وبناء على ذلك ينبغي أن نُدرك أن في واقع حياتنا الروحية فأن خلاصنا يتم بتلاقي عاملان مُتلازمان جداً، هذان العاملان غير متساويين في قيمتهما، إلاَّ أنه لا يمكن الاستغناء عن أي عامل منهما، لأنهما متلازمان معاً، وهما:
(1) مبادرة الله (وهيَّ الأولى بالطبع) من جهة الجذب،
(2) الاستجابة البشرية (أي تجاوبنا لعمل الله)؛
وطبعاً وبكل تأكيد أن ما يعمله الله هوَّ الأساس المبني عليه تجاوبنا، أي هوَّ الأعظم والأكثر أهمية، بدون وجه للمقارنة مع ما نفعله نحن؛ ولكن مشاركة الإنسان واستجابته للنداء الإلهي وطاعة صوته هيَّ أيضاً لازمة بالضرورة.
=====
+ ففي حالة الإنسان، قبل السقوط، كانت استجابته لله أبيه (مصدر وجوده وحياته) بتلقائية طبيعية، بطاعة كاملة دون تفكير أو وجود شيء آخر يجذبه ويُغريه على العصيان: [أفعل أو لا أفعل، أطيع أم أعصى]، أي كانت بدون صراع، بل ممتلئة فرحاً وبهجة، فالله يتكلم والإنسان يسمع ويطيع ويستجيب فوراً وبسهولة، وذلك بمحبة أصيلة، وبتلقائية كتلقائية الأطفال في الفعل والعمل؛ ولكن في هذا العالم، وفي الوقت الحاضر، فإن في باطن الإنسان رغبة في طاعة الله، ولكن الرغبة تظل رغبة دفينة وكامنة في الإنسان إلى أن يتوب، أي يتغير بفعل نعمة الله: إذاً أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله، ولكن بالجسد ناموس الخطية. (رومية 7: 25)
=====