أن تَقضي وَقتاً مع أشخاصٍ لدَيهِم اهتِماماتٍ مُحَدَّدَة يَقومونَ بِها، ونَشاطاتٍ مُعَيَّنة تَستَهويهم، أو عَقلِيَّةٍ ما تُسَيِّرهُم، فهذا سَيَنعَكِس عَليكَ بِطَريقةٍ أو بِأُخرى شِئتَ أَم أَبَيت. مُيول أصدِقائِكَ سَتَستَهويكَ يَوماً ما، سَوفَ تَعتاد عَلَيها وسَتَجذِبُك. رِفاق السُّوء سَيَطبَعونَ فيكَ طِباعَهُم، ويُغَيِّرونَ مَبادِئكَ بِتَصَرُّفاتِهِم، غُيومَهُم سَتَحجُب شَمسَكَ لِيُبرِزوا جانِبِكَ المُظلِم. وكما قالَ بولُس الرَّسول في رِسالَتهِ الأولى إلى أهل كورِنثوس 33:15 “…المُعاشَرات الرَّديئَة تُفسِد الأخلاق الجَيِّدَة”. أمَّا إن عاشَرتَ أصدِقاءً يَحتَرِمونَ النَّاس، يُقَدِّرونَ كَرامَةَ الآخَرينَ ومُمتَلَكاتِهِم، ويَحفَظونَ أَرجُلَهُم عن الشَّر، فَمِمَّا لا شَكَّ فيه أنَّهُم سَيَترُكونَ فيكَ أثَراً عَميقاً ويُحيُونَ فيكَ حُبّ المُساعَدة ويُعَلِّمونَكَ مُتعَة العَطاء، حتَّى ولَو كانَ تَفكيركَ عَكسَ تَفكيرِهِم، فتَأثير رِفاقِكَ عَليك هو بِمَدى تَأَثُّرِكَ بِهِم. وكُلَّما اعتَبَرتَهُم قُدوَةً، كُلَّما صاروا مِثالاً سَتحتَذي بهِ. “قُل لي مَن تُعاشِر أقولُ لَكَ مَن أَنت”، لكِن مِنَ المُذهِل أن يَصِل الأَمر بالنَّاس أن يَعرِفوا مَن هُم الذينَ تُعاشِرهُم بِمُجَرَّد أنَّهُم عَرَفوكَ أنت. هذا يَعني نَوعاً مِن وِحدَة الحال بَينَكَ وبَينَ أصدِقائِك. وهذا ما حَصل مَع الرَّسولَين بُطرُس ويوحَنَّا، اللذَينِ كانا صَيَّادي سَمَك، لَم يَكونا مِن طَبَقَة المُثَقَّفين ولا مِن مُعَلِّمي الحِكمَة أو الشَّريعة، بَل كانا رَجُلَينِ عادِيَّينِ أُمِّيَّين، لكِن لَمَّا تَكَلَّما بِطَريقةٍ لا تُعَبِّر عَن خَلفِيَّتِهِما الإجتماعية والثَّقافِيَّة، مُباشَرةً عَرَفَ أخصامَهُما أنَّهُما مِن تَلاميذ يسوع. فَتَعَجَّبَ الْمُجْتَمِعُونَ مِنْ جُرْأَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ عَامَّةِ الشَّعْبِ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ. أعمال الرُّسُل 13:4 كَيفَ لِرَجُلَينِ مِن عامَّةِ النَّاس أن يُظهِرا هكَذا جُرأة، يُحاجِجانِ رِجال الشَّريعَةِ بالشَّريعَة، وأهل العِلمِ بالعِلم؟ مُثَبِّتين بِذلِك ما جاءَ في سِفرِ الأمثال 20:13 “مَن يُعاشِر الحُكَماء يُصبِح حَكيماً…”. عَرَفَ الفَرِّيسِيِّين مَن هُوَ صَديق بُطرُس ويوحَنَّا اللَّذَينِ كانا يُمضِيانِ وَقتَهُما مَعَهُ مِن خِلالِ تَصَرُّفاتِهِما وكَلامِهِما، مِمَّا يُظهِر تَأثُّرِهِما بالرَّب يسوع، وانجِذابِهِما لِتَعاليمِهِ وانقِيادِهِما لِمَبادِئِه، واقِتِدائِهما بِتَصَرُّفاتِهِ. حِكمَة الرَّب يسوع انطَبَعَت فيهِما، جُرأَتَهُ حَلَّت عَلَيهما، وقُوَّةُ الرُّوح القُدُس تَجَلَّت بِهِما. هذهِ نَتيجَة القُرب والتَّعَلُّق بالرَّب يسوع. والسُّؤال الأهمَّ هو: هل تُرافِق يسوع؟ إن كُنتَ كَذلِك فَما هُوَ الأَثَر الذي تَرَكَهُ في حَياتِك؟ هل يَعرِف النَّاس مِن سُلوكِكَ أنَّك مِن أتباع يسوع؟ هل تَترُك لدَيهِم هذا الإنطِباع؟ لا تَقُل لَهُم مَن تُعاشِر، فَقَط دَعهُم يَعرِفونَ مَن أنت، لِكَي يَستَطيعوا أن يَكتَشِفوا ذلِك بِأنفُسِهِم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|