رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
*كورونا و محبة الله* *مقالة لنيافة الانبا باخوميوس مطران البحيرة وتوابعها* إنني يا أحبائي في هذه الأيام التي نحتفل فيها بالاعياد المقدسة وعيد القيامة المجيد و ما يصاحبه من أعياد يعز علينا أن نحتفل في هذه الأيام إحتفالاً مختلفاً ونشارك بعضنا بعضاً هذه الأيام المقدسة، ولكن ما يشغلني الآن هو لماذا يصنع الرب هكذا؟ ولماذا يسمح الله بكل ما فيها من الآلام؟ ونحن نعلم محبة الله في حياتنا ونحن ندرك بعمق الإيمان أن الله صالح و عادل ومحب ولكنه لا يقبل الشر و يتألم من الخطية التي يعيشها أولاده. هو سمح بما نعانيه لكيما يكون هناك دعوة عامة للتوبة وتجديد الحياة مع الله، وفي تاريخ البشرية نجد أن الله سمح بآلام كثيرة كان فيها دعوة الحزم والتوبة وتجديد الحياة مع الرب إن الله الذي يحبنا محبة كبيرة لا يريدنا أن نفقد الملكوت السماوي، والخطية هي المعطل الأول للملكوت السماوي لذلك سمح الرب في مرات كثيرة بدعوة التأديب لكيما يرجع الإنسان إلى فكره ويتأمل أبديته و يعرف قصد الله المعلن في أعماله. إن الله المحب الذي أحبنا أولاً ونحن نحبه سمح بالطوفان الذي أنهى البشرية كلها لأن شرها قد صعد أمام الرب وانزل النيران المهلكة على سدوم وعمورة وغيرها وصارت لنا نحن في هذه الأجيال تذكره لكيما نعيش في النقاوة للرب. لقد أنذر مدينة نينوى بالهلاك البشري، لكن محبة الله قبلت توبة أهل نينوى ورجع الرب عن غضبه، لذلك يا أحبائي نحن نؤمن بمحبة الله الكبيرة الفائقة، ونؤمن بعدله ورحمته نؤمن بطول أناته ولطفه، ولكن عندما تزداد قوى الشر والخطية لا يستطيع الله أن يصمت عن هذا الشر والخطية، لقدر رأينا في هذا العالم في هذه الأيام التمادي في الشر روحياً وأخلاقياً وإقتصادياً وسياسياً و إنسانياً ... إلى أخره. وتمادى البشر في الشر وبدانا نقرأ نماذج من الشرور لم نكن نعرفها ولا نتوقعها ولكن العالم يزداد فيها ورأى الرب الخليقة التي صنعها على مثاله تبتعد كثيراً عن حياة النقاوة. الله بعد أن خلق كل شىء وإذ هو حسناً جداً، والخليقة تغير سيرها وتغير سلوكها من أجل الخطية والشهوة والبعد عن الله. إن الله المحب هو عادل أيضاً وبقدر محبته هناك عدله أيضاً لذلك عندما تمادى الإنسان في شره، ويعلن عن عدم رغبته في التوبة ولايكون له إستجابة يُنزل الرب غضبه بعدله وسلطانه. الله المحب لا يتنازل عن محبته ولكن شر البشرية يلزمه بأنه يتعامل مع هذا الشر بحزمه ونقاوته لكيما يرجع كل إنسان عن طريق ضلاله ونحن نشكر الله أننا ندرك أن الله سيرفع غضبه عن البشرية التائبة ونرى الآن نماذج للتائبين الذين يرجعون عن طريق شرهم، وسوف يتدخل الرب بقوة ويرفع القلق والخوف وفقدان السلام والمرض عندما يرى جموع التائبين تتزايد إننا كبشر نشتاق إلى السلام لنرجع إلى صورته الإلهية التي جبلها عليها ونسمع صوت الرب يقول: "إن كنت أباً فأين كرامتي وإن كنت سيداً فأين هيبتي" وعدل الله لا يبطل لطف الله وصرامته، ونحن ننادي مع الرب: "إرجعوا إليَّ فأرجع إليكم" ونتعظ من عدل الله المعلن في الطوفان وسدوم وعمورة ومن قال إن هذا كان في العهد القديم ولكنه ينبغي أن نعرف أن كلمة الله هي هي أمس و اليوم و إلى الأبد ليس عنده تغيير و لا ظل دوران. أليس لنا أن نرى عدل الله وصرامته مع حنانيا وسفيرة وكلمات بولس الرسول عن خاطئ كورونثوس أن يسلم هذا للشيطان لأهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع ولقد عرفنا الكتاب المقدس أن هناك لعنات كثيرة تعلن في عدم إدراك الإنسان حياة النقاوة فيسمع صوتاً ملعوناً تكون في المدينة والحقل وملعونة تكون سلتك ومعجنك وملعونة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك، ونتاج بقرك وإناث غنمك، وملعوناً تكون في دخولك وخروجك يرسل الرب علينا اللعن والإضطراب والرجز في كل ما تمتد إليه أيدينا التي تعمله حتى تهلك وتفنى كثيراً من أجل سوء أعمالك إذا تركتني تكون سماؤك التي فوق رأسك نحاساً والأرض التي تحتك حديداً يجعلك الرب منهزماً أمام أعدائك (أمراضك والكورونا) تكون قلقاً في جميع ممالك الأرض. حقاً إن تاملنا في كلمة الله يرينا أحكاماً مخيفة ومزعجة هي هذه اللعنات ومن شدة ما فيها من رعب. إن اللعنات حلت على العالم نتيجة الخطية ونحن هنا إذ ننادي بعمل الروح القدس ونقول لكل أحبائنا في البشرية إرجعوا إليَّ فأرجع إليكم ونحن ندرك محبة الله الحقيقية التي تشفع فينا وتسامحنا وترجعنا إلى حضنه الإلهي ونرى في عدله محبته والمحبة لا تسقط أبداً. لكن "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك (وأنك لا تقدر أن تحتمل الأشرار وقد جربت القائلين إنهم رسل و ليسوا رسلاً وقد إحتملت ولك صبر، وتعبت من أجل اسمي ولم تكل) لكن عندي عليك : أنك تركت محبتك الأولى فأذكر من أين سقطت وتب وأعمل الأعمال الأولى، وإلا فإني اتيك عن قريب و أزحزح منارتك من مكانها، إن لم تتب" (رؤ2 : 2 - 5). إنها دعوة لنا جميعاً مفتدين الوقت فإن الايام شريرة لكيما ننادي بصوت عالي: "توبوا عن خطاياكم وإلا أزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب" إن لنا ثقة أكيدة في محبة الله الكاملة وعدله الحقيقي الذي يدعونا إلى التوبة العامة مثل ما تاب أهل نينوى فرحمهم الرب، ولكن مع إدراكنا عظم محبة الله ندرك أيضاً عظم عدله وغيرته على وصاياه حتى تكون فرصة لكل إنسان لكيما يرجع إلى الرب تائباً عن كل خطية، وكثيراً ما تخطئ عندما نتأمل محبة الله ونستمر في خطايانا ظناً أن الرب بمحبته يقبلنا ولكن كلمة الله قوية وواضحة: "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|