منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 05 - 2022, 05:48 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,046

الرهبنة مصدر للتعليم والتراث


- لقد تركت مصر للعالم المسيحى كله تراثًا ثمينًا لا يقدر بثمن ألا وهو الرهبنة التى لعبت دورًا هامًا في تاريخ الكنيسة منذ القرن الثالث الميلادى وحتى يومنا هذا، فقد كانت الأديرة مقر العلوم والمعارف في القرون المظلمة التى ضاع فيها كل شئ جيد وقضت خلالها على الأخضر واليابس والتبس الأمر على المؤمنين في الإيمان السليم، ولكن كانت الشمعة المضيئة التى حافظة على النور لينمو وينتشر من جديد، كانت هى الرهبنة وأديرتها العامرة بالرهبان المثقفين والقارئين والدارسين، وقد خرج من الأديرة في هذه العصور المجتهدون والمبشرون للدين المسيحى، وفى داخلها نمت تلك الحياة الروحية الخالصة والأسرار التى كان تأثيرها عميقًا في الحياة الدينية. وترجع كل هذه الحركة بأنواعها المختلفة وطرقها المتعددة إلى أصل ومنشأ واحد وهو وادى النيل، الذى نشأت فيه أولًا بأموال فردية ثم تدرجت إلى حياة الرهبنة المنظمة التى تركت أثرًا عميقًا في كل كنائس العالم. ولم تنشأ الرهبنة في الإسكندرية التى كانت بلدًا يونانيًا محضًا وذات ثقافة وعلم، ولكنها نشأت بين الأقباط سلالة المصريين القدماء أى في بعض جهات الوجه البحرى وأيضا من قرى صعيد مصر.
- وقد مرت الرهبنة بحقبتين: الأولى حقبة المتوحدين الذين كان معظمهم وليس كلهم من النساك أو ساكنى الصحراء، وتبعتها الحقبة الثانية وهى رهبنة الشركة، التى بدأت باجتماع عدد من الرهبان حول معلم وشيخ وقور بينهم، ويتفق الرأى على أن أول من خرج إلى الصحراء ليعيش متنسكًا وحيدًا كان الأنبا بولا من طيبة، وتبعه بعد ذلك الأنبا أنطونيوس الذى اجتمع حوله عدد كبير من الرهبان.
- كان بولا أول من هرع إلى الصحراء بعيدًا عن ضوضاء العالم، ولو أنه لم يكن أول من فعل، إذ كان هناك في قرى متفرقة كثير من الأتقياء الذين اختاروا عيشة التبتل، وكرسوا حياتهم لمقاومة الطبيعة البشرية وتعليم الآخرين عيشة الطهارة وأووا إلى المغائر والمقابر القديمة وسكنوها متوحدين.

