رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خمس صور عن الألم فى سفر النشيد الصورة الأولى مصدر الألم: الشمس آلام في طريق الخدمة، ومكانه الكروم «أَنَا سَوْدَاءُ وَجَمِيلَةٌ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، كَخِيَامِ قِيدَارَ كَشُقَقِ سُلَيْمَانَ. لاَ تَنْظُرْنَ إِلَيَّ لِكَوْنِي سَوْدَاءَ، لأَنَّ الشَّمْسَ قَدْ لَوَّحَتْنِي. بَنُو أُمِّي غَضِبُوا عَلَيَّ. جَعَلُونِي نَاطُورَةَ الْكُرُومِ. أَمَّا كَرْمِي فَلَمْ أَنْطُرْهُ» (نش1: 5، 6) هنا نجد تأثير الشمس على العروس، وفيها نرى شيئًا عن الظروف المُرّة المختلفة التي يَعبُر بها القديس في حياته؛ فتترك آثارها على وجهه وهيئته الخارجية. إنها تُحدّثنا عن آلام حدثت في الماضي، ولكنْ تأثيراتها باقية وواضحة في الحاضر. وما السبب الذي جعل العروس تتعرض للشمس؟ لقد أخبرتنا فقالت: «بَنُو أُمِّي غَضِبُوا عَلَيَّ. جَعَلُونِي نَاطُورَةَ (حارسة) الْكُرُومِ. أَمَّا كَرْمِي فَلَمْ أَنْطُرْهُ». ربما تعرَّضت العروس لفاجعة موت الأب، فما كان من إخوتها البنين إلا أن دفعوا بها للمسؤولية المُتمثِّلة في حراسة الكروم، وهذا جعلها فريسة للشمس في قوتها. وربما تقصد بكَرْمِها الذي لم تنطره، هيئتها التي تشوَّهت، وأفراحها الشخصية التي صارت في خبر كان. وإذا كان ذلك كذلك، فما هو العلاج للنفس عندما تتألم في طريق مسؤوليتها وخدمتها؟ الإجابة نجدها في الأعداد التالية، حيث قرَّرت العروس أن تقوم بمهامها وخدمتها بالقرب من عريسها؛ وهذا هوَّن عليها الأمر، بل وجعلها بركة لمن حولها، حيث تساءلت: «أَخْبِرْنِي يَا مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، أَيْنَ تَرْعَى، أَيْنَ تُرْبِضُ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ؟ لِمَاذَا أَنَا أَكُونُ كَمُقَنَّعَةٍ عِنْدَ قُطْعَانِ أَصْحَابِكَ؟». وقد أجاب العريس عن سؤالها بالقول: «إِنْ لَمْ تَعْرِفِي أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ، فَاخْرُجِي عَلَى آثَارِ الْغَنَمِ، وَارْعَيْ جِدَاءَكِ عِنْدَ مَسَاكِنِ الرُّعَاةِ» (نش1: 7، 8). فالشمس ما زالت في شدة حرارتها، حيث وقت الظهيرة؛ ومتاعبها ما زالت موجودة، فهي “كَمُقَنَّعَةٍ عِنْدَ قُطْعَانِ الأَصْحَابِ”، والمسؤولية ما زالت ثقيلة حيث عليها أن ترعى جداءها، ولكن الذي غير معادلة الألم هو قيامها بدورها وخدمتها في رفقة عريسها وحبيبها، وتحت رعايته. الصورة الثانية مصدر الألم: الشوك آلام في طريق الاتضاع، ومكانه الأودية «أَنَا نَرْجِسُ شَارُونَ، سَوْسَنَةُ الأَوْدِيَةِ. كَالسَّوْسَنَةِ بَيْنَ الشَّوْكِ كَذَلِكَ حَبِيبَتِي بَيْنَ الْبَنَاتِ» (نش2: 1، 2) هنا لا نجد العروس تتعرض للشمس في حرارتها، ولكن نراها كالسوسنة، الزهرة الوديعة البسيطة البيضاء اللون، وهي محاطة بالأشرار المرموز إليهم بالشوك. لا نراها وهي تهتم بكروم الأحباء، ولكن وهي تتألم من الأشرار. والجميل أن تُوصف بأنها «سَوْسَنَةُ الأَوْدِيَةِ»؛ صورة لاتضاعها. وأن كان الشوك مؤلمًا للسوسنة، لكنه يضمن اتضاعها، تمامًا كالشوكة التي أعطاها الرب لبولس حتى لا يرتفع بفرط الإعلانات. فلو ظنت السوسنة في يوم أنها أفضل من غيرها، وأخذت تتمايل مختالة يمينًا ويسارًا، فلن تجد حولها سوى الشوك الذي سيجعلها تعيش في استقامة واتضاع، هنا نرى الألم كعلاج لكبريائنا. الصورة الثالثة مصدر الألم: النار آلام في طريق الغربة، ومكانه البرية «مَنْ هَذِهِ الطَّالِعَةُ مِنَ الْبَرِّيَّةِ كَأَعْمِدَةٍ مِنْ دُخَانٍ، مُعَطَّرَةً بِالْمُرِّ وَاللُّبَانِ وَبِكُلِّ أَذِرَّةِ التَّاجِرِ؟» (نش3: 6) هنا نرى البرية وتأثيرها على العروس، أول شيء أنها كأعمدة من دخان. كان هناك