رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تيتيلستاي فلما أخذ يسوع الخل قال: قد أُكمل. ونكَّس رأسه وأَسلَمَ الروحَ ( يو 19: 30 ) «قد أُكمل»: هذه العبارة هي باللغة الأصلية للعهد الجديد (اليونانية) مكونة من كلمة واحدة تُنطَق ”تيتيلستاي“. وهي بكل يقين أعظم كلمة مفردة نطق بها إنسان، أو سمعتها الآذان. يقول العارفون بعادات ذلك الزمان ولغته: إن هذه العبارة ”تيتيلستاي“ كان يقولها الخادم بعد أن يُكمل العمل الذي كلَّفه إياه سيده. وكان يقولها التاجر بعد أن يسدَّ الفواتير والكمبيالات التي ينبغي سدادها. وكان يقولها أيضًا الفنان بعد أن يضع لمساته الأخيرة على عمله الفني، كما كان يقولها القائد الظافر في معركته وهو يسير في موكب النصر. هكذا هنا فوق الصليب، قال عبارة ”تيتيلستاي“ الخادم الكامل، والتاجر العظيم، والفنان الحقيقي، والمُحارب المظفر. الخادم الذي تمم كل مشيئة الله، والتاجر الذي سدَّ كل ديون مفدييه، والفنان الذي أكمل عمل الخلاص العظيم، والمحارب الذي هزم الشيطان وسحق رأس الحية. «قد أُكمل»: إنه أعظم وأخطر إعلان سمعه إنسان منذ بدء الخليقة. فالذي أكمله ربنا يسوع كثير، بل كثير جدًا. لقد أكمل عمل الفداء، وأنهى خطة المُصالحة من وجهة نظر الله، ووضع أساس إنجاز كل مشورات الله الصالحة، وفيه تمت كل النبوات عن آلامه، وهو الذي قام بسداد كل الديون. والأرجح أن المسيح قال كلمته هذه ”تيتيلستاي“ بصوتٍ عظيم، مثل كلمته السابقة «أنا عطشان»، واللاحقة «يا أبتاه، في يديك أستودع روحي». فهذه الكلمة لم تكن أبدًا أنَّة ضعف وخَوَر، بل كانت صيحة غلبة وظَفَر. لم يَقُل المسيح هنا: أنا انتهيت، بل أنا أنهيت. بل أكثر من ذلك، أنا أكملت عملاً مُتقنًا دون أن أبقى فيه شيئًا ناقصًا على الإطلاق. عندما يموت الإنسان ينتهي، وتهلك أفكاره ومشروعاته معه ( مز 146: 4 ). لكن المسيح بموته كان يضع الأساس الراسخ لكل مشروعات الله وقصد الدهور. هذه العبارة تمثل النطق السادس للمسيح من فوق الصليب. ونحن نعرف أن الرقم 6 هو رقم العمل. ففي ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها ( خر 20: 11 )، وفي ست ساعات أكمل عمل الفداء، وكان ذلك أيضًا في اليوم السادس من الأسبوع، يوم الجمعة. وها هو من فوق الصليب في نُطقه السادس يقول: «قد أُكمل». |