منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 18 - 04 - 2018, 03:22 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,661

فالرب قبل أن يُنادي بحمل الصليب
مهد إليه بإنكار النفس
فالرب قبل أن يُنادي بحمل الصليب

لأنه يستحيل علينا أن نعيش كما يحق لإنجيل المسيح وندخل في شركة حقيقية مع الله والقديسين في النور بدون هذا الإنكار، بل أيضاً حتى التوبة نفسها يصير استمرارها مستحيلاً، لأننا لا نرغب في أن ننكر أنفسنا ونخرج خارج دائرتها، رافضين رغبة تنعمها بالشهوات الزائلة واللذات الوقتية، بل نضع الحجج والبراهين لتثبيت شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة كأنها شيء بسيط ومشروع، وبالتالي فأننا لن نرضى بالصليب لأننا لا نُريد أن ننكر أنفسنا بكوننا صرنا لآخر، أي صرنا لشخص المسيح العظيم القدوس، لذلك فأن المعوق الرئيسي للحياة الروحية هو اننا نعيش لأنفسنا، منحصرين فيها مُتممين كل رغباتها وما تشتهيه: لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَعِيشُ لِذَاتِهِ وَلاَ أَحَدٌ يَمُوتُ لِذَاتِهِ. لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ. لأَنَّهُ لِهَذَا مَاتَ الْمَسِيحُ وَقَامَ وَعَاشَ لِكَيْ يَسُودَ (κυριεύω) (والكلمة تحمل معنى: اختصاص قَضَائِيّ، السلطة القضائية، في سلطته؛ في نطاق اختصاصه، يملك؛ والمعنى العام = power to give orders and make others obey) عَلَى الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ. (رومية 14: 7 – 9)

