رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بولس الرسول والرسـالــة إلـي العبـرانييــن هذه الرسالة منسوبة إلى الرسول بولس مع أنه لم يرد ذلك صراحة في نص الرسالة إسوة بباقي رسائله، ولكن ما يؤكد أن الكاتب هو ذاته بولس بدليل حديثه عن تيموثاوس ” كأخ” (عب23:13). وقد كتبت للعبرانيين الذين تحولوا إلي الإيمان المسيحي، ويريدون الإرتداد إلى اليهودية بسبب عدم نضوجهم في الإيمان المسيحي وعدم فهمهم للحق الكتابي (عب 1:2-3) وأيضا بسبب الاضطهاد الواقع عليهم من اليهود والرومان. وقد كتبت عام 68م ، والدليل علي ذلك هو أنها تذكر اشارات عن الذبائح والاحتفالات، ولم يأتِ ذكر لحريق الهيكل وخراب أورشليم علي يد تيطس الروماني سنة 70م. فعندما جاء ربنا يسوع المسيح في ملء الزمان أكمل الناموس والأنبياء وأعطانا الخلاص المجاني من خطايانا الموروثة قاهرا الشيطان والخطيئة، ونقض كل الحواجز للوصول إلي الله وملكوت السماوات من خلال عهد جديد أسسه بدمه غفراناً للخطايا. هذه الرسالة وثيقة ممتازة تنفرد بسيادة وتفوق العهد الجديد، وامتياز المسيحية علي اليهودية، لأن ربنا يسوع المسيح هو وحده مانح الخلاص وغفران الخطايا، وبذلك يكون ترك الرب يسوع المسيح هو تخلي عن خلاص الله. في الاصحاح الأول يؤكد علي أن الله تدرج في الإعلان عن نفسه بما يتناسب مع قدرات الإنسان علي فهم أمور الله، فأعلن الله الديانة اليهودية وأعطاهم الناموس والوصايا العشر والنبؤات تمهيداً لإعلان المسيحية كما هو مكتوب “ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس ليفدي الذين تحت الناموس لننال التبني” (غل4:4-5). فكلا من اليهودية والمسيحية هما إعلان إلهي (عب1:1-3). وأن المسيح له المجد “بعد ما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم…أليس جميعهم أرواحاً خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص.” (عب4:1- 14). في الاصحاح الثاني شدد الرسول على أنه”يجب أن ننتبه أكثر إلى ما سمعنا لئلا نفوته. لأنه إن كانت الكلمة التي تكلم بها ملائكة قد صارت ثابتة وكل تعدٍ ومعصيةٍ نال مجازاة عادلة فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره قد ابتدأ الرب بالتكلم به ثم تثبت لنا من الذين سمعوا شاهدا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب إرادته.”(عب1:2-4). وعن سبب التجسد الإلهي في ملء الزمان يقول: ” فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية. لأنه حقا ليس يمسك الملائكة بل يمسك نسل إبراهيم. من ثم كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شئ لكي يكون رحيما ورئيس كهنة أمينا فيما لله حتي يكفر عن خطايا الشعب. لأنه في ما هو قد تألم يقدر أن يعين المجربين.”(عب 14:2-18). في الاصحاح الثالث يوضح الرسول سمو كهنوت ربنا يسوع المسيح الذي كان” كاهناً إلى الأبد على رتبة ملكي صادق”(مز 4:110) وأن رب المجد يسوع المسيح أسمى من موسى النبي وهرون الكاهن لأنهم من نسل لاوي(عب 1:3-4)”موسى كان أميناً في كل بيته كخادم شهادة للعتيد أن يتكلم به. وأما المسيح فكان علي بيته. وبيته نحن إن تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة إلى النهاية “(عب 5:3-6). لقد كفل لنا الرب بدمه الذكي الكريم مغفرة خطايانا والدخول المستمر إلي محضر الله، في حين أن رئيس الكهنة كان يدخل مرة واحدة كل سنة في يوم الكفارة العظيم بدم ذبيحة حيوانية ولم تكن هذه الذبائح ‘تُطهر إلا من النجاسة الطقسية، وقد تحقق في رب المجد يسوع كل ما عجزت طقوس العهد القديم أن تحققه. في الاصحاح الرابع يذكر الرسول أن ربنا يسوع المسيح له المجد يقدم لنا نحن المؤمنين راحة أفضل بإيماننا به رباً وفاديا ومخلصاً (عب 1:4-13). مقدما النصح والإرشاد