قبل أن يكون يوسف أمينًا لسَيِّده، كان أمينًا لله. فكان يعلم أن هذه الخطية - قبل أن تكون خيانة لسَيِّده المصـري - هي قبل كل شيء خيانة فى حق سَيِّده السَّماوي. أَ ليس هذا هو الأمر الذي استشعره داود بعد ذلك بمئات السنين فقال: «إِلَيكَ وحدَكَ أَخطَأتُ، والشَّـرَّ قُدَّامَ عينَيكَ صَنعتُ» ( مز 51: 4 ). لكن داود قال هذا بعد أن اقترف الخطية، الأمر الذي بسببه دفع الثمن غاليًا. فالخطية طالما أُقتُرِفت، لها تداعياتها المريرة. أما يوسف، إذ كان يعلم علم اليقين أن الخطية تُقتَرف في عيني الله القدوس، لم يتردَّد لحظة في اتخاذ قرار الهروب، ليُسجل لنا على صفحات الوحي، أعظم شعارات النصـرة على الشـر. وكأن يوسف كان يعلَم ما سوف يقوله بولس بعد ذلك بآلاف السنين: «لأَنَّ اللهَ لَم يَدعُنا للنَّجاسَةِ بل فِي القداسةِ» (١تس٤: ٧).