رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هو القانون عينُه يديننا في الإنسان الأول ويُبرئنا في الإنسان الثاني، فلو لم يكن ممكناً لنا، دون علمٍ منا، أن نتشارك في دينونة آدم، لما كان ممكناً لنا أيضاً، بالطريقة نفسها أن نُمنحَ من جديد قبولاً بالنعمة في المسيح. وإذا لم يكن لدينا اعتراضٌ على أخذ حسنات لم نكتسبها بل آلت إلينا على سبيل الهبة أو الإرث، فلا حق لنا أن نستعفي من ذلك الميراث وندافعه حين يحمل إلينا السوء. أالخير نقبل من يد الله، والشر لا نقبل؟ (أيوب 2: 10). فلا نتهمنَ آدم بالذنب إذاً، بل بالأحرى لنشكر المسيح الذي أحبنا محبة تفوق الوصف. ولا ننظرن للوراء إلى الجنة، بل للأمام إلى الصليب. إذ وراء ذياك الصليب ذلك الإكليلُ الذي لن يفنى أبداً. ليست الخطية الأصلية التي فيها يحبل بالإنسان ويولد صفةً سلبية هامدة، بل هي بالأحرى أصلٌ تطلع منه جميع أنواع الخطية، نبعٌ نجسٌ تنبع منه الخطية باستمرار، قوة تشد قلب الإنسان دائماً في الاتجاه الخاطئ - بعيداً عن الله وعن الشركة معه وفي اتجاه الفساد والانحلال. عن هذه الخطية الأصلية، إذاً، ينبغي تمييز تلك الخطايا التي تُدعى في العادة فعلية، وضمنها جميع تعديات الناموس الإلهي التي يرتكبها الفرد شخصياً، وإن كانت متفاوتة في درجة تعُّمدها واشتراك الإرادة في ارتكابها. فلكل الخطايا من هذا القبيل اصلٌ واحد مشترك، إذ تنبع كلُّها من قلب الإنسان (مرقس 7: 23). والقلب البشري هو هو عند كل الشعوب وفي كل مكان وزمان، ما دام بالطبع لم يتغير بالرجوع إلى الله والتجديد. فإن طبيعة بشرية واحدة يشترك فيها كل نسل آدم، وهي في جميع الناس مذنبة ومدنسة. وعليه، فلا داعي البتة لأن ينفصل المرء عن الآخرين قائلاًً: "ابعد عني، أنا أقدس منك". فبالنظر إلى الطبيعة البشرية الواحدة التي يشترك فيها الجميع، لا يعود من مسوِّغٍ البتة لتكبُّر البار في عيني نفسه، ولا لتعظُّم الشريف، ولا لتمجيد الحكيم لذاته. ومن بين آلاف الخطايا الموجودة لا توجد واحدة يستطيع أحد أن يقول إنه غريب عنها تماماً ولا علاقة له بها. فبذور الآثام كلِّها، حتى أكثرها شناعة، تكمن في القلب الذي يحمله كلٌّ منا في أحشائه. وليس الآثمون والمجرمون جنساً خاصاً، بل إنهم يطلعون من المجتمع الذي نحن جميعاً أعضاءٌ فيه. فهؤلاء، إنما يعرضون علناً ما يجيش دائماً ويعتمل في المركز الخفي لكل إنسان، أي في القلب. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|