يقول الوحي الإلهيّ عن الأشرار: " طَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ وَلَيْسَ فِي مَسَالِكِهِمْ عَدْلٌ، جَعَلُوا لأَنْفُسِهِمْ سُبُلاً مُعَوَّجَةً، كُلُّ مَنْ يَسِيرُ فِيهَا لاَ يَعْرِفُ سَلاَماً " (إش8:59).
وها نحن نتساءل: كيف يعرفون طريق السلام وهم من صغرهم يسيرون في طريق النجاسة، الذي لا يُعطي سلاماً، إنَّما يقضي علي ما في القلب من سلام وفرح..؟!
طريق السلام هو مع رب المجد يسوع، الذي قال: " سلاَماً أَتْرُكُ لَكُمْ، سلاَمِي أُعْطِيكُمْ، لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا " (يو27:14)، فكيف يرون طريق السلام وقد أعمت الخطية قلوبهم عن رؤية رئيس السلام نفسه؟!
وهل نُنكر أنَّ طريق السلام هو ثمرة حياة البر والتقوي وعمل الرحمة مع الآخرين.. فكيف يرونه وخطاياهم فصلتهم عن العيشة الطاهرة، وأعمال الخير والمحبة، وأشغلتهم بأعمال دنيوية، وبحياة كلها دنس..؟! ولهذا يقول إشعياء النبيّ: " لَيْسَ سَلاَمٌ قَالَ إِلَهِي لِلأَشْرَارِ" (إش21:57).
رؤية شرور الحياة
نفوس كثيرة تعيش في الشر ومستعبدة لخطايا كثيرة، وبينما هم غارقون في بحر آثامهم، وقد أتلفت الخطية نفوسهم، وقضت علي حياتهم، لم ينظروا لعيب في حياتهم!! كملاك(راعي) كنيسة اللاودكيين، الذي خاطبه الرب قائلاً: " إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَائِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ " (رؤ17:3).
وماذا تقول عن المدمنين الذين أفنوا حياتهم وأهلكوا أنفسهم.. ومن أجل حقنة مُخدرة قد يسرقون ويقتلون أو يضحون بأولادهم.. ومع كل هذا لا ينظرون لنتائج شرورهم!!
هل لهؤلاء عيون تبصر؟ لو كانت لديهم بصيرة روحية لعرفوا ما هو الخير؟ وما هو الشر؟ ولكن هذا ليس بغريب لأنَّ سليمان الحكيم يقول: " اَلذَّكِيُّ يُبْصِرُ الشَّرَّ فَيَتَوَارَى، وَالْحَمْقَى يَعْبُرُونَ فَيُعَاقَبُونَ " (أم3:22).
وقد يفتخرون بفضائلهم كالفريسيّ، الذي تحوَّلت صلاته إلى إدانة العشار!! يقول مُعلمنا لوقا: " أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هَكَذَا: اَللَّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ وَلاَ مِثْلَ هَذَا الْعَشَّارِ " (لو11؛18)، لأنَّ خطاياهم أعمت قلوبهم عن رؤية شرورهم القبيحة التي يعملونها، وأظلمت قلوبهم عن رؤية النور، فلم يدركوا الظلام الذي فيهم.
وهكذا يحيا الأشرار فى حالة إدانة دائمة، وإسقاط خطاياهم وضعفاتهم على الآخرين ومحاولة تدميرهم، ولو أنَّهم جلسوا مع ذواتهم وحاسبوا أنفسهم، على ما قد وصلت إليه من إنحطاط وفساد لتغيرت حياتهم.
مثل هؤلاء العميان بحاجة ماسة إلي لمسة من يد المخلص، لكي تزول الغشاوة التي علي قلوبهم، ويظهر ما كان مخفياً بالداخل من خطايا، عندئذ سيرددون مع الأعمي، تلك الأُنشودة الجميلة التي نطق بها عندما انفتحت عيناه قائلاً:
" أَنِّي كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ " (يو25:9).
إنَّ لمسة واحدة من يد المُخلص..
حوَّلت ظلمة حياة الأعمي إلي نور..
ولمسة واحدة من نفس يده تقع علي قلوبنا،
فتنقلنا من حياة الظلمة إلي النور..
والرب الآن وفي كل وقت يمد إلينا يده..
يريد أن يلمس قلوبنا حتي نبصر هذا النور..
فلنركض إليه كما ركض الأعمي..
ونطلب منه أن يمد يده لتلمسنا..
حتي نري النور ونسير فيه..
قبل فوات الآوان.
اجمل ما قرات
منقول