رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقدار المسئوليات بالنسبة للخادم يقيس الناس الخدمة بحجم المسئوليات الملقاة على الخادم، بينما الله له مقياس مختلف. * خذوا مثلًا إسطفانوس أول الشمامسة. إنه مجرد شماس، لم ينل رتبة أعلى من ذلك. فهل نقيس خدمته برتبته؟! كلا، بلا شك. فإن الكنيسة المقدسة تضع اسمه في مجمع القديسين قبل جميع البطاركة. وتقاس خدمتها بعمقها. وكيف أنه كان مملوءًا من الروح القدس والحكمة والإيمان (أع6: 3، 5). "وإذ كان مملوءًا إيمانًا وقوة، كان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب" (أع6: 8). ووقف أمام ثلاثة مجامع وأمام الذين من كيليكيا وآسيا، يحاورونه "ولم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به" (أع6: 10). لهذا رأينا أنه بعد وضع اليد عليه كشماس "كانت كلمة الله تنموا، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا في أورشليم، وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان" (أع6: 7). هكذا كانت خدمة هذا الشماس وفاعليتها، حتى أن اليهود لم يحتملوا خدمته، فقبضوا عليه ورجموه. وفي رجمه رأى السموات مفتوحة وابن الإنسان قائمًا عن يمين الله" (أع7: 56). "ورأوا وجهه كأنه وجه ملاك" (أع6:5). إن الإنسان في خدمته أمام الله، يوزن مجردًا من صفاته الخارجية ووظائفه. فيوزن في عمق عمله، وفي عمق قلبه، وفي قيمة خدمته. خذوا مثالًا آخر: القديس مارأفرام السرياني: وما قام به من جهد كبير في الخدمة وفي مقاومة الأريوسية وفي دفاعه عن الإيمان، حتى قبل أن يرسم إغنسطسًا (أي قارئًا) من يد القديس باسيليوس الكبير. هذه الرتبة التي يحصل عليها الآن عشرات الآلاف من خدام مدارس الأحد، والتي كان يرى نفسه غير مستحق لها. ولكن الأغنسطس مارأفرام كان له وزنه الجبار في الكنيسة الجامعة، حتى أسموه "قيثارة الروح القدس" وأسموه الملفان أو "المعلم"، في أشعاره وكتاباته الروحية ذات التأثير أو العمق العجيب أترانا نقيس خدمته برتبة أغنسطس؟! أم بأثره البارز في خدمة الإيمان وفي التعليم، ليس في جيله فقط، وإنما في أجيال عديدة وحتى الآن. خذوا مثالًا آخر: الشماس أثناسيوس في مجمع نيقية المسكوني المقدس. في ذلك الوقت كان مجرد شماس، في أول مجمع مسكوني يضم 318 من الآباء الكبار، بطاركة وأساقفة، يمثلون كنائس العالم كله. ولكن عمله حينذاك لم يكن يقاس برتبته كشماس، وإنما بوقوفه ضد أريوس الهرطوقي، والرد على كل أدلته، في قوة وفي فهم عميق للكتاب والمعنى السليم لنصوصه ودلالاتها اللاهوتية.. حتى أنه -وهو شماس- قام بصياغة قانون الإيمان المسيحي في مجمع نيقية، القانون الذي تؤمن به كل كنائس العالم.. هنا الخدمة لم تكن تقاس بالرتبة، وإنما بأثرها وفاعليتها. * مثال آخر هو القديس سمعان الخراز. ماذا كانت رتبته؟! لا كاهن، ولا شماس، ولا حتى أغنسطس.. إنما عامل بسيط ربما لا قيمة له في المجمع، ولا وظيفة له في الكنيسة. ولكن قيمة خدمته كانت في عمق عمله، وعمق صلواته، وفي إنقاذه الكنيسة كلها بمعجزة نقل الجبل المقطم أيام البابا إبرام بن زرعة