سمح السيد المسيح لوالدته أن يجوز في قلبها سيف (لو ٢: ٥٣)، إذ لم يعمل على راحتها الجسدية، بل سمح لها أن تختبر عذوبة الألم والصلب معه فتُرَدِّد مع الرسول: "مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا، بل يحيا المسيح فيَّ" (غل ٢: ٢٠).
يقدَّم لنا القدّيس أمبروسيوسمفهومًا آخر للسيف الذي يجوز في نفس القديسة مريم، ألا وهو "كلمة الله" التي يليق بنا أن نتقبَّلها في أعماقنا كسيفٍ ذي حدين (عب 4: 12)، تفصل الشرّ عن الخير الذي يقوم.. [لم يذكر الكتاب ولا التاريخ أن مريم استشهدت، غير أن السيف المادي لا يجوز في الروح بل في الجسد، إنما كلمة الله قويّة وفعَّالة وأمضى من كل سيف ذي حدِّين، وخارقة إلى النفس والروح (عب 4: 12).]
إن كان السيد المسيح الذي جاء لخلاص العالم قد صار موضع مقاومة، فإنَّ القدِّيسة مريم تشارك ابنها الصليب بكونها تُمثِّل الكنيسة، التي تحمل صورة عريسها المصلوب المقاوَم. إذ يقول: "وأنتِ أيضًا يجوز في نفسك سيف. لتعلَن أفكار من قلوب كثيرين" (لو 1: 35). وكما يقول القديس كيرلس الكبير: [يُراد بالسيف الألم الشديد الذي لحق بمريم وهي ترى مولودها مصلوبًا، ولا تعلم بالكليّة أن ابنها أقوى من الموت، وأنه لابد من قيامته من القبر، ولا عجب أن جهلت العذراء هذه الحقيقة فقد جهلها أيضًا التلاميذ المُقدَّسون، فلو لم يضع توما يده في جنب المسيح بعد قيامته، ويجس بآثار المسامير في جسم يسوع لما صدق أن سيِّده قام بعد الموت.]