الإيمان والإيحاء السيكولوجي:
ربما تقول يا أخي أن هذا ضرب من الإيحاء السيكولوجي. كيف أؤمن أنني شفيت وأنا لازلت مريضاً؟ وكيف أؤمن أنني قوى وأنا لا زلت ضعيفاً، اللهم إلا إذا كانت مجرد إيحاءات سيكولوجية!!.
أخي لقد نجح الشيطان في اكتشاف هذا التعبير وتلقينه لعلماء النفس لكي يحطم مفهوم الإيمان. فحقيقة أن الإيحاء السيكولوجي يشبه الإيمان إلى حد كبير في أنه يريد أن يعطي الإنسان ما ليس فيه، فان كان مريضاً يريد كل منهما أن يعطيه الشفاء، وإن كان ضعيفاً يريد كل منهما أن يعطيه قوة، وإن كان حزيناً يريد كل منهما أن يعطيه فرحاً.. الخ. ولكن الفرق بين الاثنين هو فرق جوهري .. فالإيحاء السيكولوجي يستند على لا شئ فهو مجرد تمنيات ورجاء ليس له ركيزة ولا سند. أما الإيمان فهو ثقة بالحصول على ما يرجوه الإنسان "الإيمان هو الثقة بما يرجى" (عب1:11). وهو متأكد أنه قد نال ما يرجوه. فالإيمان له ركيزة قوية وسند قادر ألا وهو الله الأمين الطيب. فلا تخلط يا مبارك بين الإيحاء السيكولوجي والإيمان اليقيني. فهل كان إيمان صاحب اليد اليابسة إيحاء سيكولوجياً عندما قال له رب المجد "مد يدك" (مر1:3ـ6). وآمن بأنها قد شفيت وعلى هذا اليقين "مدها فعادت سليمة كالأخرى" (مر6:30). ولاحظ يا أخي أن عودتها سليمة تم بعد مدها. لأنه وثق في الشفاء قبل أن يراه لأنه كان ينظر إلى يسوع الطبيب الشافي. وهذا الكلام ينطبق أيضاً على العشرة البرص.(لو11:17ـ19). فالمسيح أمرهم أن يذهبوا إلى الكهنة قبل أن يشفوا، فانطلقوا على هذه الثقة أنهم قد نالوا الشفاء ويقول الكتاب "وفيما هم منطلقون طهروا" فهل كان انطلاقهم إيحاء سيكولوجياً. أم إيماناً يقينياً. الفرق بين الإيمان والإيحاء السيكولوجي أن الإيمان يرتكز على يسوع أما الإيحاء فيرتكز على لا شئ!!.
هل تؤمن إذن أن يسوع مستعد أن يقبلك ويغفر كل خطاياك ويبررك، ويقدسك، ويمجدك؟!.
الرب يعطيك هذا الإيمان. لأن الإيمان هبة كما يضح لنا بولس الرسول في قوله "لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان، وذلك ليس منكم هو عطية الله.(أف8:2). وقد أكد هذه الحقيقة القديس أوغسطينوس بقوله "وخشية أن يفتخر أحد أن الإيمان عمل بشري مستقل عن النعمة، يوضح الرسول أن الإيمان هو أيضاً من عمل النعمة بقوله: "وذلك ليس منكم هو عطية الله" (أف8:2).
(N.P.F.1st. Ser. Vol.V P.229)