فذهب داود من هناك ونجا إلى مغارة عدُلام
( 1صم 22: 1 )
ولقد عرف داود بركة الراحة الثانية، إذ كان خاضعًا بكُليته لفكر الله وإرادته بخصوص المملكة، وكان راضيًا بانتظار ساعة الله لثقته بأنها خير الساعات وأعظمها. وفي هذا الخضوع راحة حقيقية للإنسان من تعب القلب الكثير والقلق المُضني. ولا شك أن نفوسنا تستريح تمامًا إذا سارت في الطريق وهي واثقة بأن «كل الأشياء تعمل معًا للخير»، ولا حاجة لرسم الخطط لأنفسنا متى تيقنا أن الله يرسم لنا خير الخطط، وراحتنا تقوم في ترك كل شيء بين يديه. ولكن، ويا للأسف، كم مرة تنعكس هذه الآية معنا، بل كم مرة يُخيَّل إلينا عبثًا بأننا نستطيع أن ندبر أمورنا خيرًا من الله. قد لا نقول ذلك صراحةً، ولكننا في الحقيقة نقرّ ونعمل هكذا. يا ليت الرب يَهَبنا خضوعًا أكثر، وثقة أعظم مما لنا الآن حتى لا نقع في هذه التجربة المُرَّة.
إن هذا الخضوع في نفس داود، هو الذي جعله يذعن لإرادة الله بالتنحي عن العرش والسُكنى في مغارة عدلام المُقفرة، فترك شاول، وترك المملكة، بل ترك حتى مصير نفسه في يدي الله، موقنًا بالانتصار في النهاية. .