بقوله” اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم…فلنجتهد أن ندخل تلك الراحة لئلا يسقط أحد في عبرة العصيان هذه عينها”(عب7:4-13). مؤكدا “فإذ لنا رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السموات يسوع ابن الله فلنتمسك بالإقرار. لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مجرب في كل شئ مثلنا ماخلا الخطيئة. فلنتقدم بثقة لعرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه.” (عب14:4-16). في الاصحاح الخامس في العهد القديم كان الله يختار رئيس كهنة من الناس لكي يقدم قرابين وذبائح عن خطايا الشعب وأيضا عن نفسه، ولا يأخذ أحد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من الله، كذلك أيضا ربنا يسوع المسيح رئيس كهنة الخيرات العتيدة ورئيس السلام كان مختاراً من الله الذي قال له ” أنت ابني أنا اليوم ولدتك “(مز7:2) ، (مز4:110)، أيضا قال له ” أنت كاهن إلي الأبد علي رتبة ملكي صادق” (عب 21:7). ” الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تألم به وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي.” (عب 7:5-8 ) (1). لقد كانت حياة ابن الإنسان وهو علي الأرض حياة الاتضاع والتسليم والطاعة التامة للآب السماوي ،لذلك قال ” لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضا. ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضا. هذه الوصية قبلتها من أبي” (يو17:10-18). ونظراً لأن اليهود المتنصرين كانوا غير ناضجين روحياً ورفضوا تخطي التقاليد العتيقة، ولم يكونوا قادرين على فهم ما يعلم به القديس بولس عن دور رب المجد يسوع المسيح كرئيس الكهنة الأعظم، لتمسكهم ببعض روابطهم اليهودية، لذلك يقول لهم الرسول بولس أنهم عديمي الخبرة في كلام البر كالأطفال الذين يحتاجون الى اللبن لا إلى طعام قوي وصارت حواسهم غير مدربة على التمييز بين الخير والشر.(عب 12:5-14). في الاصحاح السادس يوضح لهم أن المبادئ الأساسية للإيمان هي التوبة والإيمان والمعمودية ووضع الآيادي قيامة الأموات والدينونة الأبدية، “لأن الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي وسقطوا لا يمكن تجديدهم أيضا للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه “(عب 4:6-6). لأن موقف الكنيسة منذ القرن الأول المسيحي من الذين دخلوا الإيمان المسيحي ثم تحولوا عن رب المجد يسوع المسيح عمداً ويستمرون في الرفض فهم غير مؤمنين ويرفضون الخلاص، لأنهم بذلك يجدفون على الروح القدس الساكن فيهم ويموتون في خطاياهم. لقد انتظر إبراهيم وعد الله بأن يعطيه نسلا، وإذ لم يكن له أعظم يقسم به أقسم له بنفسه، وانتظر إبراهيم خمس وعشرين سنة حتى ولد له إسحق (تك1:21-3). الحجاب الذي يفصل بين القدس وقدس الأقداس في خيمة الإجتماع، كان يمنع حتي الكهنة من الدخول أو التطلع داخل قدس الأقداس. وكان رئيس الكهنة هارون يدخل داخل قدس الأقداس مرة واحدة كل سنة بدم عجول وتيوس ويقف أمام الله ليكفر عن خطايا الشعب وخطاياه. أما ربنا يسوع المسيح فهو في حضرة الله كل حين كرئيس كهنتنا ليشفع فينا أمام الآب علي الدوام (عب19:6-20). في الاصحاح السابع ذكر بولس “ملكي صادق” وهو اسم عبري معناه ملك البر. وكان هو ملك ساليم أي ملك مدينة السلام ، لكي يوضح أن هناك من هو أعظم من إبراهيم الجد الأكبرللشعب الاسرائيلي والذي كان سبط لاوي من نسله، وبذلك يكون الكهنة اللاويين والكهنوت اليهودي أقل مرتبة من كهنوت ملكي صادق كاهن الله العلي الذي استقبلإبراهيم وهو عائد من الحرب وقدم له خبزاً وخمراً. |
16 - 12 - 2020, 02:34 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: بولس الرسول والرسـالــة إلـي العبـرانييــن
كهنوت ملكي صادق يرمز لكهنوت ربنا يسوع المسيح .
