رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* ماذا يقول الملاك في سفر طوبيا؟ "وكان يظهر لكم أني آكل وأشرب معكم" (طو 19:12). هل كان يبدو أنه يأكل، لكنه في الواقع لم يأكل؟ لقد أكل فعلاً. إذًا ما معنى هذه الكلمات، "وكان يظهر لكم أني آكل وأشرب معكم"؟ كن تقيًا واستمع لما أقول: أصغِ إلى الصلاة (أي لإرشاد صوت الله خلال صلاتك) أكثر من استماعك إليَّ حتى تدرك ما نقول، وتمسك به بحيث تفهم ما تسمع. بما أن جسدنا قابل للفساد والموت فهو يحتاج للطعام، ولذا يوجد فينا وجع الجوع. فنحن نجوع ونعطش، وإن توانينا عن إشباع هذا الجسد طويلاً يضعف ويهزل ثم يمرض، تُستَنزف قوته ولا يستطيع أن يستردَّها، وإذا مكث هكذا طويلاً تأتيه المنية (يموت). لأن جسدنا -إن جاز التعبير- يزول باستمرار ويفقد شيئًا ما من ذاته، لكننا لا نشعر بهذا، أي بما نفقده لأننا نُعَوِّضه بالطعام. ما نأخذه بوفره، نفقده قليلاً قليلاً، لذلك نسترد في وقت وجيز هذه الطاقات التي فقدناها في مدة زمنية أطول. هكذا الحال بالنسبة لزيت المصباح الذي يُصب في وقت وجيز ويستهلك قليلاً قليلاً على مدى أطول. وحين يوشك الزيت أن يستنفذ يخفت نور المصباح، معلنًا أنه متعطش للوقود، منذرًا إيانا حتى نسرع في الحال لسد احتياجه حتى يسترد ضوءه بإمداده بالزيت، وهو الغذاء المناسب له والذي يوفي احتياجه. هكذا بالمثل ما نأخذه من طاقات. بتناولنا الطعام لا نفقده دفعة واحدة بل قليلاً قليلاً. نلاحظ هذه الظاهرة تحدث الآن وأثناء قيامنا بأي عمل ثم تستمر حتى أثناء راحتنا لأن طاقتنا في حالة تجديد دائم. إذا ما استنفذت تمامًا حينئذ يموت الإنسان كمصباح منطفئ. وحتى لا يأتي الموت، أي لا تخمد الحياة في هذا الجسد، أي لنحفظها فيه، يجب أن ننفخ فيه لنعوضه ما يفقده نملأه مرة ثانية بالطعام. لأنه لماذا نقول "نملأه ثانية"؟ ولماذا نفعل ذلك إذا كنا لم نفقد شيئًا؟ لذلك فإن هذا الاحتياج وهذه القابلية للموت يُرمَز إليها بالجلد الذي لبسه آدم وحواء عندما طُرِدا من الفردوس (تك 21:3-24). الجلد يُمَثِّل الموت، لأنه يُنزَع عادةً من جثث الحيوانات الميتة. لذلك بما أننا نحمل طبيعة ضعيفة وقاصرة، فحاجتنا للطعام لا تتوقَّف، بل نلجأ إليها دائمًا لاسترداد طاقتنا، ورغم ذلك لا نستطيع أن نتجنَّب الموت. وهكذا فيما يخص حالة الجسد خلال السنوات المتعاقبة طالما الجسد قائم سوف يأتي في النهاية إلى كبر السن وبعد ذلك لا يجد نهاية أخرى سوى الموت... لذلك طالما نحمل هذه الأجساد المائتة، نحتاج إلى ما ينقصنا، وينبع الجوع عن هذا الاحتياج فنأكل نتيجة لهذا الجوع. لكن على العكس لا يأكل الملاك عن احتياج. كما قلنا الواحد يأكل عن اقتدار (الملاك) والآخر (الإنسان) عن احتياج. يأكل الإنسان حتى لا يموت. أما الملاك فيأكل حتى يتكيَّف مع ضعف الإنسان. لأنه إن كان الملاك لا يخشى الموت، فهو لا ينتعش بنقص الطعام. وإن كان لا ينتعش بنقص الطعام إذًا هو لا يأكل عن احتياج. ومع ذلك فالذين رأوا الملاك يأكل ظنُّوا أنه جائع. هذا ما قاله: "وكان يظهر لكم..." لا يقول: تراني آكل لكنني لم أكل، لكنه يقول "كان يظهر لكم" بمعنى أنني أكلت لأعمل وفق طرقكم، وليس بسبب الجوع أو أي احتياج تختبرونه فيجبر على الاعتقاد أن كل من ترونه يأكل هو يأكل للاحتياج فقط، لأنكم تحكمون على الآخرين بمقياسكم أنتم، وهذا هو معنى الكلمات، "وكان يظهر لكم... " القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
(1كو11: 23-29) لان الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة |
إلى متى يأكل السيف؟ |
من يأكل |
من يأكل جسدي |
أثناء الطعام .. طفلك لا يأكل .. يأكل كثيرا .. يأكل قليلا جدا .. إليكِ الحل |