لذلك علينا أن نُدرك أنه بدون إنكار النفس تستحيل التبعية تحت أي بند أو شرط آخر، فينبغي أن نُكرس قلبنا لهُ ولا نعرف أنفسنا بعد بحسب الجسد، بل نعرفه في حياتنا الشخصية كملك لهُ السيادة الكاملة بسلطان، وذلك بكونه إلهاً حياً لهُ المُلك والسلطان الأبدي وحضوره حضوراً مُحيياً، لذلك فأننا نخضع لهُ – بالتقوى والمحبة – خضوعاً كاملاً، وذلك مثل العبد لإرادة سيده والابن الطائع لأبيه، ومن أجله نحسب أنفسنا كغنم للذبح: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ» (رومية 8: 36)، وهذا هو سرّ الثبات في التوبة وضبط المسيرة الروحية كلها والسلوك بالطهارة والثبات في الحق وحياة القداسة وظهور ثمر غرس كلمته في قلبنا.
ومن هُنا يلزمنا أن نتعرَّف على الصليب لا بكونه مأساة، بل كنعمة خلاص، وبذلك نرحب به حينما يأتي إلينا، لأنه يأتي بفرح، لا في ذاته بالطبع لأنه مؤلم جداً وفيه ضيق عظيم، بل بسبب تبعية مسيح القيامة والحياة، لأننا ننظر لرئيس الإيمان ومكمله يسوع السائر بثبات نحو الصليب ليُرضي الآب: والذي أرسلني هو معي، ولم يتركني الآب وحدي لأني في كل حين أفعل ما يُرضيه (يوحنا 8: 29)[1].
فالمسيح الرب سار نحو الصليب – بخطوات ثابتة واثقة – حسب التدبير والمشيئة بدون أن يتملص أو يهرب أو يتذمرّ، بل كان مُصراً إصراراً على تتميم مشيئة الآب بطاعة كاملة حتى النهاية، أي حتى الموت موت الصليب، فأن كان بحسب الخليقة العتيقة آدم سقط في عدم الطاعة، أتى المسيح الرب من السماء مرتدياً إنسانيتنا، ليُطيع الآب ويفعل ما يُرضيه بصفته بكر الخليقة الجديدة: حِينَئِذٍ قُلْتُ: هَئَنَذَا جِئْتُ. بِدَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي. أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلَهِي سُرِرْتُ. وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي (إِنَّ مَسَرَّتِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَتَكَ الصَّالِحَةَ يَا إِلَهِي، وَشَرِيعَتُكَ فِي صَمِيمِ قَلْبِي). (مزمور 40: 7 – 8)
فالصليب لم يكن شيء مُفاجئ ولا طارئ أو عارض في طريق المسيح الرب، بل كان ضرورة حتمية واجبة حسب التدبير [الآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ!. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ (يوحنا 12: 27)]، وكذلك صار هذا لنا نحن أيضاً أساساً جوهرياً لحياتنا المسيحية حسب قول الرب نفسه عن تبعيته الحقيقية، لأنها ليست نظرية ولا حياة تنعم بالجسد وراحة في هذا العالم الحاضر وتحقيق كل ما نرغبه فيه حتى لو اتخذ طريقاً شرعياً بالصلاة، بل هي (أي الحياة المسيحية) سيراً أميناً مع المسيح الرب تحت المزلة والاضطهاد والآلام والرفض والتعيير من الجميع حتى الموت موت الصليب.
والصليب على هذا المستوى ليس نوع من أنواع الألم الطبيعي المُلازم للحياة الفانية كجزء لا يتجزأ منها، ولا هو قضية رفض من جهة مبدأ نتمسك به أو عقيدة نعتنقها وكانت سبب رفض ومقاومة الناس لنا لأننا لا نتوافق مع أفكارهم ولا نُرضيهم، لأن الصليب أن لم نعي واقعيته في حياتنا المسيحية الحقيقية الواقعية، فلن يصير سوى مجرد مصيبة من ضمن مصائب الحياة اليومية، أو تجربة من تجارب الحياة وضيقتها التي يراها جميع الناس بلا استثناء بسبب عامل الموت والفساد الذي سرى في البشرية مثل النار في الهشيم، أو نراه على أساس انه مرض جسدي يعترينا ونُصبِّر أنفسنا عليه، بكوننا نرى أن هناك عجز في الشفاء، لذلك نقول – مستسلمين لواقع – أنه صليبنا.
فللأسف أحياناً البعض – بعدم وعي – يفتش في حياته الاجتماعية عن صليب لنفسه، ويحاول أن يركض وراء الألم والرفض باستفزاز غيره من الناس بحجة أنه يوصل رسالة الخلاص، أو يحاول يصبر نفسه على آلام مرضه أو الضيقات المحيطة به في وسط العالم سواء مادية أو معنوية، فيخترع صليباً لنفسه – حسب تصوره الخاص – لا يجعله يتأصل في المسيح الرب ويسير في طريقه باستقامة، وبذلك يصير أسيراً لذاته فيتوجع أكثر بسبب تعقيد الأمور وشدة الأمراض التي تأتي على جسده الضعيف، وربما يدخل في دوامة نفسية تدمره داخلياً، ويحيا في صراع ونزاع مرير قد يسقطه في حالة من اليأس حتى يفقد كل رجاء وأمل في الحياة الحاضرة نفسها، وهذا يعتبر مرض نفسي خطير يحتاج علاج، لأننا لا نستحضر الألم أو نبحث ونُفتش عنه لنجلبه لأنفسنا، ولا حتى نخترع حجج لنُصبَّر أنفسنا على الضيقات ونُلبس كل شيء ثوب الصليب حتى نرتاح نفسياً، لذلك علينا أن نحذر ونفهم لأن الصليب بالنسبة للمسيحي الحقيقي ليس نوع من أنواع الاستسلام للأمر الواقع بسبب قلة الحيلة أو ضغوط الحياة التي ليست في أيدينا، ولا هو الحزن المُظلم أو اليأس المُدمر للنفس، أو رفض الحياة وعدم الرغبة في أن نعيش متمنيين الموت لأننا مكسورين ومحطمين بسبب ضيق الزمان الحاضر أو فقد الأحباء الذين كانوا سنداً لنا فيه.