كان ملكي صادق ” بلا أب بلا أم بلا نسب. لا بداية أيام له ولا نهاية حياة بل هو مشبه بابن الله هذا يبقي كاهنا إلي الأبد”(عب3:7). وقد “استقبل إبراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه الذي قسم له إبراهيم عشرا من كل شئ ” (عب1:7-2). كان الناموس في العهد القديم ‘يعرف الناس عن الخطيئة، لكي يتحرروا من عبودية الخطيئة المؤدية للهلاك الأبدي إلى طاعة البر الذي في تعاليم ووصايا ربنا يسوع المسيح بالعهد الجديد ” فإذ قذد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح الذي به أيضا قد صار لنا الدخول بالإيمان إلي هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله ” (رو1:5-2). “لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطي لنا “(رو4:5). إن ربنا يسوع المسيح كرئيس كهنتنا الأعظم، هو شفيعنا إلي الأبد وهو الوسيط بين الله وبيننا، كما أن رب المجد يسوع المسيح هو الآن في السماء جالس عن يمين الآب مما يؤكد لنا أنه دفع الثمن لخطايانا مرة واحدة وإلي الأبد وهو علي الصليب (رو32:8-34). فرب المجد يسوع المسيح قد أُسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا” (رو25:4). وقد كانت ذبيحة الرب يسوع المسيح الكفارية علي الصليب كافية لخلاص كل المؤمنين به من شعوب العالم من آدم إلى يوم مجيئه الثاني، فقد نلنا بموته و بسفك دمه الذكي الكريم علي الصليب الحياة الأبدية.( رو22:7)، (رو25:7). في الاصحاح الثامن يقول الرسول أن خلاصة الكلام هي أن لنا رئيس كهنة هو ربنا يسوع المسيح الذي جلس في يمين عرش العظمة في السماوات. خادماً للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان (عب1:8-2). كان كهنة العهد القديم يختارون من سبط لاوي فقط “الذين يخدمون شبه السماويات وظلها كما أُوحي إلى موسى وهو مزمع أن يصنع المسكن. لأنه قال أنظر أن تصنع كل شئ حسب المثال الذي أظهره لك علي الجبل ” (عب5:8-6). في العهد الجديد ذبيحة المسيح الكاملة التامة علي الصليب أنهت كل احتياج إلي ذبائح حيوانية. وهذا هو الطريق الأفضل والأكمل المكتوب في قلوبنا وأذهاننا وعقولنا بالإيمان بربنا يسوع المسيح فاديا ومخلصا . ففي العهد الجديد الروح القدس الساكن فينا يطهر ضمائرنا وقلوبنا ونياتنا ويذكرنا بوصايا الرب. في الاصحاح التاسع نري أنه قد نصبت خيمة الاجتماع والمكونة من المسكن الأول وهو “القدس” الذي كان فيه المنارة الذهبية والمائدة وخبز التقدمة، ويدخله الكهنة كل حين للخدمة، ووراء الحجاب “قدس الأقداس “، فيه مبخرة من ذهب وتابوت العهد المغشى من كل ناحية بالذهب وفيه قسط المن المصنوع من ذهب وبداخله المن وعصا هارون التي افرخت ولوحي العهد. وفوقه كاروبا المجد الذهبيان مظللين الغطاء وهو ما يطلق عليه “عرش النعمة” . وكانت تقدم ذبائح حيوانية علي المذبح يوميا لمغفرة الخطايا (عب12:7-14). وكان رئيس الكهنة يدخل إلي قدس الأقداس بخيمة الاجتماع مرة واحدة في السنة يوم الكفارة العظيم بدم عجول وتيوس ليكفر عن خطاياه وخطايا شعبه (عب19:10). كان الله يطالب الشعب أن يقدموا ذبائح حيوانية بلا عيب ويضعوا أيديهم علي رأس الحيوان قبل أن يذبح، مقرين بخطاياهم، وكان هذا إشارة إلى ربنا يسوع المسيح حمل الله الوحيد الذي بلا عيب وبلا خطيئة الذي “جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة… وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبدياً… فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي.” ( عب11:9-14). فالدم هو الذي يسري في عروقنا لاستمرار حياتنا، وقد سفكه الرب يسوع المسيح علي صليب الجلجلة لأنه: “بدون سفك دم لا تحصل مغفرة”( عب 22:9)، حتى نجتاز نحن المؤمنون به الموت الروحي وهو الانفصال الأبدي عن الله، وبذلك أصبح ربنا يسوع المسيح هو مصدر حياة أبدية