رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بحسب التّقليد المتوارث لسيرة القدّيس يوسف الرّامي، يروى أنّه بعد القيامة، ظهر له الرّبّ يسوع وفسّر له سرّ قيامته. لكن فقط بعد صعود السّيّد، ألقى القدّيسُ عنه كلّ خوف وشرع يكرز بجرأة بالإيمان بالرّبّ. رغم مقاومة أحبّائه وأصدقائه السّابقين له، لم يستطع أن يلتزم الصّمت وراح يبشّر بالقيامة مجاهرة. أخيرًا طردوه من منزله، وكان ذلك له علامة ليجول منيرًا الّذين لم تصلهم كلمة الخلاص. أرسله الرّسول فيليبس مع اثني عشر مرافقًا إلى الجزر البريطانيّة. تاريخ هداية بريطانيا مذكور بوضوح في تاريخ الكنيسة الأولى. المؤرّخ "ترتليان"(155-222) كتب أنّ بريطانيا تلقّت الإنجيل واقتبلته في زمانه : "كلّ الأراضي الإسبانيّة، ومختلف أمم الغال، وأطراف بريطانيا، غير المطروقة من الرّومان، أصبحت خاضعة للمسيح". "هيبوليتس" المؤرّخ(170-236) المسيحيّ المعروف بثقافته الواسعة، يعرّف السّبعين الّذين أرسلهم يسوع في إنجيل القدّيس لوقا، وقد أورد "أريستوبولس" الوارد في رومية16: 10 جنبًا إلى جنب والقدّيس يوسف الرّامي وقال إنّه انتهى راعيًا في بريطانيا. "يوسابيوس" القيصري (260-340)، أبُ التّاريخ الكنسيّ كتب: "وعبر الرّسل المحيط إلى الجزر المسمّاة الجزر البريطانيّة". القدّيس "هيلاريون" أسقف "بواتييه"(300-376)، أورد أيضًا إنّ الرّسل بنوا كنائس وأنّ الإنجيل بلغ بريطانيا. الشّيء ذاته ورد عند القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم: الجزر البريطانيّة الّتي وراء البحار، الجاثمة في المحيط، اقتبلت حقّ الكلمة. هناك تأسّست الكنائس وبنيت الهياكل... اذهبوا إلى المحيط، إلى الجزر البريطانيّة، هناك تسمعون جميع النّاس يتناقشون في مسائل من الكتاب المقدّس، بأصوات مختلفة طبعًا، لكن بإيمان واحد، بلسان مختلف لكن بحكم واحد. بعد أن عبر القدّيس يوسف الرّامي ورفاقه الثّلاثة عشر مستنقعات "سوميرست" المحفوفة بالخطر، عبروا البحر إلى "غلاستونبري"، ووصلوا أخيرًا إلى تلّ ما زالت معالمه ظاهرة إلى اليوم، يسمّى "ويري أول". بحسب التّقليد، كان القدّيس يحمل عصا الرّعاية غصنًا من شجر الزّعرور. عندما توقّفوا للاستراحة، غرز عصاه في الأرض فأفرعت كعلامة إلهيّة لرضى الله. نمت العصا سريعًا فأصبحت شجرة عظيمة، ما زالت تفرع إلى اليوم وتزهر يوم عيد الميلاد. بحسب الشّهادات الرّسميّة، بعد أن اقتبلت إنكلترا الرزنامة الغريغوريّة، تابعت زعرورة "غلاستونبري" إزهارها يوم عيد الميلاد بحسب تقويم الكنيسة!. في "ويري أول" قابل القدّيس يوسف، الحاكم "أرفيراغوس" الّذي تأثّر بتقواه، ولطفه، ومحبّته، فوهب الفريق 160 فدّانًا من الأرض. هناك، على تلك المساحة من أرض "غلاستونبري"، ثبّت قدّيسنا أسس المسيحيّة ببنائه كنيسة على اسم والدة الإله. احتضنت الكنيسة إيقونة لوالدة الإله سمّيت "إيقونة والدة الإله غلاستونبري" وقد بقيت في الدّير إلى العصور الوسطى، وكانت قبلة أنظار الحجّاج الأوروبيّين، من الملوك والعوام، وقد أغدقوا على المكان هبات عظيمة تكريمًا لملكة السّموات الّتي كانت تعين كلّ المقبلين إليها. استمرّ ازدهار الدّير إلى سنة 1539 حين أحرقه الثوّار، وبقي منه إلى اليوم بعض الآثار الّتي تشهد على عظمته السّابقة. سنة 1939 شرعت الكنيسة الكاثوليكيّة في إنكلترا تهتمّ بترميم الدّير. سنة 1980 رسم الأرشمندريت "مارك مايريك" من الكنيسة الأرثوذكسيّة الرّوسيّة إيقونة "والدة الإله غلاستونبر" على طراز والدة الإله المرشدة، وهي محاطة بقدّيسين من الأراضي الأنجلوسكسونيّة وتحمل غصن زعرور إشارة إلى شجرة القدّيس يوسف الرّامي. بشّر القدّيس يوسف العديد من قبائل التّريتون وعمّدهم. هناك أودع روحه بين يديّ مخلّصه. بعد زمن، أي سنة 183، وفدت مجموعة أخرى من المبشّرين إلى الصّرح الّذي كان قد أنشأه ورقد فيه، حيث كانت تجري عجائب وأشفية عديدة. عاش المسيحيّون هناك كنسّاك، إلى القرن الخامس حين وفد القدّيس باتريكيوس لزيارة "غلاستونبري" وبنى ديرًا. بعد ذلك بقليل، زار المكان القدّيس "داود" ويلز وشرع ببناء كنيسة أكبر في المكان. أصبحت "غلاستونبري" مكرز حجّ مهمّ للمسيحيّين في بريطانيا وأوروبا. يقصد المكان أكثر من 100000 حاج كلّ عام. وعلى مرّ الأزمنة عاش كثير من القدّيسين وجاهدوا في هذا المكان الّذي أنشأه القدّيس يوسف الرّامي منذ القرن الأوّل. بشفاعاتهم اللهم ارحمنا وخلّصنا. آمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|