- وفى أواخر عصر دكيوس المضطهد للمسيحية (250 م) هرع كثير من الأقباط إلى الصحراء هربًا من اضطهاده المرير، وبعد نهاية الاضطهاد رجع كثير منهم ولكن بقى كثيرون أيضا، وكان من ضمن من بقوا هو الأنبا بولا.
- وقد أتى بعد الأنبا بولا أنطونيوس الكبير القديس الذى توفى سنه 256م، وقد عرفه شخصيًا الأنبا أثناسيوس الرسولى بطريرك الإسكندرية.
- لقد أتخذ الشاب أنطونيوس حياة الرهبنة عندما سمع في الكنيسة قراءة إنجيل (متى 19 : 21) بالقبطية لأنه لم تكن له معرفة باللغة اليونانية، وترك أهله وعشيرته في قرية قمن العروس مركز الواسطى (حوالى سنة 270 م) ثم توغل للصحراء وتبعه الكثيرون ومشوا ورائه حتى محل عزلته، ولكنه اضطر في سنه 305 م أن يكون جماعة صغيرة من الرهبان ثم تركهم وانسحب إلى عزلته وكان يتابعهم مرة كل أسبوع بعد أن كتب لهم بعض القوانين والمبادئ التى يحيون عليها.
- وفى سنة 388 سافر إلى الإسكندرية وكان شيخًا واشترك مع القديس أثناسيوس في مقاومة بمعركة اريوس ومع انعزاله عن العالم لكنه لم يترك الكنيسة أو بطريركها في صراعها مع الآريوسيين.
- وهنا يبرز دور الرهبنة التعليمى في الحفاظ على الإيمان والعقيدة السليمة والتعليم النقى الذى تسلمه آباءنا القديسين.
- وانتشرت شهرة رهبان مصر وعِلمهم وثقافتهم في سائر أنحاء العالم المسيحى حتى اعتبرت مصر الأرض المقدسة عوضًا عن فلسطين، وكان الرهبان هم المرجع الأساسى لكتابات النسكية والرهبانية والروحية وأيضا اللاهوتية والعقيدية، وقد كتب بلاديوس وكاسيان الآباء القديسين وغيرهم عن الرهبان الأقباط واثنوا على كتاباتهم التى أصبحت مرجعًا هامًا لكل الكنائس في جميع المناحى العلمية والرهبانية والإيمانية، وكانت هذه الكتب عماد الرهبنة في العالم أجمع.
- وجدير بالملاحظة أن نشير إلى أن الأديرة في عهدها الأول لم تكن بالشكل الذى نراه اليوم، وإنما كانت عبارة عن قلالى متفرقة مبعثرة في الصحراء تلتف حول الكنيسة التى كانت تعتبر المركز الرئيسى الذى كانوا يجتمعون فيه للصلاة وتناول الأسرار المقدسة، فكان يطلق على مجموع هذه القلالى وتلك الكنيسة اسم دير. واستمر الحال على ذلك حتى أصبح الرهبان في خطر من اللصوص والبربر الذين كانوا يهاجمونهم للسلب والنهب والقتل، فاضطروا إلى التجمع وبناء سور حولهم يحميهم الشروع تلك الهجمات، فظهرت الأديرة لأول مرة كما نراها اليوم. وقد ساهم في بنائها بعض الملوك وذلك لأسباب مختلفة نذكر منهم الملك اركاديوس والملك زينون بسبب من لهم في الأديرة وكذلك الآباء البطاركة والأساقفة ورؤساء الأديرة.
- كذلك كان للعذارى المصريات منذ العصور المسيحية الأولى مكانة خاصة في عالم التعبد والتنسك، حتى أن الكثيرات منهن فضلن حياة البتولية والانقطاع للعبادة في بيوتهن، ونجد أول إشارة لذلك في سيرة القديس أنطونيوس مؤسس الرهبنة، إذ لما عزم على الذهاب للإنقطاع للعبادة بعيدًا عن العالم ترك أخته عند جماعة من المتبتلات. ولم يسكن النساء الصحارى بل كن يعشن بادئ الأمر في بيوتهن منفردات أو مجتمعات، ثم اتبع بعضهن حياة العزلة والمعيشة في القلايات، على أن أول جماعة منظمة للراهبات، أسسها القديس باخوميوس فقد رغبت أخته مريم ذات يوم في مقابلته ولكنه أشار عليها بالإنفراد للعبادة والتأمل وفحص النفس وعمل الخير إن أرادت، فوافقته على ذلك لأن نيتها كانت هكذا، فبنى لها الأخوة الرهبان مسكنًا بالقرب من ديرهم في مدينة طبانيسى التابعة لكرسى دندرة إذ ذاك. وانتشر حيث ذلك في أنحاء البلاد فأتى عندها كثير من العذارى اللاتى أردن أن يعشن مثلها متبتلات ومنقطعات للعبادة والتنسك والصلاة فبنى لهن الرهبان عدة صوامع متجاورة وهكذا تكون أول دير للعذارى.
- ولقد وضع القديس باخوميوس القوانين للراهبات أسوة بالرهبان، فكان الرهبان يقومون بالأعمال اللازمة للأديرة كالبناء وغيره مقابل أن تقوم الراهبات بإعداد الطعام لهم، ولم يكن مسموحًا بدخول دير الراهبات لغير الكاهن والشماس لعمل القداس في أيام الآحاد... ولما ازدحم الدير الأول بالراهبات قام القديس باخوميوس بإنشاء دير ثان قرب أخميم ثم أنشأ تلميذه ثيؤدور ديرًا ثالثًا بجوار فاو القريبة من قنا، وهكذا انتشرت أديرة الراهبات وجاء عليها وقت ضعفت وخلت من الراهبات وأصبحت شبه مهجورة وأصبحت ثقافة الشعب المتغيرة حسب الزمن والعادات والتقاليد المحيطة بهم، ينظروا إلى من تذهب إلى الدير فهى أحدى ثلاثة إما بها عيبًا جسديًا يمنعها من ممارسة حياتها الطبيعية أم هاربة من المجتمع بسبب عيبًا أخلاقيًا أم أن أهلها ليسوا بقادرين على إسعادها وتجهيزها وتزويجها، وظل الأهل يرفضون ذهاب بناتهم إلى الأديرة لهذه الأسباب الشائعة مجتمعيًا حتى منتصف القرن الماضى... على أن تبدلت الأحوال وقامت النهضة الرهبانية [الثقافية – التعليمية – المعمارية] على يد أناس لهم الفضل الأول في ذلك، وكان كل هؤلاء من خريجى التربية الكنسية [مدارس الأحد] التى قدمت للرهبنة نخبة كبيرة من الأساتذة الأفاضل أصحاب الفكر والعلم والروحانية.
- هؤلاء الذين أثروا الرهبنة بعلمهم ونشاطهم وتعميرهم للأديرة إلى أن أصبحت الأديرة مركز للعلم والمعرفة والإنتاج والاعتماد على النفس بل ومساعدة أسر كثيرة من المستورين وكذلك الوقوف بجانب كل العاملين بها.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كما أن الصدأ ليس من صنع الحداد، والتراب ليس من وضع الوالدين
متحف الآثار والتراث التقليدي
الأنبا أنطونيوس مصدر الرهبنة بالعالم
الرهبنة الفردية أقوى من الرهبنة الجماعية
"نوارة" للتعليم العالى و"مسعد" للتعليم


الساعة الآن 04:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024