ليس مستغربا أن يدعو بولس الرسول المسيحيين لكي "يلبسوا الأحشاء الرحيمة"، أحشاء الله وأحشاء ابنه "وأَنتُمُ الَّذينَ اختارَهمُ اللهُ فقَدَّسَهم وأَحبَّهم، اِلبَسوا عَواطِفَ الحَنانِ واللُّطْفِ والتَّواضُع والوَداعةِ والصَّبْر"(قولسي 3: 12).
فإن على أبناء الله جميعهم أن يقتدوا بأبيهم السماوي "كونوا رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكُم رَحيم"(لوقا 6: 36)، وبأن يكون لهم قلب مثل قلبه، كله شفقة وحنان نحو القريب "قد وَجَبَ أَن نَتَنعَّمَ ونَفرَح، لِأَنَّ أَخاكَ هذا كانَ مَيتاً فعاش، وكانَ ضالاًّ فوُجِد"(لوقا 15: 31)، أي نحو جميع بني البشر، دون استثناء، على نحو محبة السامري الصالح المثالية؛ ولم تكن هذه المحبة عاطفية فحسب، بل إيجابية (لوقا 10: 33).
إنهم على هذا النحو فقط يندمجون في حركة الرحمة الإلهية، التي تأتيهم من عند الله الآب، وابنه يسوع المسيح، بفضل روح المحبة (فيلبي 2: 1)، وهو يرفعهم نحو السعادة التي لا نهاية لها، بالتفوق على الخطيئة والموت. إن محبة الله تنتظرنا على الدوام، ويبحث الله عنا، ويعطينا فرصا للاستجابة له والعودة إليه مهما كان سبب ضياعنا.