وفي حضوره. هنا نوعية الخدمة، وليس علو الرتبة.. * خذوا أيضًا مثال القديس الأنبا رويس. لم يكن أسقفًا ولا قسًا ولا شماسًا، ولم تكن له أية وظيفة رسمية في الكنيسة، ولا أية خدمة معينة. ومع ذلك دعته الكنيسة من آبائها. وكانت له خدمات تظهر يد الله فيها بكل وضوح. * كذلك يمكن أن نذكر: إبراهيم الجوهري. كان علمانيًا، وله وظيفة علمانية في الدولة، أي أنه لم يكن مكرسًا للرب. ومع ذلك كانت له محبته العميقة للكنيسة، وخدماته التي لا يمكن أن تنسى التي قام بها من أجل عمارة الأديرة والكنائس، وفي العناية بالفقراء بأسلوب يضعه في مرتبة الخدام، بل أنه يفوق الكثيرين منهم. * مثال خارج الكنيسة القبطية هو ميشيل أنجلو. كان فنانًا. لكن خدماته في محيط الأيقونات الكنيسة، سجلت له اسمه في التاريخ وبخاصة في كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان. وهنا لا نسأل عن درجته الكنسية أو عن رتبته، إنما عن عمق خدمته. والناس يعرفون ميشيل أنجلو، وربما الملايين لا تعرف اسم البابا الذي عاش أنجلو في أيامه. وإن عرفوا اسمه يقولون إنه البابا المعاصر لميشيل أنجلو..! نقطة أخرى نذكرها في مقاييس البشر الخاطئة بالنسبة إلى الخدمة، وهي شرف وعظمة المكان. قد ينسبون أهمية الخادم إلى أهمية وعظمة المكان الذي يخدم فيه، كأنما خدمته تستمد قدر عظمتها من المكان، وليس من الشخص، ولا من عمق ونوعية الخدمة. والواقع غير ذلك. * ومن أمثلة ذلك القديس غريغوريوس النيازينزي. ينتسب إلى بلدة نيازينزا التي صار أسقفًا لها، وربما لا يعرف أحد تحديد مكانها بالضبط، غير أنها كانت إحدى مدن قيصارية كبادوكية التي تتبع للقديس باسيليوس الكبير. غير أن القديس غريغوريوس لم يستمد عظمته وشهرته من عظمة المدينة التي يخدمها، وإنما من شخصيته اللاهوتية ومحاضراته العميقة التي ألقاها عن الثالوث القدوس، حتى أن الكنيسة منحته لقب "الناطق بالإلهيات". إيبارشيته لم تمنحه الشهرة، إنما هو الذي منح الشهرة لبلدة نيازينزا المجهولة بالنسبة إلى الكثيرين. * مثله أيضًا القديس أغريغوريوس أسقف نيصص. وهو أخو القديس باسيليوس الكبير. وقد رسمه أخوه على نيصص، التي لا يعرف الكثيرون مكانها. ولكنها ضمن إيبارشية قيصارية كبادوكية. هي بلدة غير مشهورة، الذي سجل اسمها في التاريخ هو أسقفها القديس غريغوريوس، الذي كتب كثيرًا ضد الأريوسيين وله تأملات كثيرة، وكتاب عن التطويبات. لا يقل أحد إذن أن خدمتي فقدت قيمتها لأنها في بلدة صغيرة أو في قرية!! ولو إنني خدمت في مدينة كبيرة، لكان لي شأن آخر!! * إن السيد المسيح ولد في قرية صغيرة هي بيت لحم "الصغرى في يهوذا" (مت2: 6). وانتسب إلى مدينة الناصرة، التي كان يعجب البعض هل يخرج منها شيء صالح!! (يو1: 46). ولكنه مع ذلك أعطي الناصرة شهرة في التاريخ. وكان يدعى "يسوع الناصري" (مت26: 71). وفي نفس الوقت أيضًا منح شهرة لقرية بيت لحم، فصارت مزارًا مقدسًا.. * خدّام آخرون يقيسون (عظمتهم) في الخدمة بطول مدة هذه الخدمة. ويعتبرون هذا نوط تقدير للخدمة! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|