حبة الخردل
المكان الذي تُزرع فيه، هو الذي سيحتم نهاياتك، هل هو حقل العالم، أم حقل الله؟!
أصغر البذور!
من منّا ولد عازفًا مشهورًا، لاعب كرة قدم معروف، جراح ماهر، مهندس عبقري، فيزيائي لامع ………. القائمة طويلة. ولكن كل هؤلاء كانوا أطفال عاديين. ومن الممكن أيضًا أن يكون في طفولتهم، نالوا قسطًا وافرًا من الإهانات. ففي بداية الأمر كان الغالبية من الناس يرفضون يسوع وما يقوله. وبالمثل كان الأمر مع التلاميذ، فمنهم رفضت الجموع الكثير ولم يرغبوا في سماع بشارتهم. لهذا يشبّه ملكوت السماوات تلك الحبة، فهي صغيرة ككل البدايات.
وصفة النمو ..
ولكن يبقى هنا السؤال كيف نجحت خدمة هؤلاء الرسل؟
تكمن الاجابة في تلك الكلمات الصغيرة “أخذها إنسان وزرعها في حقله” فمن أين تستقي أنت طعامك وشرابك؟ في مزمور واحد يؤيد المرنم ما يريد يسوع أن يعلمه في هذا المثل؛ فإن الإنسان الملازم لكلمة الله ويلهج في وصاياه، يكون مغروسًا بجوار المياه. ليس هذا فقط بل مغروسًا في “حقله” فهو يرغب أن يحيا في ملء مشيئة الله. فالمكان الذي تُزرع فيه، هو الذي سيحتم نهاياتك. هل هو حقل العالم، أم حقله؛ حقل الله؟
متى نَمَت..
ولننظر إلى بطرس ذلك الخائف الذي فقد إيمانه وعاد إلى وظيفته القديم؛ عاد ليصطاد. ولم يعد وحده بل وآخذ معه باقي التلاميذ أيضًا. أنظر له الآن وهو يقود نفس التلاميذ ليبشر جهارًا بيسوع المقام، ليس هذا فقط بل يصرح علانية أمام الكهنة: “الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس”.
ما هذا الذي حدث لك يا بطرس، أوليس أنت أيضًا من أنكرته، وليس أمام بيلاطس بل جارية؟. لكنه نمى؛ لأنه زُرع في حقل الله، المكان الذي أراد يسوع أن يمكثوا فيه إلى أن ينموا ويتقووا؛ في العلية. فقط مع الصلاة وكلمة الله.
تتآوى..
ألا ترى الآن كيف نمت تلك البذار الصغيرة، وأصبحت شجرة كبيرة تظلل على كل تائهٍا. “فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم، وقالوا لبطرس ولسائر الرسل: ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة؟” فهؤلاء لم يجدوا سوى شجرة التلاميذ ليبيتوا في أغصانها.
هكذا صديقي يمتد ملكوت الله، فإن كنت تريد أن تصبح فرعا في تلك الشجرة الضخمة. ليس عليك إلا أن تُزرع في ذلك الحقل وتضع نفسك بين يدي الكرام، الذي قال: “أنا الكرمة الحقيقية ….. وكل ما (غصن) يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر”