القيامة في الكتاب المقدس

[walaa farouk]

القيامةتتضمن القيامة بحسب تعليم الكتاب المقدس
قيامة الأجساد وتغيير هذه الأجساد وبقاءها إلى الأبد.
فيختلف هذا التعليم أذا عن عقيدة المصريين القدماء التي تقول بأن ال"باء" أو الشخصية الهيولية للإنسان الميت كانت تقوم بزيارة جسمه المحنط من وقت إلى آخر. ويختلف أيضا هذا التعليم عن الرأي الذي قال به الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن النفس هي الخالدة فحسب
. ويختلف أيضا عن القيامة والعودة إلى الحياة الأرضية المألوفة كما حدث في قيامة ابن أرملة نايين (لو٧: ١١-١٧). وكما حدث أيضا في قيامة لعازر (يو١١: ١-٤٤). ويمكن أن ندرس موضوع القيامة بحسب ما يأتي:
أولا القيامة في العهد القديم:
يظهر من الإيمان بالأثابة والجزاء الوارد في أي١٩: ٢٥-٢٧ بأن القيامة مفهومة ضمنا. وكذلك تذكر القيامة ضمنا في المواضع التي
يعبر فيها عن رجاء الحياة الآتية مع الله وفي حضرته في المزامير (مثلا ١٦: ٩-١١، ١٧: ١٥، ٤٩: ١٥، ٧٣: ٢٤) ويحدثنا إشعياء ٢٦: ١٩ عن قيامة المؤمنين، وكذلك يعلم دانيال ١٢: ٢ عن قيامة البعض للحياة الأبدية وقيامة آخرين للعار والازدراء الأبدي ويصف حزقيال في ص٣٧ نوعا من القيامة يرمز إلى نهوض شعب الله.
ثانيا القيامة في العهد الجديد:
(ا) قيامة المسيح: أخبر المسيح بقيامته من بين الأموات مرات عديدة قبل صلبه وموته ودفنه (مت١٢: ٣٨-٤٠، ١٦: ٢١، ١٧: ٩ و٢٣، ٢٠: ١٩، ٢٧: ٦٣ ومر٨: ٣١، ٩: ٩ و٣١، ١٠: ٣٤، ١٤: ٥٨ ولو٩: ٢٢، ١٨: ٣٣ ويو٢: ١٩ و٢٢). ولكن لم يدرك التلاميذ هذه
الأقوال تماما إلا بعد قيامة المسيح من بين الأموات. وأصبحت قيامة المسيح أحدى الدعائم الأساسية القويمة التي بنيت عليها مناداة الرسل فكان محور تبشيرهم أن المسيح قد قام من بين الأموات (أع٢: ٣٢ و١ كو ١٥: ٤). وتقدم الأناجيل وسفر أعمال الرسل ورسائل العهد الجديد
براهين وحججا للقيامة لا يمكن أن يتطرق إليها الشك وهي:
١- القبر الفارغ: تحقق لنا الأناجيل الأربعة بأن القبر الذي وضع فيه جسد يسوع بعد الصلب وجد في فجر أحد القيامة خاليا خاويا (مت٢٨: ٦ ومر١٦: ٦ ولو٢٤: ٦ ويو٢٠: ١ و٢). وأن لفائف الكتان والأربطة التي لف بها جسد يسوع وربطت حول رأسه وجدت موضوعة بكيفية جعلت يوحنا يوقن بأن جسد المخلص خرج من هذه اللفائف والأربطة بطريقة معجزية من دون أن تحل اللفائف أو تفك الربط (يو٢٠: ٥-٨). وقد أوضح الملاك حقيقة القبر الفارغ بالقول "إِنَّهُ قَدْ قَامَ" (مت٢٨: ٦). وقد حاول بعض قادة
اليهود ورؤسائهم أن يفسروا حقيقة القبر الفارغ بأن ادعوا أن تلاميذه سرقوا الجسد (مت٢٨: ١٢-١٥). ولكن يظهر بطلان هذه الأكذوبة في أن تلاميذ يسوع نادوا بالقيامة محققين أياها بالرغم عما جلبت عليهم هذه المناداة من السجن والموت. وقد حقق بطرس
القيامة بشجاعة وقوة في أورشليم (أع٢: ٣٢) حيث كان القبر الذي وضع فيه جسد يسوع قريبا وكان في استطاعة أي إنسان أن يراه فارغا.
٢- ظهور المسيح بعد القيامة: ظهر المسيح بعد القيامة لشهود كثيرين في أماكن عديدة متفرقة يبعد أحدها عن الآخر مسافات شاسعة،
وقد ظهر أيضا في ظروف ومناسبات متعددة ومتباينة:
(ا) فقد ظهر لمريم المجدلية (مر١٦: ٩).
(ب) ولبعض النساء التلميذات (مت٢٨: ٩).
(ج) ولبطرس (١ كو ١٥: ٥).
(د) وللتلميذين اللذين كانا ذاهبين إلى عمواس (لو٢٤: ١٥-٣١).