عمودان من دخان يصعدان من خيمة الاجتماع من على المذبحين الموجودين فيها، مذبح المحرقة في الخارج، ومذبح البخور في الداخل. والدخان في حد ذاته يحكى عن غضب الله، ولكن غضب الله هذا سقط على الرب يسوع في الصليب (مذبح المحرقة)، فصار سبب مسرة ورضا لله في عمود الدخان الصاعد من على هذا المذبح. ولكنه أيضًا هو موضوع سجود القديسين وهذا ما نراه في العمود الآخر الصاعد من على مذبح البخور. العروس كانت كالأعمدة التي من دخان، فتأديبات الله لها قد أوصلتها أن تكون مصدر مسرة وفرح لقلب الله. ويستكمل العريس قائلاً: «مُعَطَّرَةً بِالْمُرِّ وَاللُّبَانِ». المُرِّ واللُّبان روائح عطرية، ولكي تتصاعد رائحتها لا بد من قوة النيران. والمؤمن لديه رائحة المسيح، ولكن لا شيء يُظهر هذه الرائحة الذكية قدر الألم والضيق والتجارب التي يتعرض لها المؤمن في البرية. والعروس أيضًا «مُعَطَّرَةً ... بِكُلِّ أَذِرَّةِ التَّاجِرِ» وكلمة “أَذِرَّةِ” تعنى “مساحيق التَّاجر”، ولكي تظهر رائحة هذه المساحيق بصورة واضحة، تحتاج أن تُسحَق سحقًا شديدًا. ولن تظهر روعة جمال المسيح في المؤمن إلا من خلال النار والسحق، وهنا نرى الألم لمسرة قلب الله، خلال رحلة الغربة للمؤمن في البرية. الصورة الرابعة مصدر الألم: الرياح آلام في طريق الثمر، ومكانه الجنة «اِسْتَيْقِظِي يَا رِيحَ الشَّمَالِ، وَتَعَالَيْ يَا رِيحَ الْجَنُوبِ! هبِّي عَلَى جَنَّتِي فَتَقْطُرَ أَطْيَابُهَا. لِيَأْتِ حَبِيبِي إِلَى جَنَّتِهِ وَيَأْكُلْ ثَمَرَهُ النَّفِيسَ» (نش4: 16) هنا نرى تأثير الرياح على العروس المُشبهة بالجنة، حيث يطلب الرب أن تستيقظ «رِيحَ الشَّمَالِ» وتهب عليها، وهي الرياح الشديدة الهائجة التي تُصَوِّر الأمور القاسية التي تهب على حياتنا، ولكن هناك ريحًا أخرى هي «رِيحَ الْجَنُوبِ»، وهذه لا يقول لها: «اِسْتَيْقِظِي»، بل «تَعَالَيْ»، لأنها رياح رقيقة فهي تمثل معاملات الرب الرقيقة معنا؛ ففي وسط المعاملات العنيفة التي نمر بها هناك معاملات يُميّزها لمسات النعمة الحانية، عندما تهب هذه الرياح بنوعيها تجعل الجنة تثمر، بل وتقطر أطيابها، فُتخرج أفضل ما عندها، وبالتالي تصير جاهزة ليأتي العريس إليها ويأكل ثمره النفيس. هذه هي الآلام في طريق الإثمار. الصورة الخامسة مصدر الألم: الحراس آلام في طريق رد النفس، ومكانه المدينة «وَجَدَنِي الْحَرَسُ الطَّائِفُ فِي الْمَدِينَةِ. ضَرَبُونِي. جَرَحُونِي. حَفَظَةُ الأَسْوَارِ رَفَعُوا إِزَارِي عَنِّي» (نش5: 7) هنا نرى الألم نتيجة الكسل والإهمال، فلقد جاءها العريس بنفسه وقرع على الباب، ورفضت العروس أن تقوم وتفتح له، فتحوَّل ومضى، خرجت تبحث عنه ولكنها ما وجدته، وعندئذ نالت نتيجة عدم تقديرها له على يد «الْحَرَسُ الطَّائِفُ» فقد ضربوها وجرَّحوها، وهذا ما يسمح به الرب لنا من يد البشر نتيجة بلادة قلوبنا وتحوُّلنا عنه. ثم هناك مصدر آخر للمعاناة هم «حَفَظَةُ الأَسْوَارِ»، وهؤلاء عروها «رَفَعُوا إِزَارِي عَنِّي». هذا معناه أن الألم مزدوج، من الجانب الواحد هناك ضرب وجروح، داخل المدينة، وهو يُمثِّل الألم الذي يصير في كيان المؤمن الداخلي في لحظات ارتداده عن الرب، تمامًا كما وصف داود مشاعره الداخلية فقال: «تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ» (مز32: 4). ومن الجانب الآخر هناك آلام في الخارج ”العُريّ“، وهو يمثل الخزي والفضائح التي تلصق بالمؤمن في ابتعاده عن الرب. وهكذا يعمل الألم، بنوعيه، في دفعنا للرجوع للرب، وهناك نجده يضمد الجراح ويغطى عُرْيِنا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إلى عذراء النشيد!!! |
إلى عذراء النشيد!!! |
النسيج القباطي .......... |
النصيح |
عذراء النشيد |