يحتفل المسيحيون في السادس من كانون الثاني من كل عام بعيد العماذ وهو الاسم الشعبي المتداول بين المؤمنين لذكرى اعتماد السيد المسيح في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان . وهو الحدث الذي ظهر المسيح للعالم علناً ومن الأسماء التي تطلق على هذا الحدث التاريخــي عيد الظهور الإلهي ، عيد الغطاس لأن عملية التعميد تتم من خلال تغطيس الطفل بالماء ، وعيد الدنح كما يسميه الكلدان في العراق و الدِّنحُ كلمة سريانيّة، تعني الظهورَ والاعتلانَ والإشراق، تعبّر عن المعنى اللاهوتي الحقيقي لعيد الغطاس، عيد اعتماد الرّب يسوع في نهر الأردن من يوحنا المعمدان، وبدء ظهوره للعالم. بشهادة يوحنا المعمدان له، وقد خصّه الله بوحيٍ منه فريد، فاعترف أمام الجميع:" هوذا حملُ الله الذي يرفع خطيئة العالم". و بانفتاح السماء فوقه: ظهر عهدٌ جديد بين السماء والأرض، ودخل الله في شركة جديدة مع البشر، في شخص ابنه يسوع المسيح المعتمد.
و بنزول الرّوح عليه يمسحه بطابع الملكيّة والنبوءة والحَبريّة، ويستقرّ عليه بشكل حمامة ترمز إلى الجماعة المؤمنة، أي الكنيسة التي أسّسها المسيح بالرّوح القدس. و بصوت الآب عنه يقول: "أنتَ ابني الحبيب، بك ارتضيت" فالدنح إذن هو عيد ظهور سرّ يسوع الناصري للعالم بصفته المسيح ابن الله الحقيقي، وظهور سرّ الثالوث الأقدس الآب والابن والروح القدس، في آنٍ معاً. كان عماد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان نجدها في الإنجيل المقدس كما يرويها لنا الإنجيليين متى ومرقص ولوقا أن يوحنا المعمدان كان يمهد الطريق للسيد المسيح ويدعوا الناس إلى التوبة واقتراب ملكوت الله كما وأنه دعا تلاميذه إلى إتباع يسوع المسيح حمل الله الحامل خطايا العالم . تصف لنا الرواية الكتابية أن أقدام السيد المسيح وطئت نهر الأردن وقدست مياهه وانفتحت السماء ونزل الروح القدس على هيئة حمامة واتى صوت من السماء يقول هذا هو أني الحبيب الذي عنه سررت .
ومن هذه الحادثة يعتقد المسيحيون أن السماء في ليلة عيد الدنح تكون مفتوحة والله يستجيب الطلبات والدعوات في هذه الليلة المباركة .
من كتاب : أؤمن وأعيش / المطران لويس ساكو / بغداد 1994 المعمودية والتثبيت (( مسحة الميرون ))
المعمودية هي سر الإيمان : أي العلاقة الحسية التي بها يعبر المسيحي بكامل حريته ووعيه ، عن إيمانه بالمسيح وبتعليمه ، والتجاوب مع كل ما يترتب عليه من التزامات وتضحيات ( وينطبق هذا على البالغين فيما يبقى بالنسبة للأطفال منوطاً بمدى شعور الأهل بمسؤولياتهم المسيحية ). إلى هذا الانتماء يرمز نزوله إلى الماء ( الغطس ) وكأنه يغرق أو يموت عن الخطيئة لينهض إلى الحياة الجديدة مع الله . والمعمودية ليست سوى بداية طريق تقود المعمد من خلال مفردات الحياة إلى ملئ قامة المسيح. وهذه الطريق يسلكها مع أهله والإشبين ومع الجماعة الكنسية التي يصبح عضوا فيها: فيأخذ من الجماعة لقدر ما يعطي لها... وهكذا تقوم شركة بين المعمد والمسيح، وبينه وبين الجماعة المسيحية((الكنيسة)) التي اندمج فيها. وتتعمق هذه الشركة بقدر ما يعي المعمد التزاماته ويستثمر مواهبه لمنفعة الجماعة. أما سر التثبيت ،ففي التقليد الشرقي يسمى((مسحة الميرون)) ويمنح في رتبة واحدة بعد العماد مباشرة، وفيه كما في سائر الأسرار،يلتقينا الله فنعطى الروح القدس لمواصلة عمل يسوع في بناء ملكوت الله. أننا في التثبيت ندرك تماما أننا شهود للإنجيل ورسل له.
الاحتفال ورموزه
1- تسجيل الاسم: أنها المرحلة الاولى. يسجل الكاهن اسم المعمد –ويتخذ عادة اسم قديس- في سجل خاص كعلامة انتمائه إلى عائلة المسيح ((الكنيسة)) ،حافظة الأيمان
2- الكفر بالشيطان واعلان الإيمان: يحدد طالب العماد جهارا موقفه من الخطيئة والشر ويعلن عزمه في عيش متطلبات إيمانه بامانة.فيكفر بالشيطان واعماله ويعلن إيمانه بالله خالق الكل وبالمسيح مخلصا وبالروح القدس حياة وبمعمودية واحدة وبقيامة الموتى وبالكنيسة الواحدة الجامعة.
3- المسحة بالزيت: هذه المسحة بالزيت المقدس إشارة إلى انتمائه إلى الله وارتباطه صميميا بالآب الذي يحبه والابن الذي يخلصه والروح الذي يقدسه
4- خلع الملابس والتغطيس: خلع طالب العماد ثوبه قبل النزول في الماء يرمز إلى خلع الإنسان القديم والتحول إلى الإنسان الجديد. أما التغطيس في الماء فيرمز إلى الموت عن الماضي الفاسد، في حين يشير الخروج منه إلى النهوض لحياة جديدة أي حياة الأبناء
5- الثوب الأبيض والاكليل: يرمز الثوب الأبيض إلى الحياة الجديدة المبنية على المسيح القائم،والاكليل إلى المجد الذي يناله أن هو بقي أمينا على النعمة.((بعد العماد يرتدي المعمد ثوبا ابيض ،رمز الانسان الجديد والخلود والنقاء وتمام الازمنة.. فمعموديتنا ترمز إلى العرس وثوبه إلى المجد المعد له،وجمال حلته يشير إلى جمال العالم الآخر. وما هو رمز الآن يصبح حقيقة آنذاك)) (نرساي الموعظة 21)
6- مسحة الميرون:الميرون خليط من زيت وعطور، والمسحة بالميرون ترمز إلى التثبيت في المعمودية والى مسؤولية المعمد بنشر عطر إيمانه في كل مكان بواسطة استثماره للمواهب التي يمنحه إياها الروح القدس ." نحن الذين اعتمدنا فيك أيها المسيح احفظنا في ثوب ضيائك المجيد..انتم الذين اعتمدتم في المسيح قد لبستم المسيح. جميعكم أبناء لله في الإيمان بيسوع المسيح .اما تعلمون إن أجسادكم هي هياكل الروح القدس مجدوا الله واحملوه في اجسادكم. "