21 - 07 - 2016, 05:34 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
مثل الزارع
(تعليمي)
نصُّ الإنجيل
هُوَذا الزارعُ قدْ خرَجَ لِيزْرَعَ. وَبَيْنَما هُوَ يَزرَعُ وَقََعَ بعضُ الحَبِّ على جانِبِ الطريق . فجاءَتِ الطيورُ فالتَقَطتْهُ . ووَقَعَ بعضُهُ الآخرُ على أَرضٍ رَقيقةِ التُرابِ, فنَبتَ مِنْ وقتِهِ لأَنَّ ترابَهُ لم يَكُنْ عميقاً . فلمَّا أَشرَقتِ الشمسُ احتَرَق, ولم يَكُنْ لهُ أَصْلٌ فيَبِس.
ومِنهُ ما وَقَعَ على الشَّوْكِ فارتَفعَ الشَّوْكُ فخَنَقَهُ. ومِنهُ ما وَقَعَ على الأَرضِ الطيِّبَةِ. فأَعطى بَعضُهُ مِئةً, وبَعضُهُ سِتّين, وبَعضُهُ ثلاثين.
(متى 13/3-9)
الفكرة الأساسَّية الواردة في هذا المثل
إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل هي أنَّ يسوع ابن الله يزرع كلام الله في قلب الإنسان كما يزرع الزارعُ الحَبَّ في قلب الأرض. وكما أنَّ الأرض على أنواع مختلفة, فكذلك قلبُ الإنسان. فهناك القلبُ الطائش, والقلبُ السطحي, والقلبُ المختنق بهموم الحياة الدنيا, والقلبُ الطيِّب.
وهذا القلبُ الطيِّب يثمر وحدَهُ ثماراً تدوم للحياة الأبديَّة. ولكن هذه الثمار ليست كلُّها على قدْر واحد,ٍ بل متفاوتة الكميَّة. وإليكم إيضاح هذه الفكرة.
الزارع هو يسوع نفسُهُ
جاء يسوع إلى الأرض ليفتدي الناس ويعلِّمهم التعليم الديني القويم وينشر في العالم ملكوت الله. فكان يتجوَّل في أرض فلسطين, ويزرع كلام الله في قلوبهم مِثْلَ الزارع الذي يتجوَّل في حقله وهو يزرع الحَبَّ في قلب الأرض.
وما هو الكلام الذي يزرعه يسوع في قلب الإنسان؟ إنَّه على نوعَيْن وهما : كلامُ الله الموحى إلى البشريَّة كلِّها, وكلامُ الله الخاصُّ الموجَّه إلى المسيحي الفرد.
الزرع هو كلام الله الموحى إلى البشريَّة كلِّها
الزرع هو الكلام الذي أوحاه الله إلى البشريَّة كلِّها بوساطة الأنبياء القدِّيسين, ثمَّ بوساطة ابنه الأوحد يسوع المسيح, وهو مكتوبٌ في الكتب المقدَّسة, ولا سيَّما في الأنَاجيل الأربعة التي كتَبها الإنجيليُّون متَّى ومرقس ولوقا ويوحنَّا, وفي الرسائل الإحدى والعشرين التي كتبها الرسل القدِّيسون, وأشهرُها رسائل بولس الرسول إلى المسيحيين الأوَّلين. وقد تسلَّمت الكنيسةُ كلام الله الموحى, وهي تحافظ عليه بكلِّ عناية و دقَّة وأَمانة, وتنشره في العالم بين الناس ليهتدوا به إلى الإيمان القويم.
إن هذا الكلام الموحى إلى البشرية يزرعُهُ يسوع في قلب الإنسان.
الزرع هو كلام الله الخاصُّ بالفرد
لا يكتفي يسوع بأن يزرع في قلوبنا الكلام الذي أوحاه الله إلى البشرية كلها، بل يزرع أيضاً في قلب كلّ واحد منّا بمفرده كلاماً خاصَّاً به يناسب وضعه الديني وحاجته الروحيَّة. ويستخدم يسوع ليزرع هذا الكلام طُرُقاً وأساليبَ متعدِّدة، منها:
- إنَّه يهمِس في قلبه فكرةً روحيَّةً صالحة هَمْساً داخليَّاً لطيفاً ليبعدَه في أثناء التجربة عن الشرِّ وارتكاب الخطيئة, ويقودَه إلى عمل الخير وممارسة الفضيلة. ونسمّي هذا الهَمْس الداخلي "صوت الضمير" وهو في الحقيقة صوت يسوع الإله فيه.
- إنَّه يقدِّم له نصيحةً روحيَّةً ملائمة بوساطة إرشاد والد تقيّ, أو توجيه كاهن فاضل, أو قول صَديق مُخْلص. وهذه النصيحة تردُّه عن الشرّ, وتقوِّي فيه الإيمان, وتقوِّم لدَيْه الأخلاق, وتدفعه إلى أن يعيش وَفْقَ أوامر الله ووصاياه.
- وإنَّه يهيِّئ له الإطلاع على قدوة صالحـة تظهر في سلوك صديـق أمين, فتكون لـه هذه القدوة مثلاًً ونوراً وهدايةً في حياته الروحيَّة, وتحمله على أن يرتدع عن الخطيئة و يسير في طريق الخير والفضيلة والطاعة لإرادة الله تعالى.
- وإنَّه يسمح أحياناً بأن تنتابَهُ مِحنةٌ جسديَّة أو ماديَّة أو روحيَّة فتهزُّه هزَّاً روحيَّاً قويَّاً وتُعيده إلى طريق الصواب في تفكيره الديني وتصرُّفاته الخُلُقيَّة.
وهناك أساليب أخرى خفيَّة لا حصر لها يكلِّم يسوع بها المسيحي ليوطِّد في قلبه الإيمان, وينعش في نفسه حُبَّ الفضيلة, ويحبِّب إليه الإقبال على الأعمال الصالحة. وهذا الكلام الخاصّ بالفرد هو كلام الله بالمعنى المجازي لا المعنى الحصري.
|