رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قلب الملك قَلْبُ الْمَلِكِ فِي يَدِ الربِّ، كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ حَيْثُمَا شَاءَ يُمِيلُهُ [1]. في الليلة الأخيرة من مملكة بابل أراد دانيال النبي أن يكشف لبلشاصر الملك أن الله وراء قيام كل مملكة، له خطة خاصة في حياة كل ملك، هذا الإله الذي دنس بيلشاصر آنية بيته (دا 5: 1-4)، فقال له: "أنت أيها الملك، فالله العلي أعطى أباك نبوخذنصر ملكوتًا وعظمة وجلالًا وبهاءً.." (دا 5: 18 الخ). كل الملوك الأتقياء والأشرار، المؤمنون وغير المؤمنين، لن يتحركوا بدون سماح الله أو إرادته. كثيرون منهم يظنون أنهم قادرون على العمل على مستوى عالمي مثل فرعون مصر، وملوك أشور وبابل وقياصرة روما وإسكندر الأكبر ونابليون بونابرت. ولم يعلموا أنهم لن يستطيعوا العمل بدون سماح الله. لقد أعلنوا علانية أو سرًا استقلالهم عن الله. هذا ما يشعر به كثير من القادة، بل ومن الشعب أنهم يفعلون ما يشاءون. إننا في حاجة أن نحتفل يوميًا بإعلان اتكالنا على الله القدير وليس استقلالنا عنه. لقد أدركت أستير هذا وصرخت مع شعبها، وحرك الرب قلب الملك كما جاء في كل السفر، خاصة حين طار نوم الملك منه، وقرأ في سفر تذكار الأيام عما فعله مردخاي، وتحركت الأحداث لحساب شعب الله (دا 6). حركت يدّ الله كورش الفارسي، إذ قيل: "هكذا يقول الرب لمسيحه، لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أممًا..." إن كان هذا هو عمل الله حتى مع الملوك الأشرار، فكم يكون دوره في حياة مؤمنيه، إذ يقول لإرميا النبي: "قبلما صوَّرتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرحم قدستك، جعلتك نبيًا للشعوب" (إر 1: 5). كوازن للقلوب هو الطبيب الوحيد المتخصص في إصلاح القلب وتجديده، لذا نصرخ إليه في مقدمة الصلاة في كل ساعة: قلبًا نقيًا اَخلقه فيّ يا الله" (مز 51). من هو الملك الذي قلبه في يد الرب؟ 1. القائد البار: كل قائد بار يشعر أن دوره القيادي لا يقوم على نواله مركزٍ معينٍ، سواء على مستوى المجتمع أو الكنيسة، أو العمل أو الأسرة الخ، إنما يتحقق حين يقتني في داخله قلبًا ملوكيًا، باتحاده بالرب ملك الملوك. يسلك القائد في تواضعٍ وتسليمٍ بين يديّ الله الذي يوجِّه قلبه وعقله ومشاعره وأحاسيسه. فدوره القيادي في حقيقته هو سلوك حسب إرادة الله قائده. 2. القائد الشرير: يرى البعض أن الله يسمح به لتأديب الأشرار الخاضعين له ولتزكية أولاد الله، فيستخدمه الله للبنيان. بهذا فإن قلبه في يد الرب. وذلك كما قيل عن نبوخذنصر وغيره من الملوك الذين أذلوا شعب الله لتأديبهم، فدُعي نبوخذنصر الوثني الشرير عبد الرب. 3. كل نفس مقدسة تُحسب في عينيّ الله ملكة أو ملكًا، وكما يقول القديس يوحنا الحبيب: "وجعلنا له ملوكًا وكهنة لله أبيه" (رؤ 1: 6). يقول الحكيم: "نفوس الأبرار في يد الله" (حك 3: 1). * سلِّم نفسك في يديّ الرب. ليس فقط عندما ترحل من الجسد، بل وأيضًا عندما تكون في الجسد، إنها في يديّ الرب، وإن كنت لا تراها ولا ترى مصدرها ولا مكان بلوغها. إنها فيك ومع الرب. لهذا فإن "قلب الملك في يد الرب"، هذا الذي يقودها ويسود عليها. القلب أيضًا ممتلئ بالروح، لأن الروح هي الجزء الحاكم في النفس، وهي قوة النفس. أقول إن القوة لا تكمن في الذراعين، بل في المشورة، وفي ضبط النفس، والتقوى، والعدل. إن كان قلب الإنسان في يد الرب فبالأكثر تكون نفسه[653]. القديس أمبروسيوس القديس باسيليوس الكبير هل تظن ولو إلى لحظة أن قلب يوليانوس الجاحد في يد الله؟ حاشا! أو قلب نيرون أو مكسيميانوس أو ديوسيوس المضطهدين؟ حاشا! إنه يتكلم عن أولئك الذين يتحكمون على الخطية، فالآن هؤلاء قلوبهم في يد الله ينتصرون على الرذائل وشهوات نفوسهم ويغلبون الخطية[655]. * هل قلوب يوليانوس المضطهد أو نيرون أو ديوسيوس في يد الله؟ لا! القلوب التي في يد الله هي قلوب الذين يسيطرون على أجسادهم ويخضعونها ويستعبدونها، لئلا وهم يكرزون للآخرين هم أنفسهم يُرفضون (1 كو 9: 27). هؤلاء هم الملوك الذين يقول عنهم الحكمة في سفر الأمثال: "يعطي ملوكية للملوك" (راجع أم 8: 15). القديس جيروم * معرفة أسرار الناس تخص الله وحده... "القلب عميق أعمق من كل الأشياء، أنه إنسان، من يقدر أن يعرفه؟!" (أم 21: 9 LXX)[658]. القديس يوحنا الذهبي الفم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|