رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القدِّيسِ نوهرا الشهيد (شفيعُ البصرِ والعُيون) إِنَّ القدِّيسَ نوهرا الشهيدَ كانَ سُريانيّاً من مدينةِ ساموزات التابعةِ لإِنطاكية من أُسرةٍ عريقةٍ في الفضلِ والفضيلةِ ووالديْنِ مسيحيَّيْنِ صالحيْن صرفا جُلَّ العنايةِ في تهذيبِه وتثقيفِه ، فأَرضعاهُ لبانَ التقوَى والعلمِ والأَدبِ منذ طُفولتِه ، فقدَ والديْهِ وهو في الثانيةِ عشرةِ من عُمرِه ، فكرِهتْ نفسُه أَباطيلَ الدُّنيا وبهجتِها وعافتْ زخارفَها وبهجتَها وتاقتْ إِلى الحياةِ الإِكليريكيَّةِ أَو بالحري نزعتْ إِلى الحياةِ النُّسكيَّة . فباعَ كُلَّ مُقتناه ووزَّعَه على المساكينِ امتثالاً لمشورةِ سيِّدِنا يسوع المسيح القائل لذلك الشابّ: “إِنْ شِئتَ أَنْ تكونَ كاملاً إِمضِ فبِعْ مُقتناكَ وأعطِه للمساكين فيكونُ لكَ كنـزٌ في السماءِ وتعال إِتبعْني” . (متَّى 19 : 21) . فلجأَ إِلى القدِّيسِ مكاريوس وأَكبَّ على درسِ الكُتبِ المُقدَّسةِ عنده فبلغَ منها مبلغاً بعيداً واتَّخذَ لنفسِه حياةً نُسكيةً بحتة ، ولمْ يكُنْ يتناوَلُ من المأكلِ سِوَى القليلِ من الخُبزِ اليابسِ والأَعشابِ الخضراء ، ولمْ يقتربْ من النارِ مهما كان البردُ قارساً ، وكان مُزاوِلاً الصلواتِ والتأَمُّلاتِ ومُلازِماً الصمت ، ولمْ يكُنْ يفتحُ فاه إِلّا لشرحِ الأَسفارِ المُقدَّسة . ولمّا نشأَ ونما في العُمرِ والعِلمِ والفضائل ، رُسِمَ كاهناً في إِنطاكية ، حينئذٍ شمَّرَ عن ساعدِ الجَدِّ والكدِّ بتثقيفِ الناشئةِ إِذْ فتحَ لها مدرسةً أُسوَةً بأُستاذِه القدِّيس مكاريوس ، وقد طالَما نُزِعتْ نفسُه إِلى الأَعمالِ الخيريَّةِ والتعاليمِ الروحيَّةِ فصرفَ هِمَّتَه إِلى تعليقِ وتفاسيرِ الكتابِ المُقدَّسِ الضافيةِ ودحضَ الإِرتقاتَ وإِظهارَ الحُججِ البيِّنةِ في الأَضاليل . ثمُّ أَخلَى ذِراعَه لترجمةِ الكتابِ المُقدَّسِ من العِبريَّةِ إِلى اليونانيَّةِ فأَصبحَ نابغةَ عصرِه وأَمامَ مَصَرِّه وحُجَّةِ دهرِه يحطُّ طُلّابُ العُلومَ رحالَهُم في فنائه ويستصبِحُ جهابذة النظرِ بباهرِ ضيائه حتَّى أَنَّ القدِّيسَ إِيرونيموس أَخذَ عنه من موادِّ تآليفِه وتفاسيرِه للكُتبِ المُقدَّسة ، فأَمسَى مُنقطِعَ النظيرِ بعُلومِه وأَشدَّ رِجالِ الدِّينِ غيرةً وعملاً في حقلِ الكنيسةِ وأَكبرَ دعامةٍ للدِّيانةِ المسيحيَّةِ في عصرِه . فوُشِيَ به إِلى الملكِ مكسيميان الطاغي الذي أَمرَ بإِحضارِه . حينئذٍ لجأَ إِلى البراري عملاً بمشورةِ سيِّدِنا يسوع المسيح القائل: "إِذا اضطهدوكُم في هذه المدينةِ فاهربوا إِلى أُخرَى (متَّى 10-27) . وكان هُناك كصوتٍ صارخٍ في البرِّيةِ يُنيرُ بإِرشاداتِه ومِثالِه وتعاليمِه يُهدي ويُرشِدُ إِلى طريقِ الخلاص . فأَرسلَ الملكُ جُنوداً فقبضوا عليه واقتادوه إِلى السِّجن . وفي طريقِه ، صادفَ جُنوداً من تلاميذِه كانوا قد أَنكروا الدِّيانةَ المسيحيَّةَ خوفاً من الإِضطهادِ ولكنَّهُم عند رُؤيتِهِم هذا القدِّيس مُقتاداً إِلى السِّجنِ واستماعهم إِرشاداتِه السديدة ، عادوا واعترفوا علناً بالدِّينِ المسيحيِّ وكانوا نحوَ أَربعينَ جُنديّاً فقتلوا منهم بعضاً واقتادوا بعضاً للسِّجن . وفي مُرورِه أَيضاً على مدينةِ نيقوميديا ، وجدَ قسماً من المسيحيِّينَ قد ضعفوا في إِيمانِهِم فشدَّدَ عزمَهُم وشجَّعَهُم على الإِحتمالِ وثبَّتَهُم في الدِّينِ المسيحيِّ ، ودُعِيَ بحقِّ نوهرا أَيّ النور لأَنَّه كان منارةً بعُلومِه وفضائلِه ومُثُلِه ، فزُجَّ في السِّجنِ حيث كان يضاعفُ صلواتَه وإِرشاداتَه المُفيدة . وقد كتبَ رسالةً من السِّجنِ لأَهلِ أَنطاكية وهو أَسيرُ يسوع المسيح يُثبِّتُهم في الدِّينِ المسيحيّ . والملكُ مكسيميان لمْ يكُنْ يُقابِلُه خوفاً من أَنْ يرتشدَ بأَنوارِ تعاليمِه الساطعةِ لذلك كان يُخاطِبُه بواسطةِ ترجمانٍ قائلاً: «أَبعِدوا هذا الرجُلَ من أَمامي لأَنَّني أَصبحتُ بخطرٍ عظيمٍ من أَنْ أَصيرَ مسيحيّاً من حججِه الراهنة» . وقد وعدَه بأَنَّه يجعلُه مُساوِياً له في العرشِ إِنْ جحدَ الدِّينَ المسيحيَّ وإِنْ أَبَى فيُذيقُه أَمَرَّ العذابات ، حينئذٍ سخِرَ القدِّيسُ بمواعيدِه ووَعيدِه ونادَى مُكرِّراً أَنا مسيحيّ . فأَعدُّوا له خشبةً مثقوبةً من أَربعةِ مواضعٍ وأَدخلوه فيها مضغوطًا فتكسَّرتْ مفاصلَه وتخلَّعتْ رِجلاه وأَلقوه بهذه الحالةِ في السِّجنِ مع رفقائه مُدَّةَ أَربعةِ عشر يوماً ، وكانوا يُقدِّمونَ له من لحمِ الخنازيرِ طعامَ الأَوثانِ فكان يأبَى قائلاً: “أَنا مسيحيّ” . وفي ليلةِ عيدِ الغطاس ، زارَه بعضُ تلاميذِه فطلبَ خُبزاً وخمراً ووضعهُما على صدرِه وهو ممدودٌ قائلاً: صدري هو مذبحُ الربّ! وقدَّسَ الخُبزَ والخمرَ كما صنعَ سيِّدُنا يسوع المسيح في العشاءِ السرِّيِّ وناوَلَ تلاميذَه وسُبحانَ العنايةِ الإِلَهِيَّةِ التي قيضتْ له ولتلاميذِه هُنيهةً لمْ يدخلْ عليهم أَحدٌ من الحُرّاس . ولمّا انتهوا ، إِذا بوَزيرِ الملكِ يدخلُ على القدِّيسِ ليرَى هلْ هو حيٌّ أَيضاً فابتدرَه القدِّيسُ هاتفاً أَنا مسيحيّ ، فدُهِشَ الوزيرُ من شجاعتِه واحتمالِه وصبرِه وسأَلَه: من أَينَ أَنت؟ أَجاب: أَنا مسيحيٌّ . سأَلَه: ما مِهنتُكَ؟ أَنا مسيحيّ . مَنْ هُم أَهلُك؟ أَنا مسيحيّ . وبعد جوابِه الأَخير ، طارتْ نفسُه إِلى السماءِ في اليومِ السابعِ من كانونِ الثاني سنة ثلاثمئة واثنتَي عشرة . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كنتَ خير شفيعٍ لي ولأحبّائي |
اعلم أن الاتضاعَ هو أن تَعُدَّ جميعَ البشرِ أفضلَ منك |
صورة مار نوهرا الشهيد - شفيع البصر |
طلبة القدّيس: مار نوهرا الشهيد |
تساعية مار نوهرا الشهيد |