ليس هناك أيّ دافع على الصعيد الإنساني يصرف المدعو عن خدمة الإنجيل. لا يرضى الرب من تابعه بانشغاله عنه بأهله وذويه. وهذا ما يوكِّده يسوع بقوله "دَعِ المَوتى يَدفِنونَ مَوتاهم " (لوقا 9: 60). فالتبشير يأتي في المركز الرئيسي، وطقوس دفن الموتى تأتي في المركز الثانوي، كما يتضح ذلك من تعليم يسوع " مَن أَتى إِلَيَّ ولَم يُفَضِّلْني على أَبيهِ وأُمِّهِ وامَرأَتِه وبَنيهِ وإِخوَتِه وأَخواتِه، بل على نَفسِه أَيضاً، لا يَستَطيعُ أَن يكونَ لي تِلميذا" (لوقا 14: 26). فان اتباع يسوع والتبشير بالملكوت هو الأمر الجوهري الذي لا يحتمل أي تأخير، وله أولوية حتى على المطالب المختصة بعائلة الشخص نفسه.
ويعلِّق القديس أوغسطينوس على ذلك بقوله " وصيَّة أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ (أفسس 6: 2)، تُلزم محبَّة من ولدنا، لكنه لا يُفضل عمَّن خلقنا".
كان الرب يسوع صريحا مع الذي دعاه، ولم يتردَّد، كونه ابن الله، في أن يطلب الولاء الكامل، فحتى دفن الموتى لم يكن له الأولوية في نظره على مطالب الدعوة والحياة الرسولية في إتباع يسوع.