منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 02 - 2023, 01:53 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

أيوب | الإنسان مولود للمشقة


الإنسان مولود للمشقة

إِنَّ الْبَلِيَّةَ لاَ تَخْرُجُ مِنَ التُّرَابِ،
وَالشَّقَاوَةَ لاَ تَنْبُتُ مِنَ الأَرْضِ [6].
بعد أن دلل أليفاز على كل ما فقده أيوب هو قصاص عادل من قبل الله، بدأ كمن يشجعه حتى لا يسقط في اليأس.
"إن البلية لا تخرج من التراب، والشقاوة لا تنبت من الأرض". أنها ليست كالمحاصيل الطبيعية تنبت في أوقاتٍ معينةٍ، وتصدر كالعشب من التراب، لكن كل ما يحدث هو من قبيل العناية الإلهية. أو بمعنى آخر: لا تلقي باللوم على التربة حين ظهرت البلية، فهي ليست من صنعها، بل عليك، لأن العلة هي في داخلك. "إن استهزأت، فأنت وحدك تتحمل" (أم 9: 12).
كما لا نتوقع ظهور أشجار من تربةٍ دون غرس بذور، هكذا يليق بنا ألا نظن أن ضيقات تحل بأناسٍ دون أن يرتكبوا شرورًا. فما حلّ بأيوب ليس اعتباطًا، إنما هو حصاد الغرس الشرير.
هذه الحقيقة كشفها لنا ربنا يسوع خالق النفس، والعالم أن داء النفس في ذاتها، وليس خارجًا عنها. فالنفس البشرية تشبه إناءً خزفيًا واحدًا لا يختلف إلا في طبيعة ما بداخله، فإن كان ما بداخل الواحد بنزينًا وبداخل الآخر ماء، سيصطحب اقتراب جمرة نار التهاب الأول وانفجاره، أما الثاني فيطفئ الجمرة.
كتب القديس يوحنا الذهبي الفم أكثر من مقالٍ يؤكد أنه لا يستطيع أحد أو ظرفٍ ما أن يؤذي إنسانًا ما لم يؤذي الإنسان نفسه.
* قد يقول قائل: ألم يؤذِ الشيطان آدم، إذ أفسد كيانه، وأفقده الفردوس؟
لأن إنما السبب في هنا يكمن في إهمال من أصابه الضرر، ونقص ضبطه للنفس، وعدم جهاده. فالشيطان الذي استخدم المكائد القوية المختلفة لم يستطع أن يخضع أيوب له، فكيف يقدر بوسيلة أقل أن يسيطر على آدم، لو لم يقدر آدم بنفسه على نفسه؟!
ماذا إذن؟ ألا يصيب الأذى من يتعرض للافتراءات ويقاسي من نهب الأموال، فيُحرم من خيراته، ويُطرد من ميراثه، ويناضل في فقرٍ فادحٍ؟
لا، بل ينتفع إن كان وقورًا، لأنه هل أضرت هذه الأمور الرسل؟ ألم يجاهدوا دائمًا مع الجوع والعطش والعري؟! وبسبب هذه الأمور صاروا مُمجدين ومشهورين وربحوا لأنفسهم معونة أكثر من الرب؟!
وأيضًا أي ضرر أصاب لعازر بسبب مرضه وقروحه وفقره وعدم وجود من يقيه؟ ألم تكن هذه الأمور تضفر له إكليلًا من زهور النصر...؟!
إخوة يوسف مثلًا أضروا يوسف، لكن يوسف نفسه لم يصبه الضرر.
وقايين ألقى بشباكه لهابيل، ولكن هابيل لم يسقط فيها. وهذا هو السبب الذي لأجله وُجدت التأديبات والعقوبات.
فالله لا يرفع العقوبة عن مدبر الضرر لمجرد حدوث الصلاح الذي يتمتع به محتمل الضرر، بل يؤكد عقوبته بسبب شر صانع الإثم. فإنه بالرغم من أن الذين يسقط عليهم الشر، يصيرون أكثر مجدًا على حساب المكائد المدبرة ضدهم، لكن هذا لم يكن في نية الإنسان ألا يضره غيره، بل ينال نفعًا عظيمًا على يدي مناضليه.
القديس يوحنا الذهبي الفم


وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ مَوْلُودٌ لِلْمَشَقَّةِ،
كَمَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لاِرْتِفَاعِ الْجَنَاحِ [7].
خلق الإنسان ليعيش في سلام وراحة وتهليل قلبٍ، لكن بالتعدي على الوصية وإعطاء ظهره لله مصدر سعادته صار "الإنسان مولودًا للمشقة"، إذ وُلد في الخطية (مز 51: 5). وصارت المشقة كأنها جزء لا يتجزأ من كياننا، أو كأننا خُلقنا لكي نعاني منها، كما خلقت الجوارح لتحلق بأجنحتها في العلي. ليس لنا أن نستغرب البلوى التي تصيبنا كأنه قد أصابنا أمر غريب (1 بط 4: 12). يلزمنا أن نأكل خبزنا بعرق وجوهنا (تك 3: 19).
يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن حياة الإنسان جهاد مستمر مع عدو الخير، يدخل في معركة لا تتوقف، لكن هذه المعارك تؤول لنصرة المجاهدين وإكليلهم.
*يقول: هذا القنوط هو نابع من داخل الناس. لاحظوا كيف التزم مرة أخرى أن يُظهر أن كلماته تتطابق مع الطبيعة، حتى لا يُنتقد حديثه. فإن الطبيعة البشرية خُلقت هكذا. فالأرض لا تنتج شيئًا جديرًا بالشفقة أكثر من الإنسان، فيليق بنا ألا ندهش ولا نستغرب: نولد لكي نسبب ألمًا ونتألم. هذا أيضًا ما قاله النبي: "لأن كل أيام سنيننا... أفخرها تعب وبلية" (مز 10:90). وقال يعقوب: "أيام سنيّ حياتي قليلة وردية" (تك 9:47). "ولكن الإنسان مولود للمشقة". يقول إنه في طبيعتنا يستحيل أن نهرب من الألم. فإنه لا يريد أحدًا يعترض مرة أخرى بأن أيوب بار. يقول: إنه بار لكن الطبيعة البشرية عادة خُلقت لتحتمل الشرور. لاحظوا أنه خرج من الطبيعة ليؤكد أن أيوب ليس بلا لوم.
القديس يوحنا الذهبي الفم
* يلزمنا ألا ننسحب من جهادنا في السهر بسبب اليأس الخطير، لأن "الآن ملكوت الله يُغصَب، والغاصبون يختطفونهُ" (مت 12:11). فلا يُمكن نوال فضيلة بغير جهاد، ولا يمكن ضبط العقل بغير حزن قلبي عميق، لأن "الإنسان مولود للمشقَّة". ومن أجل الوصول "إلى إنسانٍ كاملٍ، إلى قياس قامة مِلْءِ المسيح" (أف 13:4) يلزمنا أن نكون على الدوام في جهاد عظيم مع عناية لانهائية(232).
الأب سيرينوس
* ليكن لنا حذر عظيم واجتهاد من جهة الظروف الخارجية عندما نُصاب بثقل الحزن، حتى نبلغ الرجاء في نوال الأمور العلوية. يقف الذهن لينال العلويات خلال هذه التأديبات الخارجية.
* "الإنسان مولود للمشقة، كما أن الطائر للطيران"... إذ يتمتع الإنسان بالعقل يدرك أنه من المستحيل عليه أن يعبر زمن سياحته دون حزنٍ. لذلك عندما عدد بولس ويلاته لتلاميذه بحق أضاف: "فإنكم أنتم تعلمون أننا موضوعون لهذا" (1 تس 3:3).
