الجنود بستهزئون بيسوع
آ27. حينئذٍ أخذَ جنود الوالي يسوعَ إلى الأبروطوريون. إنَّ لفظة "حينئذٍ" لا تتعلَّق بقوله: وأسلمه ليصلب، لأنَّ الجلد كان قبل الحكم عليه بالصلب كما قدَّمنا، بل المعنى أنَّه حين إذ جلدوه أخذه الجنود إلخ. وتأويل الأبروطوريون منبرًا أو محكمة الوالي. وقد أخذه الجنود إلى هذا المحلّ ربَّما ليواصلوا الهزء به ويقيموه في محلِّ الوالي كأنَّه ملك. وجمعوا عليه المحفلَ كلَّه لينظروه ويضربوه ويسخروا به.
آ28. ونزعوا أثوابَه وألبسوه لباسًا قرمزيًّا. ومرقس ويوحنّا يسمِّيانه أرجوانًا. فوجه الفرق إمّا لأنَّ اللون القرمز يشبه الأرجوان، وإمّا لأنَّ ذاك الثوب كان مصبوغًا مرَّتين. فمتّى ذكر صبغة القرمزيّ ومرقس ويوحنّا صبغة الأرجوانيّ. وألبسوه هذا اللباس الذي كان من عادة الملوك أن يلبسوا مثله، امتهانًا به واحتقارًا له لقوله إنَّه ملك اليهود.
آ29. وضفروا إكليلاً من شوكٍ العوسجٍ ووضعوه على رأسِه. وفي اللاتينيَّة: إكليلاً من شوك فقط، وكذا في العربيَّة القديمة. والسبب الحرفيّ لهذا العذاب، هو أن يهزأوا به كأنَّه ملك. ودلُّوا بالأشواك على بطلان مُلكه. وهذه الأشواك كانت من العوسج، كما قرأت النسخة السريانيَّة، وكما ارتأى بعضهم. أو من البرديّ المعروف بالسعد، كما ارتأى غيرهم. ولعلَّ الإكليل كان مؤلَّفًا من الشوكين، وكان هذا العذاب مؤلمًا للمسيح جدًّا لحدَّة الأشواك وكثرتها، ودخولها في الرأس حتّى الدماغ الذي هو مركز الإحساسات. وقد صُلب المخلِّص وإكليل الشوك على رأسه كما تعلِّم صورُه وتعليم بعض الآباء. ومن هنا أخذت الكنيسة العادة على إبقاء إكليل من شعر في رأس الكهنة تذكارًا لإكليل المسيح الشوكيّ. وقصبةً في يمينِه. أي جعلوه يمسك قصبة عوضًا عن قضيب المَلك. وجثَوا على ركبِهم مُستهزئين به وقائلين: السلامُ يا ملكَ اليهود.
آ30. وتفلوا في وجهِه وتناولوا قصبةً يَضربون بها رأسه، ليمكِّنوا الأشواك في رأسه فقاسى من ذلك ألمًا مبرّحًا. إنَّ الشيطان الذي ينسب أوريجانوس* كلَّ ذلك إليه لم يكتفِ بما اضطهده*** به ابن الله الليلة كلَّها بواسطة اليهود، بل أراد أن يُنزل به كلَّ نوع من الإهانة والآلام نهارًا بواسطة الأمم أيضًا.
آ31. ولمّا هزِئوا به نزَعوا عنه ذلك اللباس الذي كانوا ألبسوه إيّاه امتهانًا به، وألبسوه ثيابَه واستاقوه ليُصلَب.