(ه) وللرسل العشرة وفي هذه المرة لمسوا يسوع وجسوه، وأكل أمامهم فأثبت لهم أنهم لا يرون رؤيا بل يرون حقا المسيح المقام (لو٢٤: ٣٦-٤٣).
(و) وظهر للأحد عشر رسولا وتوما معهم ولم يكن توما موجودا في المرة السابقة التي ظهر فيها المسيح للرسل ولذلك شك ولم يؤمن إلا لما ظهر لهم يسوع وتوما معهم (يو٢٠: ٢١-٢٨).
(ز) ظهر لسبعة من التلاميذ الذين كانوا يصطادون في بحر الجليل (يو٢١: ١-٢٤).
(ح) وظهر للأحد عشر رسولا في الجليل (مت٢٨: ١٦ و١٧).
(ط) وظهر لخمس مئة من المؤمنين (١ كو ١٥: ٦). وربما تم هذا الظهور في نفس الوقت الذي ظهر فيه للأحد عشر رسولا في الجليل.
(ي) ثم ظهر ليعقوب (١ كو ١٥: ٧).
(ك) وظهر للأحد عشر رسولا فوق جبل الزيتون عند الصعود (أع١: ٢-٩).
(ل) ثم ظهر لشاول الطرسوسي وقت أن كان عدوا للمسيحيين وكان ذاهبا إلى دمشق ليضطهدهم (أع٩: ١-٥). هذه السحابة من الشهود الكثيري العدد تؤيد من غير شك، حقيقة قيامة يسوع المسيح من بين الأموات كحقيقة تاريخية ثابتة.
٣- التغيير الذي حدث في حياة التلاميذ: فقبل أن رأى التلاميذ يسوع المقام وقبل أن سمعوه كانوا في حالة ذريعة من اليأس والخوف (لو٢٤: ١٧-٢١ ويو٢٠: ١٩). أما عندما رأوا المسيح المقام وعندما سمعوه، وعندما حل عليهم الروح القدس الذي أرسله إليهم حدث تغير عجيب معجزي في حياتهم فتحولوا من اليأس إلى الرجاء، ومن الخوف إلى الثقة والاطمئنان. وانطلقوا ينادون بالمسيح المصلوب المقام غير هيابين ومن دون خوف أو وجل.
٤- إقامة العبادة المسيحية في اليوم الأول من الأسبوع: كان يوم السبت هو يوم العبادة عند اليهود وفقا للوصية الرابعة (خر٢٠: ٨-١١). إلا أن المسيحيين الأولين وكان كثيرون منهم من أصل يهودي، كانوا يجتمعون في اليوم الأول من الأسبوع للعبادة وكسر الخبز (أع٢٠: ٧ و١ كو ١٦: ٢) وما حدث هذا التغيير إلا أكراما لقيامة المسيح التي تمت في يوم الأحد.
أن قيامة المسيح برهان قوي على أنه ابن الله (يو٢٠: ٢٨ ورو١: ٤). وهي التي تحقق لنا خلاصنا من الخطيئة (١ كو ١٥: ١٧) وتبريرنا (رو٤: ٢٥) وهي مصدر قوة الحياة المسيحية (في٣: ١٠). وهي أقوى ضمان للمؤمنين به على أنهم سيقومون من بين الأموات
(١ كو ١٥: ١٢-٢٣).
ثانيا القيامة العامة: لقد علم المسيح بوضوح بأن الموتى سيقومون. ولقد نقض حجة الصدوقيين الذين كانوا ينكرون القيامة، من أساسها. وأوضح لنا أنه بعد القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون وأنه لا يكون بعدها موت جسدي (مت٢٢: ٢٣-٣٣ ومر١٢: ١٨-٢٧ ولو٢٠: ٢٧-٣٨). وكثيرا ما نرى تعليم المسيح عن القيامة العامة مرتبطا بتعليمه عن الدينونة النهائية (مت١١: ٢٢ و٢٤، ١٢: ٤١ و٤٢، ٢٥: ٣١-٤٦ ويو٥: ٢٨ و٢٩).
وقد علم الرسل أيضا عن القيامة العامة التي فيها يقوم الأبرار والخطاة (أع٢٤: ١٥( عند الدينونة الأخيرة (رؤ٢٠: ١٢ و١٣). ويظن بعضهم أن "القيامة الأولى" المذكورة في رؤ٢٠: ٥ تشير إلى قيامة أجساد الشهداء، ويظن آخرون أن هذه العبارة تشير إلى انتقال أرواح المؤمنين إلى السماء. ويصف الكتاب المقدس جسد المؤمنين في القيامة بأنه سيكون في "عدم فناء" وفي "مجد" وفي "قوة" (١ كو ١٥: ٤٢ و٤٣(، وبأنه سيتغير إلى شبه جسد المسيح المجيد (في٣: ٢١). ويستخدم الرسول بولس القيامة كحافز للمؤمنين ليحفظوا أجسادهم نقية وليتجنبوا الخطايا الجسدية (١ كو ٦: ١٣ و١٤).