عوامل الخطية
توجد عدة عوامل تسب السقوط في الخطية منها:
1- الطبيعة الوراثية:
تلك هي الطبيعة الفاسدة التي ورثناها عن أبوينا الأولين آدم وحواء، الطبيعة الملوثة بجرثومة الخطية والإثم "هاأنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي" (مز5:51).
هذه الطبيعة الوراثية هي قوة ضغط لا يمكن للإنسان أن يضبطها إلا بمعونة إلهية. وعن هذه الطبيعة كتب بولس الرسول قائلا: "أرى ناموسا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي"(رو23:7).
ألا تشعر بتأثير هذا العامل في حياتك، فترى نفسك بالطبيعة ميالا للخطية؟. في الواقع يا أخي إن هذا العامل هو أقوى العوامل التي تجرف الإنسان إلى تيار الإثم … هذا العامل هو الذي دعي بولس الرسول أن يطلق صرخته المدوية "ويحي أنا الإنسان الشقي. من ينقذني من جسد هذا الموت"؟! (رو24:7).
لا تخف يا أخي من جبروت هذا العامل فقد وجد بولس الرسول القوة التي أعتقته من سلطانه وأعلنها لنا بقوله "ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية والموت"(رو2:8).
ويقصد بناموس روح الحياة "الروح القدس" فالروح القدس قوة تهيمن على ميول الطبيعة القديمة وتضبطها وتحرر من سلطانها.
فان كنت مهزوما من سلطان طبيعتك القديمة سلم قيادة حياتك للروح القدس، روح القوة ولكن دائم الخضوع للسلطة، والوجود في حضرته وتحت مظلته بروح الصلاة الدائمة والالتصاق به فكرياً وقلبياً وعملياً. فيعتقك من ناموس الخطية والموت.
2- البعد عن النعمة الإلهية:
ألا ترى يا أخي أنك كلما اقتربت من مصدر النعمة كلما شعرت بالراحة والسلام والغلبة؟ ففي اللحظة التي تبتعد فيها عن الله تسقط فريسة للخصم الزائر كأسد جائل ملتمسا من يبتلعه.
تأمل يا أخي _ ويا أختي ما حدث لدينة ابنة أبينا يعقوب يقول الكتاب "وخرجت دينة لتنظر بنات الأرض فرآها شكيم ابن حمور رئيس الأرض وأخذها واضطجع معها وأذلها" (تك.24). سقطت دينة في يد من أذلها عندما تركت خيام أبيها.. هكذا يا أخي حينما تترك خيام أبيك، خيام النعمة، لا بد وأن تسقط في يد رئيس سلطان الهواء الذي بذلك ويمرر حياتك. وما أجمل تصوير القديس أغسطينوس لهذا الأمر عندما قال: "لأنك إذا ما ابتعدت عن معرفة العلي بدون قوة تدعمك سقطت. لأن إبليس وملائكته ينصبون فخاخهم كما يفعل الصيادون. والذين يسلكون في المسيح تبتعد خطواتهم عن تلك الفخاخ، لأن إبليس لا يجرؤ على بسط شبكته في المسيح، فهو يقيمها على حافة الطريق لا في الطريق".
أتريد أن تنجو من فخاخ إبليس؟ اقترب إلى الله وامسك به فهو القائل "تعلق بي أنجيه. أرعه لأنه عرف اسمي يدعوني فأستجيب له. معه أنا في الضيق. أنقذه وأمجده. من طول الأيام أشبعه وأريه خلاصي" (مز14:91-16).
3- القرب من مجال الخطية:
وثمة عامل آخر من عوامل السقوط في الإثم هو القرب من مجال وتأثير الخطية، فمن ذا الذي يقترب من الحية وينجو من سمها؟ أو يمشى إنسان على الجمر ولا تكتوي رجلاه"؟.(أم28:6).
تأمل يا أخي سر سقوط أمنا حواء، فقد نهاها الرب عن الأكل من الشجرة، وقد حرصت فعلا على هذه الوصية، وذات يوم سولت لها نفسها أن تقترب إلى الشجرة المنهي عنها، فإذا بالحية تنتهز هذه الفرصة لتوجه لدغتها المميتة إلى أمنا المسكينة. لاحظ يا أخي تعبير الكتاب "فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل…"(تك6:3). وهذا يدل على أن حواء كانت قريبة من الشجرة فكان هذا سر سقوطها.
أو ليس هذا هو سر سقوط شمشون الجبار؟ لقد أقترب من مجال الخطية إذ ذهب إلى وادى سورق ودخل بيت دليلة واستسلم لها فأنامته على ركبتيها ودعت رجالا وحلقت سبع خصل رأسه وابتدأت بإذلاله وفارقته قوته.(قض.16).
عزيزي القارئ: أخشى أن تكون أهوجاً كما كان شمشون! فترتاد أماكن الدنس وتتردد على دور الملاهي والسينما والتلفزيون ظانا أنك قوى الإرادة، مدعيا أن هذه الأمور لا توثر فيك، أخشى أن تكون لك علاقات منحرفة مدعيا أنها علاقات شريفة. أحذر فان النهاية تعيسة! لأن الخطية لذيذة في بدايتها، وطريقها غامض في أوله تخدعك ثم تقتلك فقد خدعت بولس الرسول من قبلك فقال "لأن الخطية.. خدعتني وقتلتني".(رو11:7).
أخي إنها ساعة لتستيقظ "فاهرب لحياتك.. ولا تقف في كل الدائرة لئلا تهلك" (تك17:19).
اقطع صلتك بالخطية، لا تذهب إلى الأماكن التي تعثرك، ولا ترتبط بالصداقات الشريرة، وابتعد عن كل ما يؤدى بك إلى عبودية الخطية.