فإنه إذ يُضرب الجسد بضربات يرتفع الذهن طالبًا العلويات. كما يقدم بولس مرة أخرى شهادة بذلك، قائلًا: "وإن كان إنساننا الخارج يفنى، فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" (2 كو 16:4). هكذا فإن "الإنسان مولود للمشقة، كما أن الطائر للطيران"، فإن الذهن يطير في حرية نحو العلى بنفس السبب الذي لأجله يعاني الجسد من الانحناء إلى أسفل في ثقل.
كلمة "الإنسان" هنا تمثل الحياة حسب الجسد. هكذا يقول بولس: "إذ فيكم حسد وخصام وانشقاق ألستم جسديين" (1 كو 3:3)، مكملًا بعد ذلك: "ألستم بشرًا" (1 كو 4:3 Vulgate).
في هذه الحياة "يولد الإنسان للمشقة"، فكل إنسان جسداني، إذ يطلب الأمور المؤقتة يحمل نفسه بثقل شهواته.
إنها مشقة صعبة أن تطلب مجد الحياة الحاضرة، لتقتني ما تطلبه، وأن تصونها باجتهاد عندما تغلب. إنها مشقة صعبة بآلام لا تحد أن تمسك بأشياء، وأنت تعلم أنها لا تدوم لزمانٍ طويلٍ. أما القديسون إذ لا يشغفون بالزمنيات، ليس فقط لا يسقطون تحت ثقل الشهوات الوقتية، بل هم متحررون من التعب حتى إن ثارت الصلبان، في هذه الأحوال وفي الضعفات.
فإنه أي شيء أقسى من الجلد؟ ومع هذا كُتب عن الرسل عندما جُلدوا: "وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع، لأنهم حُسبوا مستأهلين أن يُهانوا من أجل اسمه" (أع 41:5). أي شيء يمكن أن يُقلق أذهان الذين حين تأدبوا بالضربات لم يضطربوا؟
"يولد الإنسان للمشقة"، لأنه بالحق يشعر بشرور الحال الحاضر عندما يتوق نحو الصالحات... لذلك حسنًا أضيف: "والطائر للطيران".
فالنفس تنسحب من آلام المشقة وهي تقوم بالرجاء في العلويات. ألم يكن بولس كالطائر وُلد للطيران، هذا الذي احتمل صلبان لا عدد لها، قائلًا: "محادثتنا في السماء". وأيضًا: "لأننا نعلم أنه إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي، فلنا في السماوات بناء من الله بيت غير مصنوع بيدٍ أبدي" (2 كو 1:5). إنه كطائر صعد فوق المناظر الدنيا. مع أنه كان سالكًا على الأرض في الجسد، كان جناحا الرجاء يحملانه في العلويات.
البابا غريغوريوس (الكبير)
*مخاوف المجاهد تصير له علة حياة لخلاصه، وعلى العكس تصير لعار أعدائه والسخرية بهم. يرد كل هجماتهم ويجعلها باطلة، ويصد كل إغراءاتهم... يقدم العدو معركة لأيوب ضد (شيطان) في الهواء، يتحرك بطريقة رهيبة بين السماء والأرض. فقد سقط (لوسيفر) من السماوات (إش 12:14)، ولم يدعه القديسون الذين على الأرض يستريح عليها، مع أنه يرغب في أن يتمتع بدمارنا. فإنه إذ هزمه أيوب مرارًا لم يوقف المعركة، دون انتظار إلى النصرة الحاسمة، بل يتطلب مرارًا أن ينهك البار.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مش مولود المزود لكن مولود داخل قلبي
أيوب | حياة الإنسان على الأرض
الإنسان الطبيعي مولود بالخطية
مجمع نيقية الرد على المفاضلة بين مولود وغير مولود
الإنسان مولود للفرح


الساعة الآن 09:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024