فالصليب الذي يتحدث عنه الرب هو رضا القبول الكامل الواعي لمشيئة الله وتتميمها للنهاية بالموت لبلوغ القيامة، لأنه لم توجد القيامة بدون الصليب، فالموضوع ليس قناعة العقل قسراً أو التواء للحقائق بسبب ضعفنا النفسي، فنصور الضيق أو المحنة العادية التي نمر بها على أنها صليب علينا أن نقبله خاضعين خانعين مقتنعين جبراً أو استسلاماً، لكن الصليب – في واقعه – هو معرفة مشيئة الله بدقة والسير فيها بوعي وإدراك عالي بحكمة وتدبير حسن بكل رضا وطاعة بأمانة للنهاية: لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضاً مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِيناً إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ؛ كن صادقا وأمينا معه فتنال في كل حين بغيتك. (رؤيا 2: 10؛ سيراخ 29: 3)
لذلك ينبغي علينا أن نُميز – بوضوح – ما بين الصليب الذي حسب مشيئة الله لنتبع المسيح، وبين آلام الزمان الحاضر الطبيعية والتي ليست حسب مشيئة الله ولا تدبيره، مثل المرض الطبيعي وغيرها من مشاكل الحياة الحاضرة، لأنها بطبيعتها دخيلة بسبب الفساد وعامل الموت (بالرغم من أننا نشكر الله لأجلها أيضاً، وتدخل في سر التدبير الإلهي وتعمل أيضاً لخلاص النفس وبنيانها، الروحي السليم، لأن كل أو جميع الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله المدعوين حسب قصده)، وهذه تختلف جوهرياً عن قبول أوجاع صليب عار المسيح الرب لأن أساسه طاعة الإيمان الحي العامل بالمحبة، لأن القبول قبول أبناء الله المحبين لشخصه، العارفين مشيئته، وشهوتهم أن يتمموها للنهاية كما فعل الرب نفسه بطاعة مشيئة الآب التي يعرفها لأنها مُحدده واضحة أمامه لأنها عطيته: الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها (يوحنا 18: 11)، وسرّ الطاعة هنا هو قوة الحب الحقيقي الكامل.
+ اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ قَوِيَّةٌ كَالْمَوْتِ، الْغَيْرَةُ قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ، لَهِيبُهَا لَهِيبُ نَارِ لَظَى الرَّبِّ. مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِئَ الْمَحَبَّةَ وَالسُّيُولُ لاَ تَغْمُرُهَا. إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ تُحْتَقَرُ احْتِقَاراً. (نشيد 8: 6 – 7)
إذاً ما هو الصليب الذي يقصده الرب على وجه التحديد لكي نتبعه تبعية سليمة!
طبعاً هناك درجات متتابعة في الصليب مُعلنه في إنجيل خلاصنا، أن لم نعيها فلن نسير – أبداً – باستقامة في طريق الرب، ولذلك علينا الآن أن نشرح بالتفصيل قصد الرب كما هوَّ واضح في العهد الجديد، دون زيادة أو نقصان، لنستطيع أن نعي طريقنا المسيحي الأصيل لنسير فيه بكمال وعينا ونحيا مسيحيين بالصدق والحق عارفين مشيئة الله وتدبيره الحسن في حياتنا، مع الحذر من معرفته بفلسفة الفكر وقناعتنا الشخصية، أو بمنطوق النظريات والأفكار الإنسانية المقنعة ولا حسب الدراسات اللاهوتية الحديثة ولا حتى القديمة، ولا بمجرد انفعالات نفسية، لأن بطبيعتها متقلبة، لأن القلب نجيس ومخادع، أخدع من كل شيء فمن يعرفه؟.
لذلك نحتاج أن ننظر ونلاحظ أنفسنا بدقة وتدقيق شديد، لأن الحياة مع المسيح حياة واقعية، فلو لاحظنا أننا انفعلنا وتحمسنا، فهذا حسن، لكن علينا أن نفحص هذا الانفعال، فهل تحول لطاعة تُرجمت لعمل في واقعنا اليومي بتتميم مشيئة الله في حياتنا أم أنه مضى وانتهى ونُسي مع الوقت، ولم يعد سوى مجرد ذكرى وانتهت بزوال المؤثر.
_____________________
[1] وهنا السرّ كله بشعور البعض بتخلي الله عنهم لأنهم لا يعملوا ما يُرضي الله
رد مع اقتباس
قديم 18 - 04 - 2018, 06:41 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
walaa farouk Female
..::| الإدارة العامة |::..

الصورة الرمزية walaa farouk

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122664
تـاريخ التسجيـل : Jun 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 367,594

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

walaa farouk متواجد حالياً

افتراضي رد: فالرب قبل أن يُنادي بحمل الصليب

لذلك نحتاج أن ننظر ونلاحظ أنفسنا بدقة وتدقيق شديد، لأن الحياة مع المسيح حياة واقعية،

فلو لاحظنا أننا انفعلنا وتحمسنا، فهذا حسن، لكن علينا أن نفحص هذا الانفعال

موضوع جميل
ربنا يبارك خدمتك مرمر
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أن تحمل الصليب يعني أن تلبس التاج
ليتبعوه على هذا الطريق بحمل الصليب
في عيد الصليب كنائس تحمل اسم الصليب وأقدمهم في قنا
إشارة الصليب تحمل روح الإيمان المسيحي
دون الصليب تحمل سيفا لنحر البشر


الساعة الآن 05:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024