درس رئيسي نتعلَّمهُ من الألم، وهو أنَّه عبر تَجرِبتنا لضيقٍ ما فسَوف نتمكَّن من فهم شُعور من يمُرُّون بتجارب مُماثلة وسنقدر أن نُعينهم في ضيقهم. وقد قال الرَّب لبني إسرائيل وهُم في طريقهم ليَسكُنوا أرض كنعان:
“لاَ تَضْطَهِدْ غَرِيباً وَلاَ تُضَايِقْهُ، فَقَدْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي دِيَارِ مِصْرَ.” (سِفر الخُروج 21:22)
لم يكُن شعب الرَّب ليفهم شُعور الغريب في وَسطهم ويُقدِّروه ويتفهَّموه لو لم يكونوا هُم أنفسهم في يومٍ من الأيَّام غُرَباء بل وعبيداً في أرضٍ ليست أرضهُم. فمِن خلال تذوُّقهم للمُعاناة في أرض مصر في غُربتهم التي استمرَّت لأربعمئة سنة، لا شَكّ إذاً بأنَّهُم فهِموا هذا الشُّعور وألِفوه، وبِناءً عليه فإنَّهُم سيَفهمونَ مُعاناة الغريب في وَسطهم، ولن يُشعِروه بصُعوبة موقفه بل سيُحسِنون مُعاملته.
يقول أحد المُفسِّرين مُعلِّقا على الآية من سِفر الخُروج المذكورة أعلاه: “دائماً ما يكون طلَب الله من شعبه بحماية الأجنبي (الغريب) مَبنيّاً على ذِكرى الهجرة والمَكانة الغريبة لبني إسرائيل قبل أن يستقِرُّوا في أرض كنعان، كما أنَّ الطَّلب يتوافق مع صورة الله باعتباره الحامي المُطلَق للضُّعفاء وللفِئات الأكثر ضعفاً في المُجتمَع المُعرَّضين لأن تتمّ إساءَة مُعاملتهم”.