رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إقامة المذبح وتقديم الذبيحة: كل شيء قد أعد فقد بلغ إبراهيم الموضع الذي رسمه الله، والمذبح قد بنى، والحطب الذي حمله إسحق قد رتب، وربط إسحق بيدي أبيه ووضع على المذبح فوق الحطب، ومدّ إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبحه... كانت الأمور تسير في جو من الهدوء الداخلي، إبراهيم يؤمن بالله الذي لن يتخلى عن مواعيده، وإسحق في طاعته يمتثل للذبح ولم يبق إلاَّ لحظات ليُذبح الابن ويُقدم محرقة. لقد حُسب إبراهيم أنه قدم ابنه إذ كان مسرعًا في العمل بلا خوف، وقبلت تقدمته حتى وإن لم تتحقق بطريقة حرفية، وكما يقول القديس أمبروسيوس: [بحق قدم الأب ابنه، فإن الله لا يطلب الدم بل الطاعة اللائقة ]. وحُسب إسحق ابنًا للطاعة إذ قبل الصليب بإيمان، وكما يقول القديس جيروم: [إسحق في استعداده للموت حمل صليب الإنجيل قبل مجيء الإنجيل ]. وفي اللحظة الحاسمة وسط الهدوء الشديد إذ بملاك الرب ينادي إبراهيم: "إبراهيم إبراهيم"... "لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئًا، لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني" [11-12]. قول الرب "الآن علمت"، كما يقول القديس أغسطينوس: [لا تعني أن الله لم يكن له سابق علم بما في قلب إبراهيم، إنما أراد أن يعلن لإبراهيم نفسه أعماقه الداخلية]، فصار إبراهيم مكشوفًا لنفسه كمحب لله، ومكشوفًا للأجيال كلها أن سرّ عظمة إبراهيم عدم تعلقه بالحياة الزمنية. رأى إبراهيم كبشًا موثقًا بقرنيه في الغابة، واصعده محرقة عوضًا عن ابنه، وكأنه رمز للسيد المسيح الذي علق على خشبة الصليب وسُمر بذراعيه المفتوحين لأجل خلاص العالم. دعي إبراهيم الموضع "يهوه يرأه" أي (الله يُرى)، هكذا ترأى الله لإبراهيم في موضع الذبيحة، إذ فيه تمت المصالحة بين الله والإنسان، وصار لنا حق رؤيته كأبناء لنا موضع في حضن الآب خلال الذبيحة يرفعنا الروح القدس وينطلق بنا إلى الأحضان الإلهية لننعم برؤية إلهية، لا على مستوى البصيرة الزمنية، إنما رؤية الاتحاد مع الله والتمتع بشركة أمجاده أبديًا. من هنا صار المذبح في كنيسة العهد الجديد يمثل السماء عينها... موضع لقاء الله مع الإنسان في الابن الذبيح. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|