لنا. فبقيامته من بين الأموات في اليوم الثالث كسر شوكة الموت معلنا لنا انتصاره علي الخطية والموت، ” ولكنه الآن قد أظهرمرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه ” (عب26:9)، ويشير انقضاء الدهور إلى زمان مجيئه الأول لكي يتمم نبؤات العهد القديم، فقد ولد ربنا يسوع المسيح وعاش علي الأرض واهباً عصراً جديداً هو عصر النعمة والمغفرة والذي سوف يستمر حتى يوم مجيئه الثاني. “وكما وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة هكذا المسيح أيضاً بعد ما قدم مرة ولكي يحمل خطايا كثيرين سيظهر مرة ثانية بلا خطيئة للخلاص للذين ينتظرونه ” (عب 27:9). في الاصحاح العاشر كان الشعب في يوم الكفارة العظيم من كل سنة يجتمعون لتقديم ذبائح متذكرين خطاياهم ، ويشعرون مرة أخرى أنهم مذنبين يترجون مغفرة خطاياهم، ونظرا “لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا “(عب 4:10)، لذلك فهم في احتياج لمغفرة خطايا دائم وهذا لن يتحقق إلا بربنا يسوع المسيح الذي يمحوالخطايا ويرميها في بحر النسيان بمجرد أن نعترف له بخطايانا ونتوب عنها ثم نتقدم للتناول المقدس من جسده الطاهر ودمه الذكي الكريم. ثم اقتبس الرسول بولس من (مز6:40-8)” بمحرقات وذبائح للخطيئة لم تسر. ثم قلت هاأنذا أجئ في درج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله… ثم قال هاأنذا أجئ لأفعل مشيئتك يا الله. ينزع الأول لكي يثبت الثاني. فبهذه المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة.”(عب 6:10-10). فقد كان صعود الرب يسوع المسيح إلي السماوات وجلوسه إلى الأبد عن يمين الله يعني انتهاء نظام الذبائح الحيوانية . ” وأما هذا فبعد ما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلي الأبد عن يمين الله منتظرا بعد ذلك حتي تضع أعداءه موطأً لقدميه. لأنه بقربان واحد قد أكمل إل الابد المقدسين “(عب13:10-14)، المسيح ربنا جالس علي عرش الملك والسلطان لأن خدمة قربانه قد اكتملت، وبموت ربنا يسوع المسيح على الصليب انشق حجاب الهيكل الرمزي من أعلى إلى أسفل (مت51:27-53) معلنا أن كل شئ قد ‘أكمل ” لأنه بقربان واحد قد أكمل إلي الأبد المقدسين. ويشهد لنا الروح القدس أيضاً ” (عب14:10-15)، فقد أكمل لنا النبؤات وأكمل لنا الخلاص ووهبنا الحياة الأبدية. ثم ينتقل بعد ذلك إلي تقديم دعوته بالثبات في الإيمان والرجاء والمحبة والأعمال الحسنة (عب19:10-25). معلنا الدينونة المخيفة لأولاد الله إذا أخطأوا بإختيارهم حيث “لا تبقي بعد ذبيحة عن الخطايا” (عب 26:10-27). “مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي “(عب31:10) “لأنه بعد قليل جدا سيأتي الآتي ولا يبطئ. أما البار فبالإيمان يحيا وإن ارتد لا تسر به نفسي. وأما نحن فلسنا للإرتداد للهلاك بل من الإيمان لإقتناء النفس” (عب 37:10-39). في الاصحاح الحادي عشر وصف الرسول بولس الإيمان بكلمتين محددتين وهما “الثقة ” و”الإيقان”، ويلزم لذلك أن يكون هناك نقطة بداية ونقطة نهاية. ونقطة البداية فهي أن نؤمن ونصدق أن الله موجود. ونقطة النهاية هي أن نؤمن بكل وعوده لأنه صادق وأمين، لأن الله ” ليس إنساناً فيكذب ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل. ويتكلم ولا يفي” (عد 19:23). ثم قام بعرض قائمة لأبطال الإيمان بالعهد القديم بحسب التسلسل التاريخي بشئ من التفصيل. مظهراً ادراكهم للحقائق الالهية غير المنظورة وعلي ثقتهم في ما هوعتيد أن يحققه لهم الله رغم أن المظاهر المنظورة والطبيعية كالسن يوحي بالنقيض (عب 9:11-11،17-18). ولكن الضمان الوحيد والأكيد الذي فيه الكفاية فهو في الله الحي وأمانته، لذلك نرى النبي موسى مثلا ” تشدد كأنه يرى ما لا يُرى. “(عب27:11)، وكان “حاسباً عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر لأنه كان ينظرإلي المجازاة ” (عب26:11). وأمثال هؤلاء وغيرهم من الشهداء يتخذهم الله خاصة له، ويتنازل ليدعي لهم الها، ويطلق على هذا الاصحاح الحادي عشر من الرسالة إلى العبرانيين ” باصحاح أبطال الإيمان” ونجد أنه ختم هذا الاصحاح بقوله “فهؤلاء كلهم مشهودا لهم بالإيمان لم ينالوا المواعد إذ سبق الله فنظر لنا شيئاً أفضل لكي لا يكملوا بدوننا. “(عب39:11-40). في الاصحاح الثاني عشر يحثنا الرسول على الرجاء الذي لنا في ربنا يسوع المسيح، متحلين بالصبر والجهاد ضد الخطيئة بقوة الروح القدس الساكن فينا “ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي فجلس في يمين عرش الله.” (عب2:12)، ولا يجب أن نضعف أونخور من الإطهادات والمضايقات لأن لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا. ثم قام الرسول بتذكيرنا فقال” لم تقاوموا حتي الدم مجاهدين ضد الخطيئة “(عب4:12)، وعلينا ألا نحتقر تأديب الرب “لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله” (عب6:12)، لأن تأديب الرب هذا لكي نشترك في قداسته (عب10:12). ثم يقدم لنا النصح والارشاد فيقول “اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب” (عب 14:12). وأعطانا مثالاً حياً وهو عيسو” الذي لأجل أكلة واحدة باع بكوريته. فإنكم تعلمون أنه أيضا بعد ذلك لما أراد أن يرث البركة رُفض إذ لم يجد للتوبة مكانا مع أنه طلبها بدموع” (عب16:12-17). في العهد القديم تقدم الشعب بخوف ورعدة إلي الله في جبل سيناء، أما في العهد الجديد فإن اقتراب الشعب إلي جبل الزيتون كان بفرح، لأن الله في العهد القديم كان يبدو بعيداً مخيفا حتي أن موسى النبي قال أنا مرتعب ومرتعد(عب21:12)، لكن بعد مجئ ربنا يسوع المسيح إلي العالم، صار لنا قبول إلي حضرة الله من خلال المسيح ربنا. وصار المسيحيون شركاء في أورشليم العلوية، لأن ربنا يسوع المسيح يملك على قلوبنا وأرواحنا ، والروح القدس ساكن فينا. أورشليم العلوية هي حقيقة كتابية أعلنها لنا الروح القدس في (رؤ 2:21). الشعب الإسرائيلي عند جبل سيناء كان يستعفي من المتكلم، ووجدوا أن صوته زعزع الأرض، واما الآن فإن الله يتكلم بالرحمة بواسطة الدم المرشوش، ولذلك يجد المسيحيون أنفسهم أمام من يخاطبهم في السماويات ليكشف لهم الحقائق الأخروية، علما بأن إله العهد القديم هو إله العهد الجديد ذاته وهو نفسه المتكلم في كل الأحوال بصرف النظر عن الطريقة التي يتكلم بها. لقد أعلن لنا الله في المسيح بواسطة الأنبياء كما ورد في (حج6:2) وأنه سينهي تعامله مع الكون بفعل دينونة حاسمة مزعزعا السماوات والأرض معاً (مر31:13)، (2بط7:3 )، وبذلك ننتقل من النظام الزمني إلى النظام الأبدي، فالنظام الزمني فيه الأشياء متزعزعة كمصنوعة لكي تبقى التي لا تتزعزع في النظام الأبدي ( عب25:12-29). في الاصحاح الثالث عشر يشدد الرسول بولس على” المحبة الأخوية في العائلة المسيحية ” من ضيافة الغرباء(10) (عب2:13)، التعاطف مع المقيدين في السجن والمذلين في الجسد (عب 3:13)، إحترام الزواج (4:13)، قناعة واكتفاء الإنسان بما يمتلك وألا يشتهي ما للغير(عب 5:13)، التعاطف مع المسيحيين المسجونين بسبب إيمانهم فزيارة المسجونين كأنما زار المسيح يسوع نفسه (مت36:25)، ونحترم قادتنا الروحيين، وأن نذهب إلي المسيح خارج المحلة حاملين عاره الذي احتمله (عب13:13). هذه المميزات والالتزامات المسيحية الخاصة تؤهلنا للدخول إلي الحضرة الالهية بالإيمان والرجاء والمحبة الأخوية في العائلة المسيحية وهي الكنيسة. هذه كلها جاءت وليدة الحقيقة العظمى التي جاهد من أجلها القديس بولس وهي أن ربنا يسوع المسيح هو المخلص الوحيد الذي ليس بأحد غيره الخلاص. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|