ما كان ليتعب بني البشر، في كل مكان وزمان، السؤال: لماذا الشر؟ لماذا شر الخطية وشر الشقاء؟ ذلك هو السؤال الذي شغل فكر البشر وجثم على قلوبهم وعقولهم ساعةً بعد ساعة، أكثر مما شغلهم السؤال المتعلق بأصل الإنسان أيضاً. ولكنْ، لنقارنِ الآن بالجوابِ البسيط الذي يقدمه الكتاب المقدس عن هذا السؤال، الحلول التي ارتأتها له الحكمةُ البشرية.
وبطبيعة الحال، ليست هذه الحلول متشابهةً بحالٍ من الأحوال. غير أنها رغم ذلك تنمُّ عن علاقة ما، وبالنظر إلى هذا الواقع يمكن تحديد هذه الحلول. فالحلُّ الذي يُطرح أكثر من غيره هو ذاك الذي يزعم أن الخطية ليست ساكنةً في الإنسان ولا هي تخرج منه، بل إنها تلتصق به من الخارج. والواقع أن هذه الفكرة تذهب إلى أنَّ الإنسان صالح بطبيعته وقلبه غير فاسد، والشر يكمن في الظروف، أي في البيئة، في المجتمع الذي يولد فيه الإنسان ويُنشَّأ. فإذا أزَلْنا هذه الظروف، بأن نُدخِل مثلاً توزيع الثروات بالتكافؤ على جميع الناس، يصير الإنسان صالحاً بصورة طبيعية، إذ لا يعود ثمة أيُّ سببٍ يدعوه لأن يفعل الشر.